في عدد (16/5/2013م)، صحيفة الرأي العام السودانية، كتبت الصحفية رقية الزاكي، نقلاً عن محمد إبراهيم الطاهر، قوله: "بأن حزبه يواجه تحديات، لأنه اختار طريق الآخرة، و طريق الرسول (ص)، و أبان أنه ليس حزباً عادياً". و أضاف: "أن حزبه يمر أيضاً بامتحانات و ابتلاءات، و أنه يمتحن في كردفان، من عصابات ليس لها دين و لا خُلُق و لا مُثُل، وتربت على مال حرام، و أخذت سلاحاً حراماً، وارتمت في أحضان اليهود". و أكَد:" أن حزبه تنظيم سياسي فريد من نوعه، لم يشهد السودان مثله في التنظيم و البرامج والشورى". و قال:" الآن خيرة القيادات في الوطني". إذن دعونا نترك، هذه الأوهام و الترهات جانباً، و نقرأ كيف، يبدو هذا "المؤتمر الوطني"، الذي يصفه الطاهر، بالأوصاف التي ذكرها ، في نظر غيره من الناس. و لا نقصد بغيره خصوم حزبه وهم كُثْر بالطبع، بل نقصد بهم، إخوة سابقين له، في ذات التنظيم. في مؤلفه "مراجعات الإسلامويين السودانيين"، لدكتور حيدر إبراهيم علي"،يقتطف الكاتب من قول عبد الرحيم عمر محي الدين،ما يلي:" في أثناء تطورات مذكرة العشرة، كان في القضايا، مسألة اختيار رئيس الجمهورية، والأمين العام للمؤتمر الوطني. ويقول يس عمر الإمام، أنه قدَم اقتراحاً خاصاً، باختيار رئيس الجمهورية، و وافق عليه عمر البشير مبدئياً. وبعد يومين أو ثلاثة لاقيت عمر البشير و قال لي:" أنه قابل وتشاور في اقتراحي، مع بعض الناس، وقالوا له رئاسة الجمهورية هي الأساس، وهي التي تحل مشاكل الناس، و أن الحزب و خلافه ده كلام ساكت". انتهى المقتطف. و يشير دكتور حيدر إلى أن هذا المقتطف جاء في صفحة (605) من كتاب عبد الرحيم عمر محي الدين. فالحزب الذي يراه رئيسه "كلام ساكت"، أي لا يسوي شيئاً، وفق مدلول العبارة، في عامية أهل السودان. يراه الطاهر حزباً ليس عادياً، بل سيوبر تنظيم، و فريدا من نوعه، لامثيل له. و من حقنا أن نتساءل هنا، أفلا يعني قول "رئيس الحزب"، بأن الحزب "كلام ساكت"، أن قيادته بالضرورة أيضاً، وباللزوم الحتمي، "كلام ساكت" أي لا تسوى شيئاً. فما الغرابة إذن أن ير الطاهر، في هذا "الكلام الساكت"، ما يراه و يفخر به و أكثر؟؟!!ألا رحم الله حكيم العرب و شاعرهم المتنبئ القائل: ومن جهلت نفسُهٌ قَدْرَهُ يرَ مِنهُ غيره م لا يرى وفي صفحات 545 -551 من المصدر السابق، يقول بهاء الدين حنفي:" الحركة الإسلامية كانت واحدة من مآسيها، أنها لم يكن فيها مجال للفكر. والذين كان يعوَل عليهم دائما، هم من لا علاقة لهم بالفكر، و لا رأي لهم يبدونه في أي موضوع من المواضيع". ويضيف:" ظلَت الشعارات مرفوعة، لمدة (35) سنة، و لم تتبلور في فكر أو موقف سياسي أو أطروحة فكرية مبلورة. وفي صفحة (599) من ذات المصدر، يسترسل المؤلف كاتباً، وفي إفادة عن اجتماع مجلس الشورى قبل المفاصلة يقول بدر الدين طه:" فالحكومة أعدت لهذا الاجتماع و موَلته احضاراً للأعضاء و جلبهم لكي يؤيدوا قرارات الرئيس، في الفقرة التي لم يتم الاتفاق عليها. ثم شراء الوزراء بالمناصب الوزارية، ناهيك عن أعضاء مجلس الشورى الذين تسهل رشوتهم بالمناصب، ترغيباً و ترهيباً ... القيم انتهت، لا توجد قيم في الحكومة". وعلى صفحة (193) من المصدر السابق، و صحيفة أخبار اليوم "14/10/2003م"، ينقل المؤلف عن يس عمر الامام قوله:" الحركة الاسلامية دخلت السلطة و خرجت مضعضعة، وفيها فساد شديد وفيها ظلم. و أدت مفاهيم معاكسة للقيم التي تحملها للناس. زارني بعض الاخوان بالمنزل وفيهم الترابي، وقلت لهم بأنني أخجل أن أحدَث الناس عن الاسلام، بسبب الظلم والفساد الذي أراه. وقلت لهم بأنني لا أستطيع أن أقول لأحفادي، انضموا للإخوان المسلمين، لأنهم يرون الظلم الواقع على أهلهم، "فلذلك الواحد بيخجل يدعو زول للإسلام في السودان، أنا بخجل غايتو". كم نقل عنه أيضاً قوله:" التجارة الآن امتلكتها الحكومة عبر شركاتها الخاصة، واليوم الذي تنهار فيه الحكومة، ستتكشف عورات كثيرة. أعتقد أن تجربة السودان، جعلت المواطن العادي، لديه ظن سيئ، في شعار الاسلام، و لا عشم له حوله". و في صفحة (9) من مجلة الخرطوم الجديدة (أكتوبر 2007م)، يقول الدكتور حسن مكي:" أهم اشكال يواجه الحركة الاسلامية، هو أن الولاء تحوَل فيها، من الأفكار والتنظيم للأشخاص. والسبب في ذلك طلب السلطة التي فيها المال و الجاه. الولاء للشخص أصبح مهما جدا، لأنه مفتاح للوصول إلي المال و السلطة و الوظيفة و غيرها. ولذلك حدث تغيير نوعي، في البنية الفكرية التي تقوم عليها الحركة الاسلامية". وفي صحيفة سودانايل الإلكترونية "19/9/2010م" أجاب الدكتور الطيب زين العابدين، على تساؤل عن مسئولية الحركة عما حدث في عهد حكمها بما في ذلك انفصال الجنوب بقوله:" هل الحركة الاسلامية حاكمة؟؟ المؤتمر الوطني نفسه ليس حاكماً، الذين يحكمون لا يتعدون (5 – 6) أشخاص. وهل الحركة السياسية موجودة على الساحة وتعمل؟ و أجيب و أقول لا توجد حركة اسلامية، لأنها جسم "مجمَد" تجتمع كل "4″ سنين لانتخاب أمينها العام، وبعد ذلك يضعونها في "الديب فيريزر"، إلي أن تنتهي فترة ال (4) سنوات تلك". و في صفحة 551 من مؤلف عبد الرحيم عمر، يقول أحمد عبد الرحمن:" الناس أصبحوا مسترخين، و ما يفقدوه هو الفكر، الآن المناخ أفضل كثير مما سبقه، ما ينقصه الرؤية، فالترابي فلتة لا تتكرر بسهولة". وفي مؤلفه "مقالات في النقد والإصلاح – الجزء الأول"، يرى الدكتور التجاني عبد القادر أن الانقاذ انتهت إلي تحالف ثالوث السوق و القبيلة والأمن، و يعجب لهذا الأخير الذي بلع التنظيم الذي أنشأه. إذ كيف تهيمن عناصر أمنية على تنظيم إسلامي". صفحة (124). و يستطرد متسائلاً:" لعلك تلاحظ أن الفلاسفة و المفكرين، يستهزأ بهم في داخل الحركة الاسلامية .... الخ". صفحة ( 284). و لا تدري كيف، يصف الشيخ القيادي الاسلامويالمخضرم، المناخ بالأفضلية، في تنظيم هو أحد قادته المؤسسين،و لا تدري ما هو معيار الأفضلية عنده،وقد أقر"بعظمة لسانه" بأنه يفقد الفكر و تنقصه الرؤية؟؟. ألا يستحق هذا الحزب، وصفه فعلاً "بالكلام الساكت"؟؟!!. غير أن ما نؤكَد هنا هو، أنه و في مثل مناخ"فقدان الفكر و نقصان الرؤية" هذا، " أحمد عبد الرحمن"، و مناخ قمع و اضطهاد الفلاسفة والمفكرين، والاستهزاء بهم داخل الحركة الإسلامية، "التجاني" ينمو ويتناسل ويتكاثر، قادة من شاكلة، مهندس بيوت الأشباح، و الطاهر، و الحاج ساطور، و نقطة نظام و أشباههم، تكاثر الفطر بعد هطول المطر. فما العجب إذا رأوا حزبهم سيوبر تنظيماً؟؟. جاء في صحيفة الشرق الأوسط (3/6/2013م)، ما يلي: "وصف القيادي الإسلامي الدكتور حسن مكي، حكومة عمر البشير، بأنها لا تحترم الدستور و لا المواثيق. و وصف إعلان اعلان البشير عن عدم الترشيح لدورة رئاسية جديدة، بأنه محاولة ل (إبطال الدستور) حنثاً بقسم حماية الدستور". وقال:" أن الناس في السودان فقدوا احترامهم لبلدهم بسبب هذه الحكومة و أن السوداني أصبح يخجل من نفسه". و استطرد قائلاً:" واحدة من اشكالات الإنقاذ، أن الترابي حين كان "يحكم من الباطن" أوكل شأن الدولة "لأهل الباطن" و نسميهم العسكريين و التنظيم الخاص، و أبعد الكفاءات طيلة (24) سنة، فأصبح الوضع كأنه "إبل بلا رواحل" .... الخ. لقد عزلت الإنقاذ الرواحل و تركت الإبل و الغنم سائرة". يزول العجب بالطبع، إذا علمت، أن أحمد إبراهيم الطاهر هذا، هو رئيس ما يعرف، بمجلس وطني الحزب الحاكم. و يمثل مجلسه المذكور النموذج حقيقي، للتحايل على التمثيل النيابي الحقيقي، و القائم على تغييب إرادة أغلبية الناخبين السودانيين، وتزوير و تزييف إرادة من شارك منهم، في انتخابات إبريل 2010م، بشتى أشكال التزوير والتزييف. و قد فضحت أشرطة الفيديو، في مواقع إلكترونية عديدة، كيف "خج" منسوبو حزب الطاهر، من القائمين، على إدارة انتخابات، الرئاسة و المجلس المذكور، صناديق الاقتراع "خجاً"، لتحقيق الفوز لحزب "بله"الطاهر"علي بلاَع" على رأي صديقنا الراحل الشاعر حميد. الميدان