هل سمع أحدكم بمعتمد بولاية الخرطوم اسمه أميرة أبو طويلة؟، أو قرأ شيئاً في الصحف عن ما أنجزه هذا المعتمد ولو كان ضئيلاً؟، أكاد أجزم بأن هذا المعتمد وغيره ممن يسمون معتمدي الرئاسة بالولايات، لا يعرفهم ولم يسمع بهم أحد أو يحس لهم أثراً في حياته، غير الدائرة الضيقة من أهلهم ومعارفهم وأصدقائهم والقيادات الحزبية التي عبرها تسنموا هذه المناصب الهلامية. بالأمس وبالصدفة المحضة وقعت عيني على خبر بإحدى الصحف ينقل حديثاً للأستاذة أميرة أبو طويلة بوصفها معتمداً برئاسة ولاية الخرطوم، تناولت فيه النشاط الذي تقوده الولاية برئاسة الوالي والوزراء ومعتمدي المحليات (لاحظ معتمدي المحليات وهي معتمد رئاسة) في إطار برنامج التواصل الاجتماعي الذي ابتدرته الولاية خلال هذا الشهر الفضيل، إلى آخر الخبر الذي لم يكن فيه لمعتمد الرئاسة الأستاذة أميرة أي دور واضح وملموس سوى أجر النقل والتصريح وبالبلدي «أجر البناول الطوب». الواقع أن المشكلة ليست في شخص الأستاذة أميرة يوسف أبو طويلة، وإنما في هذا المنصب الهلامي الترضوي الشرفي الحشوي المبتدع، الذي ليس له توصيف محدد ولا وصف وظيفي ولا مهام واختصاصات معروفة، وقد فرضه نهج المحاصصات الحزبية والقبائلية المعطوب، الذي انتهجته الانقاذ على سبيل الرشوة لبعض الأحزاب والقبائل والحركات لتسلكها في النظام وتأمن جانبها وشرها، ونظرة خاطفة على من يتولون هذا المنصب على امتداد القطر، تكشف لك أن حوالي تسعة وتسعين في المائة منهم إما من متمردي الحركات الذين سالموا أو من أحزاب الموادعة والتوالي الصغيرة المتشظية من الأحزاب الأم والأصل، فالأستاذة أميرة مع كامل الاحترام والتقدير لها، شخصية أعرف انها كانت ناشطة سياسية وحزبية لها كسبها ودورها غير المنكور منذ أن كانت عضواً فاعلاً ومن القيادات النسائية المعروفة بحزب الأمة القومي، قبل أن تخرج منه مع من خرجوا وكونوا حزب الأمة الاصلاح والتجديد برئاسة مبارك الفاضل، لتنشق مرة أخرى مع من خرجوا على مبارك وأنشأوا حزب الأمة الاصلاح والتنمية الذي ترأسه الزهاوي ابراهيم مالك. (أين هو الآن) وشغلت فيه الأستاذة أميرة منصب مساعد الرئيس وهي المحطة التي عبرت منها إلى هذا المنصب الذي أخمد ذكرها وأذهب بريقها وأبطل فعلها ومفعولها وحركيتها، فلم يعد لها نشاط يذكر أو سيرة تجتر سوى بعض المناسبات الثقافية والاجتماعية المحدودة، وافتتاحات بعض المشاريع الصغيرة التي تظهر فيها كضيف شرف، ذلك هو كل ما يفعله معتمدو الرئاسات بكل الولايات، يكادون لا يفعلون شيئاً ذا بال يؤبه له، حالهم كحال ذلك الموظف في الطرفة التي تحكي عن أن إحدى المذيعات أجرت استطلاعاً في أوساط الموظفين عن كيف يمضون يومهم العملي، قال أحدهم «بصحا من النوم، البس السفنجة، أدخل الحمام، أتسوك واستحمى وأغير وأسرح شعري وأبخ شوية كلونيا وأطلع من البيت أركب المواصلات، أدخل المكتب، أطلع من المكتب، وطالع وداخل لحدى الضهر أرجع البيت وهكذا دواليك». وبعد... أما آن الأوان والبلاد تستشرف كما قيل تغييراً وتعديلاً وإصلاحاً في بنية الحكم ومناهجه وشخوصه، أن تشطب الحكومة من سجلاتها هذه الوظيفة التي لا معنى لها غير أن تكلف الخزينة العامة صرفا لا داعي له ولا طائل من ورائه.؟ الصحافة