اعترضت قضية عنصر الامن السوداني المنشق حسب زعمه والذي استضافته قناة العربية امس الاول مسار وتطورات الوضع السياسي الراهن في السودان وترتبت عليها ردود فعل متفاوتة اجمعت علي عدم اهمية العملية واللقاء الذي حدث وقللت من اهمية الاقوال التي ادلي بها عنصر الامن المعني وشنت وهاجمت الصحفي الذي اجري معه اللقاء العديم القيمة والفائدة من وجهة نظر هذه الجمهرة من الناس التي تعبر عن اتجاهات الراي العام السودانية المتابعة للاوضاع من داخل وخارج السودان. ركزت ردود الفعل علي عدم اهمية العنصر الامني المهنية وعدم اهمية المعلومات التي بطرفه وعدم صلاحيتها للنشر الصحفي من الناحية القانونية وتصنفيها في اطار الدردشة والونسة الانطباعية. معروف عن مرحلة الساعة الثالثة والعشرون واللحظات التي تستبق تغيير الانظمة والحكومات خاصة الديكتاتورية منها تزايد اعداد الراغبين في النجاة والقفز من السفن الغارقة خاصة في زمن المعلوماتية وعصر الانترنت الذي سهل عملية الاعلان واشهار حالات البراءة من الانظمة والحكومات المنتهية الصلاحية ولكن العملية في مجملها وفيما يخص الحالة السودانية وغيرها لاتكتمل شروط البراءة وابراء الذمة فيها بصورة نهائية في حالة ارتكاب الطرف القافز مخالفات او جرائم او انتهاكات قانونية ضد المجتمع او الافراد وذلك حتي لاتختلط الاوراق ويتحول المشاركين في نظام او حكومة ما الي شهود ملك ضد بعضهم البعض. وقد استبقت هذه الظاهرة عملية اخري مشابهة في بدايات حكم الانقاذ وفترة التسعينات وبعد قيام التكوينات السياسية والاعلامية للمعارضة السودانية من قيادتها المركزية المفترضة في العاصمة المصرية وذلك بعد مخاض عسير ومعاناة شاقة واجهت الموجة الاولي من المعارضين خاصة الصحفيين والاعلاميين وبعض الناشطين في مرحلة ماقبل الاعلان الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي وتلك قصة يطول شرحها والخوض فيها ولكن الشاهد ايضا ان العاملين من الصحفيين في صحف الخرطوم والاتحادي وصفحتي الاشقاء الاسبوعية التي استضافتها صحيفة الوفد المصرية قد شهدت ذلك الوقت تردد اعداد من الناس الذين كانوا يزعمون الخروج علي نظام الانقاذ لاسباب مختلفة ومتعددة ويحملون معهم الكثير من الاوراق المشكوك في صحتها ولكن الناس ومن واقع التجربة الشخصية وتبادل المعلومات مع رفاق تلك المرحلة تعاملوا بحذر شديد مع هولاء, المنشقون المزعومون ومع مزاعمهم وقصص بعضهم الاسطورية التي يصعب تصديقها. اضافة الي هذه الفئة فقد ظهرت علي مسرح الاحداث حينها بعض الحالات الفردية الشاذة لافراد مشعوذون ومغامرون لاعلاقة لهم بالعمل العام والمعارضة او الانشطة السياسية خاصة ايام التحولات والتطورات الكبري مثل غزو الكويت والموقف السوداني الرسمي وردود الفعل الاقليمية والدولية التي ترتبت عليها حينها بطريقة اوحت بقرب وامكانية سقوط النظام السوداني في ذلك الوقت وهو افتراض كان اقرب للحقيقة لو صادف معارضة مؤسسية ومنظمة ,الفئة المذكورة بالغت في الادوار الدرامية والاتصال بالسلطات الاعلامية المصرية وتضليلها ورفدها بمعلومات وهمية مثل ذلك الذي اطلق علي نفسه لقب الفريق الحوت والذي قطع التلفزيون المصري الرسمي اخباره في ذروة التلاسن بين القاهرةوالخرطوم واذاع علي لسانه بيانا حربيا احدث ربكة حتي في صفوف العسكريين السودانيون وتنظيمهم المعروف باسم القيادة الشرعية الذين توصلوا مع السلطات المصرية بعد ذلك الي حقيقة الفريق المزعوم والشخصية الهلامية التي اذيع البيان الحربي علي لسانها. السودان الراهن يعيش لحظات حاسمة ويشهد تطورات مخيفة لايعلم الا الله كيف والي اين ستنتهي والامر جد لاهزل ولايحتمل الرجم بالغيب وذيادة عوامل الحريق بطريقة تفتح الباب امام الفوضي والدمار والحلول الاستئصالية ولكن الامنيات وحدها لاتفيد وانقاذ مايمكن انقاذه يتطلب ثمنا واستحقاق يتطلب بدوره اجماع والتفاف جميع اهل السودان بمختلف توجهاتهم ودعمه عبر عملية سياسية وخارطة طريق تفضي الي قيام سلطة وطنية انتقالية ومؤسسات عدلية انتقالية مهنية واحترافية تابعة لها وليست سياسية لكي تفصل في الامور والتراكمات والانتهاكات الملموسة والاخري التي في الصدور حتي لاتتحول بدورها في حالة الفوضي والفراغ السياسي الي حملات انتقامية علي الطريقة القذافية. اذا عجزت القوي السياسية السودانية عن بلورة كيان قومي موحد يطرح نفسه كبديل ينهض بهذه الاعباء الجسيمة وينهي بؤر التوتر والحروب ويعيد الامور سيرتها الاولي في مقابل تعنت وتصلب رسمي من قبل الحكومة وبعض اعوانها ومراكز القوي المسيطرة عليها يتوجب علي الجماعات الفئوية السودانية داخل وخارج البلاد ان تنهض بدورها بدور ما لسد حالة العجز والفراغ السياسي الراهن وتوابعه من الفوضي المحتملة خاصة قطاع القانونيين والصحفيين والاعلاميين وبقية التجمعات المهنية الاخري من اجل بناء دولة القانون ومؤسسات العدالة الانتقالية التي ترد حقوق المظلومين وتحمي الظالم من بطش العدالة الانتقامية الي جانب الحفاظ علي حق الدولة والمجتمع وامنه وسلامه بدلا عن الشهادات العشوائية من شهود غير عدول من ابطال الساعة الثالثة والعشرون ينطلقون من منطلقات واجندة شخصية [email protected]