احتفلت منظمة أروقة للآداب والفنون بمشاركة أسرة الأستاذ حسن نجيلة بمناسبة مرور 30 عاما علي وفاته التي وقعت في عام 1983م وقد تحدث عاصم حسن نجيلة عن الجموع التي شاركت في جنازة الأستاذ حسن نجيلة يوم وفاته حيث كان الناس يصطفون من مطار الخرطوم عند وصول الجثمان حتي المنزل وفي هذه لاحتفالية التي بدأت صغيرة من جانب أروقة علي أن تكون كبيرة في المستقبل( كما وعد الأستاذ السمؤل خلف الله مدير منظمة أروقة ) أحتشد الجمهور حتي ضاقت بهم قاعة اتحاد المصارف وقد تزامن الاحتفال مع تدشين كتاب الأستاذ حسن نجيلة (( ذكريات في البادية )) والذي قام بترجمته إلي اللغة الإنجليزية (( الدكتور أحمد علي الطيب اختصاصي علم الأمراض)). وذكرياتي في البادية عبارة عن سفر سطره حسن نجيله بحسه الصحفي خلال أربع سنوات قضاها الكاتب في رحاب بادية الكبابيش التي انتقل إليها من موطنه في سنجه حيث كان يعمل معلما وكان الغرض من ذهابه إلي بادية الكبابيش في العام 1931م هو تعليم أبناء السير علي التوم الذي كان يريد إرسال أبناءه إلي أم درمان للتعليم ولكن الحكومة الإنجليزية اقترحت عليه أن ترسل معلما ليقوم بهذه المهمة في البادية وكان ذاك المعلم هو (حسن نجيلة ) وقد تناول الكاتب رحلته من الأبيض إلي سودري بالسيارة ثم رحلته إلي حمرة الشيخ علي ظهور الجمال وبرفقة المفتش مستر لي( مفتش المركز) الذي كان في زيارة للشيخ علي التوم وكانت الجمال ترقل بهم إرقالا وهم يغادرون سودري الصغيرة متجهين إلي بادية الكبابيش. وتحدث عن وصوله إلي البادية وهو يري بيوت الشعر التي يسكنها البدويون وبيوت الشيخ علي التوم الذي كان له عدد من البيوت أشهرها (( البيت الكبير)) وفي هذا البيت وهو بيت زوجته الأولي وبنت عمه حليمه بت صالح رأي السير علي التوم وإكرامه لضيوفه وما إصطلح عليه الغداء في بيت الشيخ علي.. ثم تحدث أول مناسبة وافته هناك وهي مناسبة العيد و العيد في البادية والذي كان عبارة سباق ورقص وغناء وكان هو في شوق لحلول العيد لكي يري ما يفعله البدويون خلال هذه المناسبة الدينية العظيمة ... قال الكاتب حسن نجيلة: أقبل العيد ومنذ الصباح الباكر كان نحاس الشيخ يخصف كالرعد معلنا عن العيد وجبال الحمرا من حولنا تردد الصدى فيزداد الدوي عنفا وكانت الأكثرية تتجه إلي الصلاة علي الخيل والجمال وقل من كان يسعي بقدميه مثلي وازداد عجبي وأنا أري اسرابا من الفتيات والنساء وهن في أكمل زينة وأبهي حلة يتجهن أيضا صوب الصلاة وكن يتخطرن من هنا وهناك في ثياب زاهية ذات ألوان صارخة ، مشرقات باسمات ووجدتني أردد مع أبي الطيب المتنبي قصيدته المشهرة: من الجآذر في زي الأعاريب حمر الحلي والمطايا والجلاليب إن كنت تسأل شكا في معارفها فمن بلاك بتسهيد وتعذيب أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب حسن الحضارة مجلوب بتطرية وفي البداوة حسن غير مجلوب ويقول :كانت صلاة العيد في مكان رحب بالحي وقد دنوت من المكان وحولي الفرسان علي الخيول المطهمة وآخرون علي جمال صهب خفيفة الحركة .. ويقول لا تسألني كيف وقفنا للصلاة في صفوف تتلوي كالثعبان والفتيات خلفنا قيد أذرع منا وهمساتهن وضحكاتهن المنغمة تعبث بمشاعرنا وعطورهن النفاذة تكاد تصعد بهن أنفاسنا. وأمنا شيخ من الفقهاء الذين نزحوا إلي البادية منذ عهد بعيد واستقروا بها يبيعون الرقي والتعاويذ للبدويين تزوج من البادية وصار واحدا من أهلها وخطب خطبة العيد من كتاب قديم ممزق بلغة عربية فصيحة مسجوعة وأكاد أجزم أن احدا من المصلين لم يكن يعرف ماذا كان يقول الخطيب. وهناك شئيا هاما،، لقد نسيت أن أقوله وهو أن أكثر المصلين من الشيوخ جاءوا بشئ عجيب أن كلا منهم كان يحمل معه بعض (بعر) إبله ويضعه أمامه في احترام زائد قرب موضعه للصلاة وكنت أرقب هذا في حيرة بالغة وعرفت السر فيما بعد أنهم يتفاءلون بهذا ويعتقدون أنه يجلب السعادة لهم فتزداد إبلهم وتتكاثر وما كادت الصلاة تنتهي حتي عمد كل منهم إلي البعر الذي أحضره وصار (يشتته ) في اهتمام بالغ ألم أقل أن الإبل هي كل شئ في حياة البدويين وبعد صلاة العيد انطلقت الفتيات وهن يرددن أغاني البدوية الفصيحة والمعبرة: سمحات تلات فيات البل مع البنات وخيلا مربطات وصهبا مجنبات ليلة الكبوس كان جات في التور أبوضرعات وقد أسرع الفرسان إلي صهوات خيولهم ووقفوا صفوا في أول الميدان وفي مقدمتهم الشيخ علي التوم وأخوانه وكبار شيوخ القبيلة وكلهم علي صهوات الخيل ودوي النحاس يرتفع في قوة وعنف في طرف الميدان وبدأ عرض الفروسية وتعالت زغاريد النساء. وتواصل الغناء وحلقات الرقص بعد عرض الفروسية ويقول الكاتب وكانت تهزني هزا أغانيهم الساذجة الحلوة تتحدث عن عواطفهم المشبوبة وحبهم الجارف دون تورية أو خداع ولكم كانت تلك الأصوات تشدو بمثل هذه الأغنية العاطفية: سرجه علي مقافي ودعته في العافي يا تومي ما جافي عهدي المعاك صافي والشكر للأساتذة الذين ناقشوا الكاتب وهم البروفسير فريق شرطة عمر أحمد قدور والسفير النجومي والأستاذ الصحفي نور الدين مدني وشخصي الفقير إلي الله . == نواصل [email protected]