حسناً.. لا بأس أن يجيز البرلمان قانوناً للرفق بالحيوان، يكفل له حقوقاً طبيعية وفطرية لا خلاف عليها، مثل حقه في أن لا يتم تعريضه للعطش أو تجويعه أو تخويفه أو تعريضه لمؤثرات فيزيائية ضارة، ولكن الذي أشكل علينا ولم نفهمه في هذا القانون الذي سبقت به السنة المطهرة قبل أربعة عشر قرناً، في الحديث المشهور عن المرأة التي دخلت النار بسبب قطة، لأنها حبستها ولم تطعمها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، وغير هذا الحديث الشريف الكثير مما حفلت به نصوص الشريعة، بل أبعد من ذلك فقد كرم القرآن الكريم الحيوان بتسمية عدد من السور باسماء بعض الحيوانات، كسورة البقرة والأنعام والعنكبوت والفيل والنحل والنمل، وليس حفظ حقوق الحيوان هذه وتكريمه من (بدع) الغرب كما ذهب إلى ذلك د. نافع الذي ربما أحرجه علمه المسبق بأن حقوق الإنسان السوداني دعك من الحيوان مضاعة ومنتهكة، أقول إن الذي لم نفهمه في القانون المشار إليه هو ما جاء في بنده الخامس الذي يقرأ (إتاحة حرية التعبير للحيوان عن سلوكه الحيواني)، فهل يا ترى هناك مذكرة تفسيرية مصاحبة للقانون تفصل وتشرح ماهية هذه الحرية، أم يا ترى أن المعني هو أن يترك مثلاً الحمار ينهق أو (يفنجط) ويرفس كما يشاء، حتى لو أدى ذلك إلى إزعاج أو تسبيب الأذى لحيوانات أخرى دعك من بني الإنسان، وعلى ذلك قس بترك الكلب يهوهو ويعض والقط يموء ويخربش كما شاءا، فالقانون لم يذكر شيئاً عن ضوابط ومحددات لهذه الحرية، ولهذا لم نعرف ما إذا كانت هي حرية مطلقة أم أنها (محددة) بقوانين أخرى مثل حرية التعبير عند إنسان السودان بمحدداتها ومهدداتها المعروفة... وعطفاً على هذا القانون، لم أجد أي مسوغ للذين هاجموه باعتبار أن الإنسان الذي كرمه الله على جميع خلقه، كان هو الأولى بمراعاة حقوقه الإنسانية وكفالتها قبل حقوق الحيوان، ولهؤلاء نقول لماذا الحسد، إذا كان الله قد هدى أولياء الأمر وسخرهم لإكرام حيوانات السودان، فما يضيركم في ذلك، بل إن الموقف الصحيح منها يستدعي تأييدكم للخطوة ومباركتها وحراستها أيضاً من أي متغول عليها ومنتهك لها، فدعوا - هداكم الله - الحيوان يتمتع بحقوقه الحيوانية، وجدوا أنتم في نيل حقوقكم الإنسانية كاملة غير منقوصة.. وعن حقوق الحيوان في الغرب نهديكم هذه القصة.. رفعت سيدة قضية على جارها بتهمة أن كلبه خدش حياء كلبتها مرهفة الإحساس، ومارس معها الحب دون إرادتها مما تسبب لها في حالة اكتئاب، دفع الجار بأن السور الفاصل بين منزليهما عالٍ ولا يستطيع كلبه اجتيازه، قررت المحكمة إيفاد مندوب لمعاينة موقع الجريمة، المندوب وجد السور عالياً بالفعل ولكن عند دخوله إلى حديقة الجار عثر على دليل إدانة الكلب، حيث وجد نفقاً محفوراً ينتهي عند مرقد الكلبة، فتمت إدانة الكلب وتغريم صاحبه مبلغ علاج الكلبة من الاكتئاب.. فتأمل التغيير