كتبت في ملف تم نشره بموقع سودانيزاون لاين عام 2009 كان عنوانه :"في الذكري ال 19 لاغتيالهما :علي فضل وعصمت ميرغني"،وكانت فكرتي ان نتذكر زميلنا الشهيد علي فضل،والذي زاملته منذ المرحلة المتوسطة بمدرسة الخرطوم الاميرية الوسطي، وتفرقت بنا السُبل : التحق"عصمت ميرغني " بالكلية الحربية ، وستمرينا شخصي و " عهلي فضل " وانتهاءا بالسنوات التي قضاها بجامعة الخرطوم ،ومنها انتقل لجامعة الزقازيق بمصر ليكمل دراسة الطب.لكن اصرار زميلنا الصحافي" سالم احمد سالم" والمقيم بباريس وقتها،طلب مني إكمال اكمل سلسبيل الذكريات وجزء من التاريخ . الأمر الذي حفزني ليخرج الملف بعرضه التوثيقي بمشاركة نفرٍ من أعضاء المنتدى العام بشكله النهائي ،بعد عمليات قرصنة أصابت الملف ، وتم إعادته للحياة مرة أُخرى . (2) ومن ضمن محطات ذكرى الملف نقتطف منه : المحطة الاولي: أخي ورفيق دربي دكتور علي فضل : تذكرت لقاءنا أول أيامنا بالجامعة وأنت تطرح علي الانضمام للحزب.ولم تتلق مني إجابة؟؟ . أتذكر أيضاً أنك لم تكتف بذلك بل أرسلت زميل من كلية القانون بذات الطلب ، ولم يتلق الأخير مني ردا بالإيجاب ؟! للعمر مصادفة أن هذا الزميل يقيم معنا في المهجر . تغيرت الدنيا أيها الصديق ! . أهي مصادفة يا تُرى أن ظل معي الأخير يدور معنا في فلك المهاجر . لا أظنه سيذكر . المحطة الثانية: تذكرت آخر لقائي بك مصادفة بشارع الجامعة في أواخر أغسطس 1989 عام و أنت ذاهب للقاء وكيل وزارة الصحة ( د.خيري) وأنت كاره تلك المقابلة ، رغبتها لتمديد فترة ابتعاثك للتحضير لماجستير طب المجتمع بجامعة الخرطوم ، لأن العمل السياسي أثقل عليك كثيرا.. المحطة الثالثة: أذكر لقاءنا أيضاً في مناسبة زواج الأخ دكتور نجيب..وأنت تُعرِّفني بالشفيع خَضِر ،وتخبرني بتفرغه للعمل الحزبي..وكان تعليقي حينها: ( ما توفروا الزميل لعلاج الناس، من أدواء العمل السياسي.) ! ولم تجب أنتَ ؟؟ المحطة الرابعة: قرأت ما كتبه الرفاق عنك في "رابطة الأطباء الاشتراكيين" ولم تعجبني كتاباتهم البائسة، فخرجت فطيرة خالية من الوفاء للتضحية الكُبرى التي مهرتها أنت بالدم أثناء التعذيب إلى أن فارقت الحياة بين أيدي القتلة السياسيين . لم تكُن الكتابات تلك تحكي سيرة من نزر نفسه للعمل العام وأفنى من أجله الروح وهي أغلى ما يملك الإنسان فداء لوطنه ولقضيته التي نذر نفسه من أجلها . لم ترق تلك الكتابات لمكانتك ولا لروحك الطلقة واستشهادك المَهيب . استعجل الرفاق الكتابة ولم تكن لتصعد علياء قدرك ولا مكانتك العالية ولا قممك الشّماء . لم تزل أنت زمُردة في ذاكرة الوطنية وسنبلة غرزها الزمان في الأرض . . المحطة الخامسة: الان اراك تقف متمملا في الفردوس وانت تهتف بصوت عالي:"اوقفوا هذا العبث الذي يحدث في الحزب الذي افنيت زهرة شبابي من أجله"؟؟؟،لكن روحك السّمحة سوف ترفرف في سماء المؤتمر السادس للحزب، والذي سوف يعقد في أجواء خرطومية ملبدة بالسحب والغيوم ،وملبدة بتوترات سياسية علي جميع الأصعدة، ليس علي مستوي الحزب وحده،بل علي جميع الاصعدة السياسية بالبلاد. هل ياتري سوف يتذكرك الرفاق ،ويتذكروا مافعلوه برفيق نضالك الشفيع خضر.،والذي كانت تربطك به اكثر من العمل السياسي اليومي، والعمل المهني، وأنشطة رابطة الاطباء.؟؟ (3) ورد في كتاب أحد قيادات الحركة الإسلامية " المحبوب عبد السلام " ( الحركة الإسلامية السودانية – دائرة الضوء – خيوط الظلام – تأملات في العشرية الأولى لعهد الإنقاذ ) مجموعة من محاقن الجرائم المدونة ، ومنها قصة استشهادك نورد بعض قطف منها: صفحة 121 : (زاول التعذيب في بيوت الأشباح عناصر من الاستخبارات العسكرية ، شاركتهم عناصر من أبناء الحركة الإسلامية وعضويتها ، وجرت بعض مشاهده أمام عيون الكبار من العسكريين الملتزمين وقادة أجهزة الحركة الخاصة . واستنكرته كذلك فئة من أبناء الحركة ، واعترضت بالصوت العالي عليه داخل أجهزة الحركة ، ولكنها لم ترفع صوتها للخارج بالاعتراف أو الاعتذار في تلك الحقبة للذين وقع عليهم الظلم العظيم ، من كبار قادة المعارضة وصغارهم ) (وإلى تلك العقيدة التي ما لبثت أن استشرت روحاً سائدة في أروقة الأجهزة الأمنية ، يمكن أن تُفهم الجرأة البالغة لاتخاذ بعض قراراتها والحماس الشديد لإعدام كبار الأطباء الذين شرعوا في محاولة للإضراب ، أو تورطوا فيها ...) (4) تحية لك وأنت ترفل في هالة النور ومجد الوطنية ، وحري بالوطن أن يفرح بمزرعة الأجساد وطيب أريجها في أعماق الأرض . أتخيل روحك تقف في ركن قصي من فردوس الأرواح الهائمة ترقب مؤتمر حزبكم الخامس ينعقد بقاعة الصداقة. والرفاق فرحون بهامش الحرية الذي نعموا به في ظل سلطة الدولة، وها هو رفيق دربك في علاقتكما الخاصة ، يُعلن فصله في الصحافة ، وسمع بالأمر مثل سائر العامة من الناس . الخاتمة : هل و يا تُرى كنتُ أنا مُحقاً بأن أكون خارج حزبكم في تاريخ الطلب وأنت تدعوني للانتماء ؟! يوسف ادريس 26يوليو2016 * [email protected]