زرته وهو طريح الفراش في أحد مشافي الغلابة ، ومنذ وصولي الى الشارع الذي يطل عليه المشفى التعيس وجدت نفسي أكمم أنفي وأغض طرفي عن المشاهد التي لا تسر الخاطر، وتبتدئ هذه المشاهد من ( الخور) الممتد بطول المشفى وتطل عليه مباشرة بواباته والذي يمتلئ بمياه راكدة متعفنة ..أظنها (وبعض الظن اثم ) من بقايا الخريف الماضي وعلى جانبي (الخور )ترقد أكياس النفايات على امتداده بالجانبين في نومة عميقة ربما دامت شهورا تتكوم عليها أرتالا من الذباب والحشرات . دلفت الى داخل المشفى ورائحة ((العفن )) الذي يملأ الشارع صاحبتني حتى وصلت الى داخل غرف المرضى وانا في حالة من الذهول !!! نظرت الى الغرفة التي تمتلئ بالاسرة ..ليست بيضاء كما كانت في السابق بل بكل ألوان الطيف ، فكل مريض يحضر له ذووه مفرش سرير خاص به ،وكل سرير لا يفصله عن الآخر سوى بضعة سنتيمترات.. لا حواجز بينها ولا حتى ستارة وبالتالي فلا خصوصية للمرضى ..كلهم كأنهم أخوة في بيت واحد يتشاركون غرفة واحدة ..ألقيت نظرة على هذه الأسرة التعيسة فوجدتها أشباه أسرة غالبيتها أنهكه أنين المرضى المتواردين عليها فتهالك وتكسر ولم يهن على ادارة المشفى الاستغناء عنه أو تبديله بآخر فرفعوه بقطعة حجر أو جزء من خشب ليسندوا به رأس المريض أو قدميه !!!!!!!!! أما عن النظافة -والنظافة من الايمان ونحن بلد مسلم- فحدث ولا حرج ..أكواما من الغبار ترقد بارتياح منذ زمن على الأسرة والنوافذ والمداخل والأرضيات وأكواما من الأساوخ ملقاة على الأرض ..لم ار عامل نظافة واحد هناك ..فقط قابلت الممرضة الوحيدة التي تشرف على عنبر الرجال بكامله !!هل يعقل هذا؟ شعرت بالغثيان الشديد وكدت افرغ كل مافي جوفي وحملت هم أولئك التعساء الذين أجبرهم الحال على ارتياد مشفى البؤس هذا ..خرجت مسرعة من هناك وأنا أردد حسبنا الله ونعم الوكيل . هل هذا ما آل اليه حالنا ؟ والى هذه الدرجه النفس البشريه التي كرمها الله مهانة هنا ؟ والى من نشكو الحال؟ كنت أعتب على الأطباء الذين يحملون أحلامهم الكبيرة ويهاجرون بها خارج الوطن هجرة مكثفة حتى أغلق مشفى كامل قبل أيام بسبب هذه الهجرة ، لكنني الآن ألتمس لهم العذر ..فكيف سيعملون وكل المقومات معدومة فلا بيئة صحية ولا تمريض ولا معينات ولا .....ولا.... لك الله يا بلادي الجريدة