صدر بيان يبعث على الأمل من الحركة الشعبية يؤكد تماسك صفوفها، ووحدة إرادتها ، وهو أمُر كان متوقعا من حركة ظلت تناضل رغم كل الظروف من اجل بناء سودان جديد ،وليس معنى ذلك ان الصراع قد انتهى أو أن الخلافات قد تم طي صفحتها، لكن لغة البيان أكدت القدرة على إدارة الصراع بشكل ديمقراطى يحافظ على الهدف الأكبر هو وجود الحركة وتماسكها وسيرها لتحقيق هدف سودان ديمقراطي يسوده السلام الحقيقي. لكن ثمة قضايا لا يمكن النظر إليها باعتبارها تقع داخل الأطر التنظيمية للحركة فقط ، وهي قضية الحكم الذاتي، وتقرير المصير لبعض أجزاء السودان ، وفى حالة الاتفاق على أي مطلب منهما داخل الحركة الشعبية، فإن ذلك سيؤثر على السودان ككل، من ناحية نظام الحكم واقتسام الموارد والسلطة، وهنا فالسودان يملك إرثا في التجربتين، الحكم الذاتي وتقرير المصير، ودون الخوض فى مآلات التجربتين لأنها ماثلة فى حاضرنا الممزق، ثمة مخاوف حاضرة حول وحدة السودان ومصالح أهله، وهي مخاوف لا تأتي من فراغ، بل من حقيقة أكيدة، وهي أن التفاوض سيجري مع سلطة هي عدو بكل المقاييس لوحدة السودان . المطلبان حق، لكن من حقنا السؤال: لصالح من؟ فالحديث عن اقتسام السلطة والثروة ونظام الحكم راكم إرثا أدبيا للصراع فى السودان ، وحان الوقت لطرح السؤال حول المصالح الاجتماعية، فهي لا يمكن التعمية عليها بالمناطقية أو الجهوية أو حتى الإثنية، لايمكن إسقاط المصالح الطبقية فى بلد شهد حرب أهلية دامية أفضت لقيام دولة جديدة حملت ذات أزمات الدولة الأم، ويدفع ثمن الصراع الفقراء والمستبعدين. ربما هناك من يقول:(إن المؤتمر الدستوري كفيل بأن يضع الأمور في نصابها) لكن أرى أنه قد حان الوقت لفتح النقاش حول تلك القضايا، باشراك كافة قطاعات شعب السودان، هي أيضا لديها مطالب تدافع عنها بكل السبل المتاحة، ولاتخرج عن نطاق تقسيم السلطة والثروة، ومن المهم أن تكون فى إطارها الاجتماعى والطبقي. الميدان