إنهم لم يكونو كذلك في يوم من الأيام ... كما في قوله تعالى (( كنتم خير امة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر) ... بدايةً علينا أن نعرف ما هو الجرب ؟ : الجرب هو مرض جلدي معدي ويصيب الحيوان والإنسان تسببه القارمة الجربية أكثر الاعراض شيوعا هي الحكة الشديدة وطفح جلدي يشبه البثور، وفي بعض الاحيان يمكن رؤية جحور صغيرة على الجلد وفيه رائحة كريهة تنبعث من جلد المصاب ومن أسباب إصابته قد يكون نتيجة لعدم الإهتمام بالنظافة أيضاً ان ما أذكره في حديثي هذا لم اقصد به مباهاة او تغنيا بأمجاد المسلمون والعرب بعهد مضى كما لا اسعي الى محاكمة الحضارة الأوروبية بل انما اود ان اؤكد على استحقاقية العرب والمسلمون وحتمية الإقرار لدورهم الإيجابي في التاريخ بغض النظر عن إنتمائي للعروبة والإسلام ( لقفل الطريق أمام من يريد أن يشكك في عروبتي ) . وخاصة بعدما طمست معارفهم خلال القرون الوسطى وكادت شعلتها تنطفي الى الأبد وفي صراعاتهم الحديثة على السلطة والتسلط والتي قد تقصف بهم إلى الفناء مرة أخرى مما حذا بالكثيرين في زمن الإحباط تكرار القولة المشهورة التي تقلل من مكانتهم ( العرب جرب ). عندما كانت معظم بلدان اوروبا حتى نهايات القرن الخامس عشر في حالة من البدائية والهمجية وكانت حياتهم اقرب الى حياة سكان الأدغال تعاني شعوبها اقسى صنوف العذاب من الفقر والجهل والمرض لفترة جاوزت مئات السنين وكانوا الأوروبيون كريهي الرائحة بشكل لا يطاق من شدة القذارة وعدم النظافة .. وذلك في الوقت الذي كانت دولة الإسلام في الأندلس تعيش ابهى واعز ايام مجدها الحضاري وكان خليفتها هشام في العاصمة قرطبة يتلقى الرسائل من ملوك أوروبا لتعليم الأوروبيين الثقافة والأدب والنظافة والرُقي مثال ذلك الرسالة التي بعث بها ملك انكلترا (جورج ) يلتمس فيها نذرا من الثقافة العربية وهذا نص الرسالة ( منقول من كتاب الحضارة لحسين مؤنس ) : من جورج الثاني ملك انكلترا والغال (فرنسا) والسويد والنرويج الى الخليفة ملك المسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمة هشام الثالث: بعد التعظيم والتوقير فقد سمعنا عن الرُقي العظيم الذي تتمتع بفيضه معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج من هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء اثركم لنشر نور العلم في بلادنا التي يحيط بها الجهل من اربعة اركان. وقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة دوبانت على رأس بعثة من بنات اشراف انكلترا ارجو ان يكونوا موضع عناية عظمتكم وتحت حماية حاشيتكم الكريمة التي ستشرف على تعليمهن. وقد ارفقت مع الأميرة الصغيرة بهدية متواضعة لمقامكم الجليل ارجوا التكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص. من خادمكم المطيع جورج هذه الرسالة دلالة واضحة للمكانة التي كان يُحظى بها العرب والمسلمون في زمن الظلام الذ كانت تعيشه أوروبا وكذلك العظمة والتبجيل والإحترام التي كان يخاطب بها ملوك أوروبا ملوك العرب وهذا يدلّ على قوة العرب والمسلمون التي أجبرت الأوربيون وغيرهم لاحترامهم .. وصف مبعوث روسيا القيصرية ملك فرنسا لويس الرابع عشر بقوله ؛"أن رائحته أقذر من رائحة الحيوان البري" .. وكانت إحدى جواريه تدعى (دي مونتيسبام ) تنقع نفسها في حوض من العطر حتى لا تشم رائحة الملك.... الروس أنفسهم وصفهم الرحالة أحمد بن فضلان أنهم :"أقذر خلق الله لا يستنجون من بول ولا غائط" .. وكان القيصر الروسي ( بيتر ) يتبول على حائط القصر في حضور الناس. والملكة ( إيزابيلا الأولى ) التي قتلت المسلمين في الأندلس لم تستحم في حياتها إلا مرتين ، وقامت بتدمير الحمامات الأندلسية . ومنع الملك ( فيليب الثاني الاسباني ) الاستحمام مطلقا في بلاده ، وابنته ( إيزابيل الثانية ) أقسمت أن لا تقوم بتغيير ملابسها الداخلية حتى الانتهاء من حصار إحدى المدن ، والذي استمر ثلاث سنوات ؛ وماتت بسبب ذلك. هذا عن الملوك ، ناهيك عن العامة . والعطور الفرنسية التي إشتهرت بها باريس تم اختراعها حتي تذهب الرائحة النتنة الموجودة في أجسام الناس. وبسبب هذه القذارة كانت تتفشى فيهم الأمراض . وكان مرض الطاعون ينتشر فيهم فيحصد نصفهم أو ثلثهم بين فترة واخرى .. وحيث كانت اكبر المدن الأوروبية ك"باريس" و"لندن" مثلا يصل تعداد سكانها 30 أو 40 الفا بأقصى التقديرات ، ... بينما كانت المدن الإسلامية تتعدى حاجز المليون. وكان الهنود الحمر يضعون الورود في أنوفهم حين لقائهم بالغزاة الأوروبيين بسبب رائحتهم التي لا تطاق . يقول المؤرخ الفرنسي دريبار : نحن الأوروبيون مدينون للعرب ( يقصد المسلمين ) بالحصول على أسباب الرفاه في حياتنا العامة ، فالمسلمون علمونا كيف الرُقي وعلمونا كيف نحافظ على نظافة أجسادنا ، فإنهم كانوا عكس الأوروبيين الذين لا يغيرون ثيابهم الا بعد أن تتسخ وتفوح منها روائح كريهة ، فقد بدأنا نقلدهم في خلع ثيابنا وغسلها . وكان المسلمون يلبسون الملابس النظيفة الزاهية حتى أن بعضهم كان يزينها بالأحجار الكريمة كالزمرد والياقوت والمرجان . وعرف عن قرطبة أنها كانت تزخر بحماماتها الثلاثمائة في حين كانت كنائس اوروبا تنظر الى الأستحمام كأداة كفر وخطيئة". وفي الختام اقول للذين يتشدقون بالحضارة الأوروبية أو الغربية الحديثة – لقد حظيت بلدان اوروبا في عصورها المظلمة بحضارة عربية رائدة ونهضة ثقافية صاعدة كانت لها بمثابة نور وهداية ساعدتها على الخروج من ركودها التقليدي ودفعت بها باتجاه بناء صرح مدنية راقية اضحت معطياتها الإنسانية تصبغ حياتنا المعاصرة بتقنياتها الحديثة .... ولكن ... قال تعالى (( و تلك الأيام نداولها بين الناس )) ياسر عبد الكريم