سرت في الآونة الأخيرة موجة من الشائعات أشاعت قدرا من القلق والهواجس في أوساط المجتمع ،وسبقني الكثيرون في التصدي لمضامينها وتفنيدها من مختلف الجوانب غير جانب أراه مهما يتصل بالنشر الصحفي ، وفي هذا تحضرني مجموعة مقولات ، نذكر منها الممنوع مرغوب والمحظور يثير الفضول.. المرء حريص على ما مُنع وتوّاق إلى ما لم ينل.. ويقال أيضاً لو أُمر الناس بالجوع لصبروا ولكن لو نُهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه!. ويمكن أن نمضي في نسج الأقوال والقواعد الذهبية على هذا المنوال إلى أن نبلغ بها مقام سيدنا آدم عليه السلام الذي لم يمتنع عن الشجرة التي نُهي عنها رغم وجود العديد من الأشجار المغنية عنها.. ولهذا يعجز المرء عن فهم ما ترمي إليه بعض «وليس كل» قرارات حظر النشر الصحفي في قضايا لا تستحق إصدار مثل هذه القرارات، علاوة على امتناع بعض الجهات الرسمية ذات الصلة بالمواضيع التي تروج عنها الشائعات عن الادلاء بافادات حولها لتوضيح حقيقة ما يجري ، هذا إذا كان هناك فعلا ما يستحق المنع من النشر أو التمنع من التوضيح ، فليس لمثل هذا التصرف من فائدة ترجى لصالح القضية موضوع الحظر والامتناع عن الابانة اللهم إلا إذا أريد للشائعات أن تنتشر، فليس بديل النشر سوى الإشاعات والتسريبات والشنشنات التي ستجد لها رواجاً ليس هامساً في مجالس الأنس والسمر والملتقيات الاجتماعية والاتصالات الهاتفية فحسب وانما ستنوء بها الأسافير ومواقع التواصل الاجتماعي الاليكترونية الكثيرة والقوية التأثير وهي غير خاضعة لا لسنسرة ولا لقرارات الحظر ويمكنها نشر كل ما يرد إليها من معلومات وكتابات حول القضية المحظور النشر عنها في الصحافة الورقية المحلية، وهكذا يمكن أن تختلط المعلومة الصحيحة بالشائعة الخاطئة والكتابة الهادفة بالكتابة المغرضة وهذا في المحصلة يضر بالقضية المحظور النشر عنها أكثر من أن يفيدها، كما أنه من ناحية أخرى ليس من العدل ولا من المنطق أن يُقمع حق الصحف في أن تنشر ويُزدرى حق المجتمع في أن يعرف، مقابل اتهامات ظنية مسبقة تتهم الصحف في ذمتها ومهنيتها بأنها حتماً ستنشر ما يؤثر سلباً على مجريات التحقيق أو يغمز أبرياء ، فكل هذا من سوء الظن ليس إلا وتقديرا للخطأ قبل وقوعه، فالأعدل والأصوب هو عدم المساس بحرية النشر مع محاسبة من يقع في المحظور الذي يؤثر سلباً على مجريات القضية بصفة فردية وليس بعقوبة جماعية مسبقة تخالف روح العدالة وتبطل أحد أهم أركانها. الصحافة