٭ يقول أحد الكتاب الفرنسيين (ان كل سلطة تفسد والسلطة المطلقة تفسد فساداً مطلقاً). والسلطة المطلقة هى الاستبداد.. وقد يكون الاستبداد سياسياً أو دينياً.. أو ثقافياً. ٭ فالمستبد السياسي يتولى الحكم بلا برلمان أو هو يمكر فيزيف الانتخابات البرلمانية كي يجد الكثرة الخاضعة التي تعينه على الاستبداد وقد رأينا في السنين الثلاثين الأخيرة أمثلة قاسية فاضحة لهذا المستبد الذي أخر تطورنا وعكس نهضتنا وعطل مشاريعنا الاصلاحية. ٭ والمستبد الديني يصر على ان غيبياته يجب ان تكون المذهب الوحيد الذي يعم الدنيا وان من يخالفه في العقائد الخاصة يجب ان يعاقب.. مع ان عشر دقائق نقضيها معه في مناقشتها تدل على أنه لا يفهمها. ٭ والمستبد الثقافي يبخس علينا ما نقرأه من كتب وعلى التفكير لأنه مستبد ويجب ان نفكر مثله فقط. ٭ وكل هؤلاء المستبدين يحدثون فساداً في الأمة ويمنعون تطورها ويجبرونها على ان تجمد كما جمدوا وهم طاعون الأمم وعلة إنحطاطها وهم الاغواء القوي الذي يجذب الاستعمار ويرسخ أقدامه ويؤيده. ٭ ومن حق كل أمة ان تنهض بالثورة على هذا الاستبداد أي على السلطة المطلقة التي تحدث فساداً مطلقاً. ٭ ولكن يجب أن لا ننسى ان المستبد هو نفسه ثمرة فساد فهو رجل فاسد من الاصل وقد نشأ على أنه لا يعرف المشورة أو المجاملة أو الدقة الاجتماعية. ٭ وهو أناني يحب نفسه فقط ولا يبالي بغيره وهو كالمجنون يعتقد انه بؤرة الذكاء والفهم والحكمة وان الأمة جميعها بملايينها يجب ان تسير خلفه فلا نتحدث في السياسة إلا كما يرى هو.. ولا تقرأ من الكتب إلا ما يعينه هو ولا تؤمن بالغيبيات التي تخالف تلك التي تعلمها في طفولته. ٭ هذا هو المستبد الفاسد الذي نشأ في بيئة الفساد حين دلله أبواه وحتى كاد يستبد بهما فلما كبر بقى طفلاً في عاداته الذهنية فصار يستبد بالأمة التي يتولى الحكم فيها وزيراً أو مديراً أو مؤلفاً أو صحفياً هو فساد يؤدي إلى فساد. ٭ هذه الكلمات كتبها سلامة موسى في مقال من ضمن مقالات عديدة في كتابه (مقالات ممنوعة) الذي صدر في طبعته الأولى عام 9591 وفي طبعته الثانية 3691 الا ترون معي ان موضوع الفساد والإستبداد مازال موضوعاً حياً في زمان العولمة. هذا مع تحياتي وشكري. أمال عباس الصحافة