قيل في بعض الأمثال (سافر ففي السفر سبع فوائد)، وكما قضى التضخم على الجنيه السوداني، ووصل سعر الدولار إلي 22 ألف جنيه (بالقديم) مقارنة ب 12 جنيه لحظة انقلاب الجبهة الإسلامية، فقد صارت فوائد السفر سبعين، وربما أكثر حسب نوع المسافر وجهة السفر خاصة إذا كانت على حساب المال العام. وظننا لبرهة من الوقت نعتقد بأن الزيارات المتكررة لوفود الاتحاد العام الصحفيين للصين، ربما كانت لاستيراد مطبعة حديثة وورق فاخر، تطبع الصحف بتكلفة زهيدة لتقليل الخسائر الراهنة، أو ربما كانت هدف الزيارات التوأمة بين الصحف السودانية والصينية، بما يتيح تدريب الصحفيين السودانيين في الأكاديميات الصينية، ولربما كان هدف هذه الرحلات التعرف على طرق الرقابة الأمنية على الصحف في الصين ومضاهاتها بما يحدث عندنا..ولكن كل هذه التوقعات كانت مجرد تهيؤات.. فالصحفي في نظر اتحاد الصحفيين..ليس هو الصحفي المتعارف عليه في العالم، وبالتالي فمفهوم الصحافة عند أصحاب الإتحاد يستحق ان يسجل في موسوعة غينيس القياسية للغرائب والعجائب.. لا ينشغل الإتحاد بتطوير المهنة ولا حماية الصحفيين، ولم نر مندوباً له في يوم من الايام يرافق الصحفيين للنيابة أو المحكمة فقط للمؤازرة ناهيك عن تكليف محامين للدفاع عنهم. ولا ينطق الإتحاد المذكور بأي كلمة عندما تصادر الصحف من المطبعة، وليس له أي رأي في مسألة توقيف الصحفيين عن الكتابة. ولكنه يسافر ويسافر ويقترح المشروعات مثل الصحفي المنتج، والصحفي بحكم صفته هذه ينتج الكلمة المكتوبة، والوعي، وسلاحه القلم وهو السلطة الرابعة كما يقال، وهو نبض المجتمع كما يسمى، ولكن الصحفي المنتج لدى اتحاد الصحفيين هو سواق التوكتوك، وصاحب الكشك، ففي أبريل الماضي تم تدشين ما يسمى بمشاريع تمليك(التكاتك)للصحفيين، وبالأمس تسلم الإتحاد نموذج لكشك توزيع صحف، وقال من ضمن ما قال أن الصحفيين المتقاعدين سيمنحون أكشاكاً. تأمل عزيزي القارئ في حكاية التوكتوك، والصحفي الذي يقوده، وينقل به الخضروات والسلع من سوق إلي آخر، لتوفير المال لسداد الأقساط، ولحلة الملاح، ولا تقل هل من زمن يتبقى للكتابة الصحفية!! بل قل على الصحافة السلام. وتأمل في الصحفي بتاع الكشك، ويومه في بيع الجرائد والأدوات المكتبية، وعليه ان يدفع رسوم المحلية والنفايات، وقسط الكشك، وكيف يجد لزمن بعد ذلك للكتابة والذهاب لصحيفته!! في غمرة التمكين ومحاولة تدجين النقابات والإتحادات وصرفها عن هدفها الأساسي تنبع هذه الأفكار، والتي تهدف إلي جعلها مؤسسات استثمارية وتجارية، وليست منابر للدفاع عن حقوق أعضائها.. والنظام اليوم عدو الصحافة، والهياكل الصحفية الراهنة تعبر عن لسان حال الحزب الحاكم، وفي المطبخ الحكومي قوانين أسوأ للصحافة، ومع ذلك فغالب المجتمع الصحفي بخير.. وإن تكشف هذه الأمور عن بعد الإتحاد عن قضايا المهنة، وحقيقة أنه لا يمثل الصحفيين، وأن الانتخابات نفسها أكثر من مضروبة، فإن هذه(التكاتك)جمع توكتوك، والأكشاك، لا تثني الصحفيين عن مطالبهم وحقوقهم وعلى رأسها إبعاد الأمن من الصحافة، وليس هنالك صحفي محترم سيهوب ناحية(التكاتك)، التي يقصد بها شراء صمت الصحفيين. دا بعدكم.. بضم الباء وسكون العين بالعربي وليس بالصيني . كمال كرار