يحب الإنقاذيون وأهل الإسلام السياسي كلمة (البشريات) حين يطلون علينا عبر وسائل إعلامهم العديدة لرشنا بطلاء وهمي يهدف إلى طمأنتنا بالكلمات المخففة للكدمات، بأن حالنا في مقبل السنوات أو في العام المقبل سيكون بأفضل مما هو عليه الآن.وهكذا يضخون البشريات: بشريات- بشريات- بشريات في كل صباح جديد .هذا هو حال الإسلام السياسي السوداني إذ لكل إسلام سياسي جنسية وقاموس للمعلومية فالإسلام السياسي المصري عير التونسي عير السوداني و قواميسهم (دغمستها) مختلفة. ويبدو أن السيد على محمود وزير المالية لغته مخالفة لقاموس الإنقاذيين فيما يتعلق بما سيكون عليه حالنا في العام المقبل إذ فاجأنا ( بنذيريات) بدلاً عن البشريات تقول بأن الحكومة في العام المقبل ستدوس على بنزين رفع الدعم كمان وكمان فهي فيما قال (لا تزال تدعم المحروقات بما فيها البنزين والجازولين، وأن رفع الدعم مؤخراً كان جزئياً عن الوقود، وأن سعر الجالون حالياً يبلغ (21) جنيهاً بينما يباع عالمياً بما يعادل (40) جنيها، ورأى أن أبرز ملامح الموازنة الجديدة (2014م) التأكيد على استمرار سياسة التحرير).وهكذا فمن نذيريات وزير المالية للعام المقبل رفع سعر البنزين لأربعين جنيها فيما يبدو ليتناغم ذلك مع السعر العالمي وإذا زاد السعر العالمي فالنذيريات تنذرنا بأن وزارة المالية ستجري خلف ذلكم السعر الجديد (وراه وراه).فالوزير يشدد في نذيرياته التي أطلقها في مجلس الشعب ويقول أن التنفيذ الكامل لحزمة الإصلاحات الاقتصادية سيتم فى العام المقبل بورصة عدد شهداء هبة سبتمبر العدد المضبوط وأسماء الشهداء والجرحى من الشباب اليافعين الذين أزهقت أرواحهم بعنف مصحوب بالحنق في سبتمبر الماضي لا زالت من الأمور التي فيها مزايدات فالحكومة في بيانات وزير الداخلية زادت عددهم بحياء من الأرقام فوق الثلاثين وفوق الأربعين أيام الأحداث لأربعة وثمانين قبل ثلاثة أيام ثم زادتهم لخمسة وثمانين قبل يومين كأنما الأمر أرقام تصاعد الأوراق المالية في البورصة. كتب الناشط الأستاذ الصليحابي أنه (منذ بدء هبة سبتمبر العظيمة بلغ عدد الشهداء (210) شهيداً ، وعدد الجرحى والمصابين بالذخيرة الحية والرصاص المطاطي (189) ، وعدد المعتقلين بالخرطوم (1364) ، واد مدني (142) ، بورتسودان (46) ، عطبرة (73)، الأبيض (40) ، القضارف (59) ، الحصاحيصا (11) ، كسلا27 ) ولم يكتف الصليحابي بهذه الأعداد والبيانات بل أورد أسماء 131 وهو ماض في تدقيق بياناته. ومن ناحية أخرى لم يجد محمد الحسن الأمين رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطني في فمه جملة يدافع بها عن الجرائم التي ارتكبت بحق هؤلاء الشباب اليافعين ممن أزهقت أرواحهم ظلماً وهو القانوني غير جملة (إن الشرطة كانت في حالة دفاع عن النفس).كان يمكن لهذا البرلماني أن يعلن عن تأييده لإطلاق الرصاص الحي دون أن يكذب فالشعب ممن شارك بقلبه ولم ينزل للشوارع راقب عبر سير المظاهرات أنه لم يطلق متظاهر رصاصة واحدة تجاه رجال الشرطة .لكن أكثر من مائتي رصاصة أطلقها قناصة محترفون تجاه صدور ورؤوس هؤلاء الفتية اليانعين الشجعان والزهرات اليانعات الشجاعات فحصدت الجميع حصداً. قال محمد الحسن الأمين أن المحتجين تجاوزا الخطوط الحمراء.فما هي الخطوط الحمراء ؟ هذه كلمات مرسلة وبإمكاننا الرد عليها بالقول إن الإنقاذيين ومن شايعيهم تجاوزوا المعقول بإسالة الدماء الحمراء لا الخطوط. أية خطوط ؟ ما هذه الاكليشيهات التي تقال كل يوم مثل بسط الحريات وبشريا ت. كانت النائبة حياة أحمد الماحي من ولاية القضارف أصدق في كلمتها لولا أنها من المؤتمر الوطني حين نددت باستخدام الشرطة للقوى المفرطة وقالت إن استشهاد 85 مواطنا أمر كثير للغاية قالتها بالإنجليزية (تومتش) (too much) ونحن مع احترامنا لمشاعرها نطالبها بفعل جاد فالوصف وحده لا يكفي. فلتقم على الأقل بالمطالبة بالكشف عن القتلة وتقديمهم لقضاء عادل. الرق لا زال في العالم حوالي 30 مليوناً منظمة (ووك فري) التي إن جاز لنا ترجمة اسمها للعربية مع مراعاة الجندر فسنقول منظمة (انطلق/ انطلقي حراً/ حرة ) نشرت في الأيام الماضية أن المسترقين في العالم تعدادهم 29,8 مليوناً من الرجال والنساء والأطفال من الجنسين .وتقول المنظمة أن حالة الرق في القرن الحادي والعشرين تختلف عما كان عليه الحال في القرون السابقة فلا سلاسل حديدية في الأيدي ولا قيود في الأرجل لكنها عبودية تتمثل في أعمال السخرة بما فيها إجبار من يتم استرقاقهن من النساء على الزواج الإجباري المبكر أو ممارسة الرذيلة والمتاجرة بأجسادهن منذ الطفولة، فضلاً عن وجود رق بالمعنى الحرفي أيضاً لكن ذلك يتم في دول قليلة وبتستر. تصدرت القائمة عشر دول على رأسها موريتانيا وهي موريتانيا ،هاييتي ،باكستانالهند ، النيبال ،مالدوفا ، بنين ،ساحل العاج ، قامبيا والجابون . لم تخل القائمة من دول كبرى مثل الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة إذ أن بها حالات استرقاق بالوصف المذكور وجاء ترتيب السودان رقم 22 من القائمة التي تضم 162 دولة إذ وردت عن السودان الأرقام التالية ) نسمة حالات الاسترقاق37.195.349السودان عدد السكان( ).264,518( والرق قديم في تاريخ البشرية .وكان أول قانون حظر قامت به الحضارة الحديثة قد تم في اسبانيا التي حظرت العبودية في مستعمراتها عام 1542 ومضت قرون على قانون الحظر ذاك دون أن ينفذ ؛ ثم نشأت حركة العبودية في انجلترا عام 1780 وتلى ذلك بعد قرن أو نحوه حركة الكويكرز البريطانية وهي حركة تنوير بقيادة توماس كلاركسون في القرن التاسع عشر فادت على نشوء حركة عمت أوروبا وأمريكا وقادت إلى تحرير الأرقاء على نطاق العالم .ومن عجب أن هذه الحركة وصلت أصداؤها إلى بلادنا في مطلع الثلاثينات فقط علماً بأن الإسلام كان قد نور البشر بمبدأ عتق الرق (فك الرقبة) قبل 14 قرناً وتزيد. __________________________ إطلالة السبت - صحيفة الخرطوم [email protected]