ما أضعف هذا المخلوق كرمه الله بنعم لا يقدر اي من كان ومهما حاز قدرات علمية واجتماعية ومراكز وظيفية ان يحصيها، فله الحمد والشكر من قبل ومن بعد.. تدفقت لاجلنا مشاعر الالفة والمحبة بزيارات اسرية واتصالات هاتفية وباقات ورود ملونة انيقة من اجمل ما تعج به مواقع التواصل اجتماعي، لم تخلُ من الدعاء الطيب، وحضورا لعقد قران ابني البكر "هاني".. شعرت بانني من اضعف مخلوقات الله إلا بنسيج مبارك لفنا باصدقاء وزملاء عمل وحملة اقلام من بقاع الدنيا، في هذه البقعة المباركة قطر الكريمة بأهلها وسكانها منذ ان هبطناها اوائل الثمانينيات فظللتنا بالامن والامان وراحة البال والرزق الطيب الحلال. نعم.. الانسان مخلوق ضعيف جدا لا يمكنه العيش سويا إلا وسط جماعات بدءا باسرته الصغيرة وصولا لمجتمع أكبر.. واكرمنا العلي القدير بعقد فريد من الاجناس البشرية جميلة وخيرة، في تفاصيلها معاني الرقي الانساني فكانوا معنا امتثالا لشرع الله اشهار الزواج كسنة نبوية كريمة، وعلى قياسها المناسبات الاجتماعية لا تصل الفؤاد وتخاطبه سعادة إن لم تتم وسط نسيج متعاف من الغرور والخبل السياسي وقصور النظر، ومن حرمهم الله العلاقات النبيلة ومن فقدوا القدرة لدعمها وتحصينها من الانهيار خاصة لمن اجبرتهم الحياة على رفع عصى الاسفار والهجرة لبلاد الاغتراب. وامتثالا لحكمة "بارك الله لمن جمع راسين بالحلال" وقبل يوم من كتب الكتاب ولاسباب خارجة عن ارادتنا، لاحت ضرورة ملحة لتغيير المكان من مسجد ابن عبدالوهاب عايشها معنا نفر كريم من افاضل اهل هذا البلد من اشقائنا وبلدياتنا عزوتنا، إلا فردا واحدا "تعنت زمجر ورفض" وكأنه يمتلك مقاليد الارض وما عليها، حتى ولو كان بيت السودان المتغذي من دافعي الضرائب والجبايات، لجأنا له لان علم السودان يرفرف بساريته ولموقعه المميز لضيوفنا الكرام، ولان حبات عرقنا منذ ان هبطنا هذه الدوحة بللت كل ما هو سوداني "طوبة طوبة" من بنيان هذا البيت الابيض الذي يحتكره بقراراته التعسفية المتعالية في بادرة لا تشبه من كانوا سابقا على دفته "سفراء العقد الفريد" سكنوا السفارة واوسعوا قاعاتها لنبض الزولات وهمومهم واحلامم ولملموا "السمر" الميامين وكانوا جزءا اصيلا من افراحهم واتراحهم وتفقدا لمرضاهم ومكفكفين لدموعهم واهاتهم إلا هذا!!! تسارعت دقات قلبي وعقارب الساعة تدق.. وملائكة الرحمن أحسبها تنادي أن يا هاني تقدم لبيتك الميمون!!! رفض مسؤول كبير بالسفارة رجاؤنا باقامة العقد بمقر السفارة السودانية بالدوحة وصلاة المغرب المكتوبة الجمعة المباركة 17 رجب!!! فرجوناه مرة ثالثة ورابعة ان يمدد اياديه ويفتح ساحة بيت السفير لأكارم وعلية قوم ماسكي مصاحف خاتمي قرآن ومبللين بقيم الاصالة وتقاليد الشهامة، حيث فشلنا في ايجاد قاعة، ويقيننا ان الزواج اشهار ويباركه الله حتى ولو تحت شجرة ظليلة ورسولنا الكريم وابو بكر الصديق والفاروق بن الخطاب ومن مشى في سيرتهم الطاهرة الى يومنا هذا.. تدفقت دعوات ان تعالوا لمنازلنا بحدائقها وقاعاتها تحت امركم جزاهم الله خيرا وفيرا والبسهم الوقار لاحتشامهم للعلاقات الانسانية حتى ولو خالفت القوانين الوضعية. وما ان لمس ابو عروسنا "حيدر المغوار" بمدينة مسيعيد القريبة لقلوبنا البعيدة مكانا، إلا وفتحت كل ابوابها ومنافذها ونواديها واريحية سكانها، وسار معازيمنا بالعديل والزين بنخوتهم وعجلاتهم وارجلهم وراحلاتهم افرادا وجماعات، وتم العقد بيد الماذون الشيخ أبو العينين بارك الله له وبه ولرجال العلم والقلم والدراويش والصبية وسفراء الدول الشهماء يتقدمهم "ابو فيصل" وكوكبة اصدقائنا من ذات سفارتنا وموجوعين ومهمومين من الغبش عزوتنا وناسنا، تفرجت بهم قلوبنا فرحا إلا ذلك الرجل الذي تمترس لوحده خلف وجهة نظر لا تغادر مرمى نظره "لا افتح باب بيت السودان ولا سكني لعقد قران ليأتي من يطلبه من بعدكم" وكأنه يريد ان يقف عائقا لقيم دينية اجتماعية يتدافع لاتمامها النبلاء بالغالي والنفيس وليس بالحيطان التي ارادها صماء!!! يا حسرتي على وطن كاد يضيع بمن لم يستدعي السيرة النبوية لتكون ديدنه، ويطوع القوانين والانظمة وفقا لمستحدثات الزمان والمكان وبحنكته يمكنه ان يلملم اطراف الثوب وجاليته ليزيدهم بهاء ورونقا.. ولن اكرر مقولة الرجل الصالح الروائي الطيب صالح: من اين جاء هؤلاء؟ ليتهم يماثلون بني صهيون، ففي القدس الجريحة كثيرا ما تفتح المعابر والكنائس والشوارع والبيوت لعقد القران، وسيرة المصطفى الامين حينما هبط مكةالمكرمة فرد ثوبه المعتق من أي "نجاسة" لعجوز كانت صديقة لزوجه ام المؤمنين خديجة بنت خويلد رضى الله عنهم جميعا وارضاهم.. ما اجمل الامتثال لشرع الله وخلق المسلمين اينما طاب لهم العيش في بقاع الارض، ليلملم ابناء وطني السمر الميامين لكنه يفرقهم بتعال حينما يجدهم في حاجة ملحة "كحالتنا" معتقدا انه سيلجم قلمنا او يرد الصاع صاعين، حينما رفضت قبل سنوات تهديده باستعمال حصانته الدبلوماسية وكثير غيره.. ولا اقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل وشكرا لمن حضر وعذرا لمن سقط سهوا من التنبيه بتغيير المكان وعساكم وإيانا تامين لامين.. وللحديث بقية.. همسة: بإذن الرحمن الرحيم سنسعي لغرس شجرة بدوحة الخير"قابلة للسقاية" لتكون ظل من لا ظل له.. ومدرسة لمن لم يتمدرس في فنون التعامل النبيل.. مددوا أياديكم دامت افراحكم. الشرق