اويل (السودان) (ا ف ب) - في اويل، عاصمة ولاية شمال بحر الغزال جنوب السودان، يعرب التجار عن سرورهم للاستقلال عن الخرطوم مهما كان الثمن الاقتصادي لهذه الخطوة. وولاية شمال بحر الغزال تعتبر منذ سنوات احدى ابرز نقاط دخول البضائع من الخرطوم الى جنوب السودان. ومع توقع ولادة دولة جديدة بعد ان اعرب 98,83% من الجنوبيين عن تأييدهم للانفصال عن الشمال، فان المرحلة المقبلة غير الواضحة المعالم بعد تهدد المبادلات التجارية بين الشمال والجنوب. ففي سوق اويل، ارتفع سعر الذرة البيضاء ب50% في الايام الاخيرة. وقال سايمون اثوار وهو تاجر في ال25 من العمر ان "العرب يرفعون الاسعار لاننا اخترنا الانفصال"، وتشاطره الراي غالبية من التجار الجنوبيين. وثمة بالطبع اسباب اخرى لارتفاع الاسعار مثل الاغلاق الموقت للطريق الحدودي بسبب انعدام الامن وقرار الخطوم خفض المساعدات. لكن تجار اويل لا يكترثون لهذا الامر ويفضلون التعامل مع دول مجاورة تكون اكثر استعدادا لتقبل دولتهم حتى وان كانت حدودها ابعد. واضاف اثوار "اذا اصبح طريق (الشمال) مغلقا تماما في يوم من الايام سنفتح منافذ اخرى الى كينيا واوغندا (...) انتظرنا الاستقلال طوال 21 عاما ويمكننا ان نبقى بعض الوقت من دون مؤن". ويبقى التجار العرب في اويل حذرين، ويقول احدهم احمد اودوما بائع السكر بالجملة "اننا مرتاحون هنا، فنحن تجار ولا نتعاطى في السياسة". وقال جاره يعقوب فضل، بائع الملابس "اذا ارادوا ان يرحل الشماليون فاننا سنرحل". ويرى التجار الجنوبيون في اويل ومعظمهم من قبيلة الدنكا ان استقلال بلادهم يمر عبر التحرر الاقتصادي وعدم الاعتماد على شبكات التموين الشمالية. ويعتبر ديفيد نيانغ ماتيانغ الذي يدير محطة البنزين الرئيسية في المدينة، ان بيع منتجات نفطية تستخرج من اراضي الجنوب وترسل الى الشمال لتبيعها الخرطوم لاحقا الى الجنوب اهانة لحسه الوطني. وقال ماتيانغ وهو يجلس في مكتبه تحت صورة الزعيم المتمرد الجنوبي الراحل جون قرنق "علينا بناء خط انابيب حتى وان استغرق ذلك سنوات". وعلى الحدود الشمالية-الجنوبية الممتدة على طول الفي كلم، لا يقوم نزاع على ولاية شمال بحر الغزال بشدة النزاع على ابيي، لكن كثيرين يتوقعون تراجعا للمبادلات قريبا. وقال رونالد رواي دينغ وزير المال في ولاية شمال بحر الغزال ان البرنامج الذي اعد العام الماضي للترويج لوحدة السودان من خلال التجارة عبر الحدود لم يعد قائما. ويقول رواي دينغ ان الترابط لا يزال قائما بين قبائل الدنكا والمسيرية العربية من البدو الرحل التي تنتقل مع قطعانها من الماشية من الشمال الى الجنوب في موسم الجفاف بحثا عن الماء. واضاف "نحتاج الى سلع من الشمال وقبائل المسيرية تحتاج الى اراضينا لترعى مواشيها". وتابع ان ولاية شمال بحر الغزال ستستغل كل الفرص لتتطور وتعود لسابق عهدها مخزن قمح لجنوب السودان. واوضح ان "اويل مشهورة بزراعة الارز وكانت في فترة من الفترات تمد كل جنوب السودان به. ثم اندلعت الحرب واليوم نبدأ من الصفر". وخلص الى القول "لماذا عسانا نشتري سلعنا من الشمال في حين نملك كل القدرات لتطوير صناعاتنا: الزراعة والماشية والنفط".