نهج جديد وثقافة لم يتعود عليها الشعب السوداني من المسؤولين، إذ لم يقدم أحد من المسؤولين ويعلن تحمله المسؤولية ويقر بتقصيره، مثلما فعل وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم، فرح مصطفى، الذي أقر في جلسة المجلس التشريعي.. قدمت رئيس لجنة التربية والتعليم بالمجلس انتصار كوكو مسألة مستعجلة بشأن حادثة انهيار الحمام بمعلمة مدرسة الثورة، فلم يتهرب الوزير بل أعلن بكل قوة عن تحمله المسؤولية كاملة مع سلطات محلية كرري، على الرغم من أن قانون الحكم المحلي قد حدد المسؤليات مابين المركز والمحليات، إلا أنه لم يعف نفسه من تحملها .. هل يشفع للوزير إقراره بتحمل المسؤولية وإطفاء غضب المعلمين الذين طالبوا في بيان لهم برحيل كافة طاقم الوزارة ؟ مسؤولية المحلية رئيس لجنة التشريع والحكم بالمجلس التشريعي علي أبو الحسن أكد في حديثه ل(آخرلحظة) أن ماحدث من تقصير وإهمال بشأن حادثة انهيار الحمام لايقع تحت مسؤوليات الوزارة المباشرة، بل من ضمن مسؤليات المحلية، وأوضح أن قانون الحكم المحلي لسنة 2007م حدد اختصاصات للولايات والمحليات، وبناءً على هذا القانون فإن مدارس الأساس من ضمن اختصاصات المحليات من حيث الإشراف والإدارة وصيانة المدارس، وتتحمل الوزارة الجوانب الفنية من إشراف على المناهج ومتابعتها، وقال ابو الحسن ان الوزير تحمل مسؤولية ماحدث من باب التعليم، وأن المعلمة تتبع له فنياً. بينما أوضح عدد من النواب أن المسؤولية لاتنفصل، وأن ماحدث هو إهمال واضح من محلية كرري ووزارة التربية والتعليم، و برأ آخرون وزارة التربية وقالوا إن المسؤولية تقع على وزارة التخطيط وليس وزارة التربية. سابقة تاريخية يرى الخبير القانوني بخاري الجعلي أن وزير التربية بذلك الموقف الذي انتهجه يكون قد سجل سابقة تاريخية في تاريخ العمل السياسي، وتنطوي على درس بليغ لكل الذين يتبوأون مواقع المسؤولية. وأضاف كان من المفترض على المحلية أن تسبق الوزير بتصريح بتحملها المسؤولية، واوضح الجعلي أن تلك الحادثة تشير إلى مستوى المباني التي تدار فيها المسألة التعليمية، وأن هنالك كثير من المدارس التي تماثل تلك المدرسة من حيث البنيات الأرضية . ويؤكد القانوني أبو بكر عبدالرازق أن الذي قام به الوزير يعتبر مؤشراً ايجابياً وثقافة جديدة لم يعتد عليها الشعب السوداني، وكثير من المسؤولين يتنصلون عن تحمل المسؤوليات، وتحمل الوزير لمسألة إدارية ليس من اختصاصاته، لكونها تقع على المحلية، فهذا يعتبر أمراً جديداً، وقال من حيث الترتيب الإداري فإن للولاية مستوى حكم مختلف، وللمحلية أيضاً مستوى حكم مختلف، ولكن لا يعفي ذلك الوزير من الاختصاص وتحمل المسؤولية، فإن لم يكن مسؤولاً إدارياً فهو مسؤول اخلاقياً، وما قام به يعتبر موقف أخلاقي ممتاز يجلب له مزيداً من الاحترام . مخالفة «الأعراف» يرى المحلل السياسي صلاح الدومة أن الإقرار بتحمل المسؤولية لا يعفي الوزير من المحاسبة.. وقال إن تحمل المسؤولية يكون بتقديم الاستقالة ورفع الحصانة حتى تتم محاسبة المقصرين، وتحمل المسؤولية دون تقديم استقالة يعتبر مخالف للعرف الدبلوماسي في كل العالم. وأضاف أن الغرض من حديث الوزير هو امتصاص غضب الجماهير، وأرجع الدومة الحادثة الى سوء التخطيط الإداري والفساد المالي. ويري البعض إن المسؤولية المباشرة تقع على الدولة ومن ثم على الولايات والمحليات، وليست مسؤولية الوزير الذي أبدى شجاعة فائقة عند تحمله نتيجة ماحدث، خاصة وأن الدولة لاتعطي التعليم الميزانيات الكافية لصيانة المدارس، وبالتالي تعرض المدرسين والطلاب للخطورة، وبأنها تعطي الأولوية لأشياء أخرى خلاف التعليم، وأن حادثة الانهيار تدل على سوء وضع التعليم . اخر لحظة