ليست المرة الأولى ولا العاشرة التي يتخلّف فيها السودان ويفضح على الملأ وسط الاشهاد لتأخره عن سداد مُساهماته الدولية والإقليمية، لكن هذه المرة حَرمت الأممالمتحدة السودان من حقه في التصويت بسبب تلك الاشتراكات؛ ووفقاً للنظام العالمي الجديد الذي أنشأ بعد الحرب العالمية وتم تكوين الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى يومنا هذا يتقرّر على كل دولة بمُوجب الانضمام إلى هذه المُنظّمة أن تُساهم بمبلغ مُحدّد في ميزانية تسيير أعمال الأممالمتحدة خَاصّةً الأمانة العامة للأمم المتحدة بنيويورك والمكاتب الإقليمية للأمم المتحدة المُنتشرة حول العالم "جنيف، فيّنا ونيروبي". مُساهمات الدول في المنظمات الإقليمية والدولية تدفع بنسبة مُعيّنة تحدد بمُوجب جداول أعدتها الأممالمتحدة على أساس القوى السياسية والاقتصادية لكل دولة وتنقسم إلى (ألف، الباء، الجيم) ويتذيّل السودان القائمة (جيم) التي يُحظى بمقاعدها أغلبية دول العالم الثالث. الميثاق تنص المادة (19) من ميثاق الأممالمتحدة "لا يكون لعضو الأممالمتحدة الذي يتأخّر عن تسديد اشتراكاته المالية في الهيئة حَق التّصويت في الجمعية العامة إذا كان المُتأخِّر عليه مُساوياً لقيمة الاشتراكات المُستحقة عليه في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائداً عنها، وللجمعية العامة مع ذلك أن تسمح لهذا العُضو بالتصويت إذا اقتنعت بأن عدم الدفع ناشئ عن أسباب لا قبل للعضو بها". الفقدان فقد السودان وست دول أخرى هي "ليبيا، فنزويلا، بابوا غينيا الجديدة، فانواتو، الرأس الأخضر" حق التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لعدم سداد المستحقات المالية السنوية الإلزامية ويحتاج السودان وتحتاج بابوا غينيا الجديدة إلى سداد ما لا يقل عن 139 ألف دولار للأمم المتحدة لاستعادة حقوق التصويت، بينما تدين دولة فانواتو الفقيرة الواقعة في المحيط الهادي ب 19 ألف دولار، وفقاً لوثيقة للأمم المتحدة وفقدت فنزويلا، التي تشهد اضطرابات سياسية وأزمة اقتصادية طاحنة، حق التصويت للمرة الثانية في ثلاثة أعوام بعدما بلغت قيمة الاستحاقاقات غير المُسدّدة 24 مليون دولار. التجاهل وقال مصدرٌ دبلوماسيٌّ رفيع اشترط وفضّل عدم ذكر اسمه لحساسية الملف ل (التيار) أمس، إنّ وزارة الخارجية درجت على تجاهل تنبيهات بعثة السودان الدائمة بنيويورك بشأن سداد الاشتراكات، مُشيرة إلى أنّها لم تتجاوب مع طلب البعثة. التنبيه وليس الحرمان مصدرٌ دبلوماسيٌّ رفيع تحدثت إليه (التيار) أمس كان له رأيٌّ مختلفٌ، إذ يرى أن السودان درج على دفع جميع الاشتراكات والاستحاقاقات المالية عليه لدى جميع المنظمات الدولية والاقليمية، وقال إنّ الحديث عن دفع الاستحقاقات القصد من تنبيه تلك الدول بسداد ما عليها من مساهمات قبيل انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في السابع عشر من شهر سبتمبر من كل عام، واستدرك قائلاً: "الآن ليست هنالك اجتماعات لذلك القصد من ذلك التنبيه وليس الحرمان"، وأضاف انّه في حال حدث ذلك فإن الأمر عادي. الفضيحة وزير الخارجية الأسبق، السفير ابراهيم طه ايوب كان له رأيٌّ مُختلفٌ عن زميله السابق، إذ يقول إنّ عدم دفع السودان للاشتراك يمثل فضيحة كبرى وعيبا بائنا للدبلوماسية السودانية خاصة مع وجود إمكانيات وأموال تُدفع بصرف بذخي للأجهزة الأمنية، وزاد: كان من المهم جداً ان تدفع للأمم المتحدة، وأشار أيوب في حديثه ل (التَّيَّار) أمس الى انّ هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، وكان من المُهم أن يتم تدرك هذا الأمر مع أول عملية مراسلات تمت بين الخارجية وبعثة السودان الدائمة بنيويورك. التيار