على الرغم من معدلات إنتاج جيدة هذا العام، في محاصيل السمسم وزهرة الشمس والفول السوداني، إلا أن أسعار الزيوت تشهد ارتفاعاً يقول مختصون أنه غير مبرر نظراً لتوفر كميات مناسبة من محاصيل الحبوب الزيتية التي يمكن الاستفادة منها في زيادة إنتاج الزيوت. في وقت ترى فيه وزارة الصناعة أن إنتاج البلاد من الزيوت يفيض عن حاجة الاستهلاك المحلي بأكثر من الضعف، ولكن قرائن الأحوال ومشهد الأسواق لا ينبئ بصدقية هذه التقديرات. تشير منشورات وزارة الصناعة أن الوزارة تقوم بعدد من الجهود لتصدير منتجات من الفول السوداني لفرنسا والصين وهولندا، مشيرة إلى حدوث تطور تصفه بالكبير شهده قطاع الزيوت النباتية بالبلاد، وبحسب منشور رسمي صادر عن الوزارة مطلع العام الحالي قالت فيه إن البلاد بها "223" وحدة إنتاجية بأحجام مختلفة لإنتاج الزيوت، تعمل بطاقة قصوى تقدر بحجم "2.5" مليون طن من الحبوب سنوياً، وتنتج "29.000" طن من الزيوت، كما سبق أن قال وزير الصناعة، د. محمد يوسف علي إن هذه الكميات المنتجة من الزيوت تعادل أربعة أضعاف ما تحتاجه البلاد من الزيوت سنوياً، في وقت يصف فيه خبراء اقتصاديون ومختصون في قطاع الزيوت تلك التقديرات "بغير المتسقة مع الواقع"، فبالرغم من تعاظم كميات الإنتاج من محاصيل الحبوب الزيتية إلا أنها جميعها لا تدخل في تصنيع الزيوت،وبحسب خبراء اقتصاديون فإن الوصول لمرحلة الاكتفاء التام من الزيوت أمر تلزمه العديد من الاشتراطات، مجملين بعضاً من هذه الاشتراطات في تشغيل المصانع المتوقفة، وقبل ذلك تشجيع المنتجين بشراء الكميات المنتجة من المحاصيل بأسعار التركيز، بما يعود عليهم بعائد مجزٍ، ولكن ذلك لم يتم بحسب قولهم. وبمحاولة استطلاع رأي لغرفة الزيوت حول مدى اكتفاء البلاد من الزيوت المصنعة محلياً والأسباب الحقيقية للزيادات التي طرأت على المنتج مؤخراً، فشلت محاولاتنا للاتصال بالغرفة، فيما أكد الأمين العام لغرفة المستوردين، علي صلاح أن الإنتاج المحلي لم يبلغ بعد مرحلة سد حاجة الاستهلاك المحلي، مشيرًا إلى أن كميات الإنتاج من محاصيل الحبوب يمكن أن تغطي حاجة الاستهلاك المحلي، واعتذر عن الاسترسال في الأمر. ويقول منتج الزيوت، حسين محمد بشير إن كميات الزيوت المنتجة بالبلاد تتوقف على كميات المنتج من محاصيل الحبوب الزيتية، مشيرا إلى أن نسبة تقدر بنحو 40% من الإنتاجية تذهب لاستخدامات أخرى غير إنتاج الزيوت، ورهن تحقق الاكتفاء الذاتي للبلاد من الزيوت بالاستفادة من هذه الكميات الإنتاجية، وكشف أن الزيادات التي حدثت في أسعار الزيوت، وقال إنها جاءت نتيجة مباشرة للقرارات الاقتصادية الأخيرة، التي قضت بزيادة دعم المحروقات، مشيرًا إلى أن الزيوت بالولايات أسعارها مستقرة دون زيادات، كاشفاً عن ثبات سعر العبوة المتوسطة زنة كيلو عند حدود 70 إلى 75 جنيها بالولايات فيما يبلغ ثمنها بالعاصمة "110" جنيهات، وأشار إلى توقعهم زيادات جديدة على أسعار الزيوت عازياً الأمر لمقابلة زيادة الصرف على زيادات أسعار كهرباء القطاع الصناعي والإيجارات والرسوم السنوية التي يسددها المنتجون. وقال حسين إن محاصيل الفول والسمسم التي حصدت بكميات وفيرة لم تؤد لخفض أسعار الزيوت، وعزا الأمر لضعف الاستفادة منها في الإنتاج، وبيع وتصدير كميات مقدرة منها لأسواق خارجية، مشيراً إلى أن نفس هذه الكميات المصدرة لبعض الدول يتم استيرادها على شكل زيوت وبتكلفة مضاعفة، واصفاً ذلك بالأمر الغريب، وقطع بأن زيادة أسعار زيوت الطعام لا تتعلق بكثرة أو قلة المنتج من المحاصيل بل بسياسات حكومية قال إنها تسهم في رفع الأسعار، وقال إن العبوة التي تباع بالخرطوم بأكثر من مائة جنيه تأتي من الولايات بأقل من 70 جنيهاً، ترتفع بنسبة تقارب 30% من سعرها الحقيقي، وشكا من تأثير السياسات الاقتصادية سلبا على منتجي الزيوت خاصة فيما يتعلق برفع الدعم عن المحروقات التي قال إنها تسبب بشكل مباشر في زيادة تكاليف النقل والترحيل من وإلى مناطق الاستهلاك، وقال إنها أسهمت في زيادات كبيرة على تكاليف التشغيل وتوفير الوقود بمبالغ أكثر مما كان في السابق، بالإضافة إلى زيادة تكاليف النقل والترحيل وأجور العمالة، معتبرًا أن تلك الأسباب كفيلة بزيادة أسعار الزيوت لأكثر مما هي مرتفعة الآن، مشيراً إلى أن ذلك ليس في مصلحتهم كمنتجين، عازياً الأمر لتسببها في إحداث ركود بالسوق وتقليل القوة الشرائية. الراجح أن قطاع صناعة الزيوت، لا يختلف كثيراً من حيث المعيقات عن بقية القطاعات الصناعية، ويبدو من العسير على القطاع أن يتمكن من سد حاجة الاستهلاك المحلي من الزيوت قبل تذليل العقبات التي تعترض القطاع، وليس أقلها توفيق أوضاع المصانع المتوقفة وتدوير عجلاتها الإنتاجية، علاوة على معالجة إشكالية ارتفاع أسعار الكهرباء التي تمت مؤخراً. وكشفت جولة للصيحة عن زيادات وصفها التجار بالمفاجئة بدأت منذ الأسبوع الماضي على أسعار زيوت الطعام، في وقت وصف فيه بعضهم الزيادات بالطبيعية لجهة غلاء أسعار جميع السلع دون استثناء، مشيرين إلى أن الزيوت ليست من مأمن من تقلبات السوق، وقال بعضهم إن مصانع الزيوت تأثرت بزيادة أسعار الوقود، فيما تأثر المنتجون بالولايات بارتفاع تكاليف النقل وزيادة أجور العمالة. ووصف تجار آخرون الزيادة بالغريبة مبررين رأيهم بأن موسم الإنتاج بدأ وتتوفر كميات كبيرة من محاصيل الحبوب الزيتية مثل الفول السوداني والسمسم وزهرة الشمس بعد حصاد كميات وافرة منها في الموسم الزراعي الأخير بعدد من الولايات، وبحسب رأيهم فإن المتوقع أن تنخفض أسعار الزيوت في مثل هذه الفترة من كل عام وليس زيادتها. وكشف صاحب محل تجاري بوسط الخرطوم عن ارتفاع ثمن عبوة الزيت زنة 10 كيلو لنحو "110" جنيهات للعبوة، مشيراً إلى أن سعرها السابق لم يكن يتجاوز 85 جنيها، وقبل أربعة أشهر كان سعرها "70" جنيهاً، ولفت إلى أن الزيادات باتت تحدث في وقت وجيز ودون أي تحسب، وقال إن الزيادات متفاوتة بحسب أنواع الزيوت، وأشار إلى أن الارتفاع مقتصر على الزيت النقي الذي يباع في عبوات صغيرة زنة 5 و10 كيلو، فيما قال إن الزيوت عالية التكرير طرأت عليها زيادات وصفها بالطفيفة، لكنه عاد ليقول إن أكثر الإقبال على الزيت النقي. عطفاً على ما سبق، فإن قطاع صناعة الزيوت ما يزال بعيداً عن التطلعات، ويعاني من العديد من الإشكالات سبق أن أشار إليها وزير الصناعة قبل نحو شهرين، حيث أقر بحاجة الوزارة للتمويل من القطاع المصرفي، وتوفير البيئة المناسبة للتشغيل، وإصدار السياسات الداعمة للصناعة بالريف، وتوفير الطاقة الكهربائية في حالة الندرة، بإعطاء القطاع الصناعي أولوية، مشيراً للتنسيق مع وزارة الكهرباء لمعالجة الاشكالات التي تواجه المناطق الصناعية بالبلاد، كما أقرت الوزارة بوجود مصانع متوقفة عن العمل بالبلاد، وأرجعت ذلك لعدة أسباب منها تقنية وأخرى إدارية متعلقة بالملاك والورثة، ونفت أن يكون سبب توقفها لتراكم الضرائب والجمارك. الصيحة