الفرق بين النظم التي تحكمها المؤسسية الدستورية وبين الأنظمة التي تخضع لعوامل المزاج الخاص بالرجل الأول ..أن الأولى يتم تشكيل الفريق الذي يدير دفة الدولة قريبا من الزعيم على أساس الكفاءة وتكون مهمته مرتبطة بتنفيذ البرنامج الإنتخابي الذي طرحه مرشح الحزب الفائز برئاسة الدولة وتكون فترة تولي الجميع محدودة بمدى زمني يحدده الدستور الذي لا يمكن التلاعب به للتمديد إلا في الحالات الخاصة كالحرب مثلا مثلما حدث أن تم ذلك لأحد الرؤساء الأمريكان على خلفية الحرب العالمية الثانية . أما الصنف الآخر من الأنظمة فإن المحيطين بالزعيم ملكا كان أوأميرا أورئيسا شموليا فإنهم يخضعون للإختيار وفقا لمواصفات تتفاوت بن الثقة الذاتية أوإدارة مصالح القصر بما يخدم الأغراض الخاصة لسيده وربما يكون عنصر القرابة أيضا ضمن أولويات ذلك ا لإختيار.. أما الكفاءة فإنها ربما تأتي في مؤخرة تلك الشروط إلا في حالات نادرة ! قديذهب البعض من المحيطين بالحاكم المطلق الى درجة قصوى من الإخلاص والتجرد الى حد الإستعداد لإفتدائه بالروح إذا ما تعرض لسوء يستهدفه ..وقد يدفع البعض طموحهم فتصبح عيونهم على بريق الكرسي العالي.. فيسعون الى التقرب بالمداهنة و ابداء المبالغة في الولاء لولي النعمة بغرض توسيع قاعدة نفوذهم واستقطاب النافذين في شتى المؤسسات لاسيما العسكرية منها ترهيباً بالسطوة الممنوحة أوترغيبا بدغدغة أحلام يقظتهم وذلك تميهدا للقضاء على ولي النعمة إما بتحقيره بتصرفات تحسب عليه وإما بإحاكة المؤامرات للإنقضاض على سلطته ! كان الجنرال محمد أوفقير يبدي من الولاء للملك الحسن الثاني ملك المغرب الراحل الى درجة أنه قيل عندما حاول أحد الأشخاص استهداف حياة الملك أن أمسك به الجنرال أو فقير أمام الملك وذبحه ذبح الشاة ومسح السكين في قميص الرجل ..وقال للملك ومن معه..هذا جزاء كل من يستهدف حياة مولانا ..ومن ثم قبل يده وبللهما بدموع النفاق ..غير أنه لم تمض ِ سنوات قليلة حتى تأمر الجنرال أوفقير على مليكه بمحاولة ضرب طائرته في الجوحينما كان عائدا من رحلة خارجية ..ولكن الحسن نجا بأعجوبة ..ومات الجنرال بطلقات قيل أنه نحر نفسه بها بينما قالت مصادر أخرى أنه نُحر ..وتم دفنه في حفرة مجهولة دون صلاة عليه وذاقت اسرته كل أنواع الإذلال من بعده وهي التي عاشت قبل فعلته المشينة قريبا من القصور الملكية في عزٍ..ورفاه حسده عليها حتى بعض أفراد الأسرة الملكية ! وتبقى الدروس قائمة لتقول للطامحين إن الوصول للقمة قد يكون سهلا..ولكن ..كيف تحافظ على وجودك عندها..فهنا يمكن سر الذكاء ..إلا أن الطامعين دون أهلية للبقاء هناك ..هيهات أن يفهموا الدروس جيدا .. لفرط غبائهم ! [email protected]