منذ وصول المؤتمر الوطني إلى الحكم، قام بإبعاد الشعب السوداني- تماماً- عن الدولة ومؤسساتها، التي أصبحت مرتعاً لفساده يستنزفها بلا رحمة، وأصبحت الدولة بقرته الحلوب، حتى حين عارضه البعض أو تمرد عليه استأنسهم (ومسكهم قرون البقرة)، والغريبة عجبتهم الفكرة وتكالبوا عى القرون، أما الشعب فقد فأصبح تائهاً بين حكومة جردته من المواطنة، ومعارضة تشوش عليه حين يفكر في استردادها، فتحول إلى ضيف في بلده لا (رأي لا شورة) مثل الأجانب الذين نزحوا إليه من شتى الدول، لا يملك حقاً غير تداول حماقات الحكومة السياسة على المستوى الداخلي والخارجي في وسائل التواصل الاجتماعي، يبحث عن الحقيقة ولا يجدها. الأيام الماضية شغل المدعو الفريق طه الشعب بحكايته الغريبة تلك، فهو أقيل من منصبه مديرا لمكاتب الرئيس، هذه هي الحقيقية الوحيدة التي أعلنتها الحكومة جهراً، ولم تعلن السبب، فهو غير مسموح للشعب أن يعرف لماذا يقال المسؤولون من مناصبهم، لكن الفريق طه واحد من المئات الذين يمثلون المؤتمر الوطني سمعنا عنهم حكايات خيانة الأمانة، ونقض العهود، وممارسة الابتزاز على الشعب والعمالة، ثم عاشوا كالشرفاء في المجتمع، بل وأصبحوا من ساداته، إقالة الفريق طه أفرحت المواطنين جداً لا لشيء سوى لأنهم عدّوه رمزاً من رموز الفساد يتهاوى، وهم يعلمون- تماماً- ألا طائل من سقوطه؛ لأنه إن ذهب هو فهناك ألف طه حكايتهم لن تنتهي إلا بنهايتهم جميعاً. ماذا فعل طه هناك ألف حكاية؟، ماذا حدث لطه هناك ألف حكاية؟، لا أحد يخرج من المسؤولين ليخبر المواطنين بالحقيقة؛ فالمؤتمر الوطني لا يفهم إن هذا السودان ملك لهم وليس له، وحكاية طه ليست هي الوحيدة التي دارت فصولها خلال 28 سنة، وانتهت دون أن يعرف المواطنون تفاصيل ما جرى إلا من خلال (الونسات)، ودون أن يسترد لهم حق أو تفش لهم غبينة، السؤال الذي يطرح- هنا- هل وصلت الرداءة بالمؤتمر الوطني إلى درجة أن عدّ الشعب مجرد طرطور لا يستحق حتى معرفة المعلومة الحقيقية عما يدور في بلده من أحداث، وكيف تدير الحكومة حياته- كلها- التي أصبحت تحت رحمة أفراد غير مؤهلين عقلياً ونفسياً، نعم هذا واقع الشعب السوداني الآن. بصراحة الشعب السوداني أصبح مغيباً- تماماً- عن دولته التي أصبحت تدار بمنتهى الفوضى، وعليه ما يحدث يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن السادة في المؤتمر ماضون في طريق الفساد بلا توقف، وأعتقد أن المواطنين في حاجة إلى مراجعة أنفسهم؛ فالسودان اليوم أحوج ما يكون إلى أن نفعل شيئاً من أجله، إذ يبدو أن مصالحه أصبحت مرهونة بالمصالح الشخصية للمؤتمر الوطني، الذي لم تعد تهمه حتى سيادة السودان، ومكانته بين الدول فمتى يستعيد الشعب مكانته، ويعلن أنه صاحب حق، وليس ضيفاً مغيباً. التيار