كنت أتوقع ردود فعل وحوارا ساخنا وخشنا ولكنني لم أكن أتوقع أن تكون الجبهة قد نجحت في نقل أخلاقها وأدبها الي قطاع كبير من المتعلمين" الحداثيين" مظهرا وأدعياء معارضة المشروع الإسلاموي. وأكبر نجاح للإسلامويين هو تسرب جرثومة العنف اللفظي والبذاءة والركاكة إلى ثقافة معارضيها. لم تهتم الجبهة بتخريب الاقتصاد الوطني فقط ،بل ركزت علي تخريب ضمير وعقل قطاع كبير ممن يسمون تجاوزا"مثقفين ديمقراطيين. شرعت الجبهة خلال فترة الديمقراطية الثالثة في عملية تخريب وجدان الإنسان السوداني من خلال صحيفةّ ّألوانّ" وكتابات حلمنتيش. فقد نقلت "ألوان" أُسلوب " الحكّمات" في الشتم والبذاءة والوقاحة إلى الصحف كما أدخلت ثقافة بعض سائقي التاكسي المصريين في التخاطب، فسائق التاكسي مستعد لشتم أحد المارة بأقذع الصفات وهولا يعرفه وليست بينهما أي صلة . وهذا ما كانت تفعله ألوان وبعض المتبنين لتربيتها هذه الايام ظننت ان الموضوع سوف يحفّز الجميع لإجراء نقاش فكري جاد بعيدا عن العنف اللفظي واخلاق الاسلامويين الفظة وغليظة الكبد ولكن الجبهة نجحت في إنتاج جيل من الدواعش الثوريين والتكفيريين الجدد وسط معارضيها ما زالت الأطروحات التي أوردها المقال قائمة ولا يجدي الاختباء خلف الشتائم والتشكيك. فالحركة الشعبية مطالبة بتقديم نقد ذاتي ومراجعة جذرية,كما أن أصحاب فكرة المركز والهامش عليهم الخروج من صراخ الشعاراتية وتقديم تنظير عميق يحترم العقول وصالح للاختبار. تفضلوا القوا سلاح العنف اللفظي وأخلاق ألوان تاركين الزبد واقفين إلى جانب ما ينفع الناس فلتتحلوا بالشجاعة الحقة وتعالوا إلى كلمة سواء قائمة علي العقل واحترام الاختلاف. نعم أنا جلابي اسعي لكي أجلب النور والتقدم والخير والجمال لشعبي بلا تمييز او عقد. وأكرِّس كل حياتي لهذه الغاية النبيلة والمقدسة. أقول لمن سألني عن انقسامات حزبي وحدده لي، أنني لا حزبي رغم أن العقول الخربة لا تتخيل وجود إنسان مستقل. وأقول لمن دعاني لمبايعة النظام أنني أمقت هذه الكلمة التي تنتمي لعقلية القطيع كما أن خلافي مع الإسلامويين فكري وليس سياسيا لكي أساوم. وكان (سارتر) يقول: بيني وبين البورجوازية ثأر لا ينتهي إلا بموتي أو موتها، وأقول بدوري: بيني وبين الحركة الإسلاموية ثأر لا ينتهي إلا بموتي أو موتها. لم أتأخر في نقد أو حوار الحركة الشعبية.فقد قمت والأخ د.فاروق محمد إبراهيم بلقاء د.قرنق بأسمرا في يناير 1996 وامضينا ليلة كاملة في النقاش مع وعد بعقد ندوة مع مركز الدراسات السودانية بالقاهرة في أقرب وقت. ولكن الندوة لم تنعقد لأسباب لا أعلمها حتى الآن. فقد انقطع الاتصال من جانب الحركة.