بالأمس تحدثت الأنباء عن إختفاء للدولار في أسواق الخرطوم .. طبعا الجهات المعنية بهذا الشأن في مصرف السودان المركزي كان لها من توضيحاتها الرسمية المبنية على الحالة العامة للإقتصاد واختلال ميزانه التي تميل فيه كفة المصروفات ومنها تكلفة الواردات بثقل كبير عن الكفة الموازية الخاصة بالدخل القومي الذي لن يتعافى إلا بارتفاع نسبة الإنتاج و زيادة حصيلة الصادر منه الخ ! ونضيف من عندنا تقليل الصرف الحكومي على الحروب وحماية النظام و البذخ البرتكولي ومخصصات المسئؤلين الحكوميين الذين أصبحوا شعبا بحاله الى جانب ما يقضمه الفساد المشرعن بالصمت عند اللغف و التحلل ساعة إعادة المسروق بعد الإستفادة من زبدة راس المال الحرام ! لكن من جانب السوق المسمى دلعا بالموازي خجلا من سواد أفعاله .. فإن إختفاء الدولار في اليومين السابقين لتوقع رفع أوتمديد العقوبات الأمريكية كان هو السبب المباشر للأزمة والتي هي بفعل فاعل من تماسيح هذا السوق وهم المتحكمون الأساسيون في مرجيحة هذه العملة الفريدة التي تلعب بجنيهنا كالريشة في رياح سطوتهم التي تتجاوزقوة القنوات الرسمية بمراحل ! فقد لبدوا بالأخضر الزرعي حتى يبين الخيط الأبيض من الأسود في ليلة حبس الأنفاس ..فإن أعلن التأجيل فإن ذلك سيؤدي الى ارتفاع الدولار مقابل الجنيه .. فيدفع أولئك التماسيح بمخزونهم للسوق ويبعيوه باسعار خيالية قد تتجاوز العشرين جنيها للورقة الأمريكية الحنينة لا سيما وان الحجاج على أعتاب الحاجة لهذه العملة العزيزة ..أما إذا ما تم إعلان رفع العقوبات فإنهم سيطلقون إشاعة ارتفاع سعر الجنيه مقابل الدولار فيتهافت الناس من غير ملوك السوق الأسود نحوالتخلص من مدخراتهم بكرامة البليلة خاصة المغتربين المساكين .. فيكنسها ( شفاط ) جوكية ذلك السوق ..ومن ثم تخزينها لعدة ايام وطرحها بالسعر الذي يروق لهم ويريحهم تماماً.. وهي لعبة لم تعد خافية حتى على من له قنبور في رأسه .. والمصرف المركزي يعلم بأصول هذه اللعبة ولكنه مضطر بحكم مسئؤلياته الإعتبارية أن يقول للناس شعرا منمقاً بمفردات الإقتصاد العلمية ومصطلحات التبريرات الجاهزة التي قدلا يفهمها العامة ! وهاهي امريكا تمدد الى ثلاثة أشهر أخرى .. زمن المباراة الباردة السجال من طرف واحد وفيها طرف أنفاسه تتقطع قلقا على نتيجتها النهائية ..والمستفيد في كل الحالات هم الذين جلبوا لنا هذه الكوارث .. أما الخاسر الأكبر فهو معروف يا ولدي معروف ولا يحتاج فهم مأساته الى قارئة فنجال ! [email protected]