ما قاله وزير الإعلام على هامش مؤتمر وزراء الإعلام العرب.. إما أنه كان خطيرا حد اضطرار لجنة الإعلام بالبرلمان على استدعاء الوزير على عجل لاستجوابه رغم غياب البرلمان.. وإما أنه كان هايفا حد أن تقرر لجنة الإعلام وحدها إغلاق الملف مكتفية باعتذار الوزير.. ومن صاحب التفويض في قبول العفو..؟ لا أحد يعلم.. غير أن المثير في كل هذا.. لم يكن كل هذا.. بل المثير والمحير أمر آخر تماما.. فلجنة الإعلام الموقرة لم تغضب وتثر وتنفعل و.. تنفقع مرارتها.. لأن وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة.. قد نسف بعبارة واحدة موقف الحكومة الاستراتيجي من مشروع إقليمي خطير أقام الدنيا ولم يقعدها مثل مشروع سد النهضة.. السودان أقر قيام المشروع.. وذهب في هذا الإقرار مذهبا بعيدا.. مستصحبا في ذلك مصلحته القومية بالدرجة الأولى.. بالضرورة.. كما تفعل أية دولة محترمة.. بل تجاوز السودان ذلك.. وفي واحدة من الحالات النادرة.. نجح في أن يلعب دورا دبلوماسيا محوريا.. في تقريب وجهات النظر بين دولتي إثيوبيا ومصر.. وبات الموقف السوداني مؤثرا في هذا الملف لأبعد الحدود.. وفي كل المراحل حافظ السودان على مصالحه وعلى موقفه وعلى دوره.. ولم ينف السودان يوما سعيه الدؤوب لنزع فتيل الأزمة بين المتنازعين.. إثيوبيا ومصر.. ولكن وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة.. قد تجاوز كل ذلك.. وبضربة لازب نقل موقف السودان إلى داعم لموقف مصر.. وكأن الوزير المختص لم يبح صوته يوما في الدفاع عن موقف السودان الذي انعتق.. ربما لأول مرة من موقف مصر.. وكأن كل تلك الدراسات والبحوث وورش العمل لم تنعقد وتفرزها.. وكأن كل أولئك الخبراء لم يعكفوا يوما على إعداد الدراسات وتقديم التوصيات التي تنصح بتأييد قيام سد النهضة.. بل دعم تنفيذه إن دعا الأمر..! ثم المفارقة الثانية.. والمحيرة حقا.. أن لجنة الإعلام لم تنتفض انتفاضتها المضرية.. وتنفقع مرارتها.. لأن الوزير بنفسه قد حمل معولا.. ليهيل به التراب.. لا على تاريخ بلده فحسب.. بل على شهادته هو شخصيا.. التي قدمها ذات يوم.. مؤكدا فيها رسوخ قدم السودان في عمق التاريخ.. وربما لم يكن تاريخ السودان أصلا في حاجة لشهادة الدكتور أحمد بلال.. بعد أن أثبت قدمها وتقدمها على العالمين.. علماء الآثار والتاريخ من أربعة أركان العالم.. قاطعين الشك باليقين أن الحضارة النوبية هي الأقدم..! ثم وأخيرا.. لم يهز شعرة في رأس لجنة الإعلام الموقرة.. ولم تنفقع مرارتها.. ووزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة يقول على رؤوس الأشهاد ويعلن على الملأ.. عذرا أيها المصريون.. في الحقيقة أنتم أبرياء.. فلم يثبت لنا أنكم قدمتم أي دعم لمتمردي دارفور.. هذه الإفادة مقروءة مع ما أعلنه رئيس الجمهورية من تحميل مصر مباشرة.. مسؤولية توفير دعم لوجستي حقيقي لحركة تحمل السلاح ضد الدولة في دارفور.. تقول إن الرئيس كان يهرف بما لا يعرف.. إن لم نكن أكثر وقاحة وقلنا.. وزير الإعلام قال إن الرئيس كان يكذب..!!! كل هذا لم يغضب لجنة الإعلام.. إنما أغضبها.. وفقع مرارتها تطاول الوزير على صاحبة الصون.. قناة الجزيرة.. وعبرها كما فهمت لجنة الإعلام.. دولة قطر.. بمعنى آخر.. الدفاع عن الجزيرة وقطر كان مقدما على الدفاع عن كرامة السودان..! حققت لجنة الإعلام مع وزير الإعلام بتهمة الانحياز في.. زمن الحياد.. فانحازت هي الأخرى.. فهل تعتذر..؟! اليوم التالي