بعد أن ملأوا الأصقاع جوراً وفساداً وسلاحاً؛ يحاولون الآن التنكر لحصاد غرسهم الخبيث عبر تصريحات يطلقونها بكل (حرفشة)؛ وكأنهم أبرياء من هذا القاع المظلم الذي أوصلوا إليه البلاد بالقوة؛ وهيَّأوا مناخها لسفك الدماء..! فها هو أحد المخادعين من سواعد دكتاتور السودان ومخربي برّه وبحره؛ يتحذلق بأقاويل يباعد بها بين نظامه وبين الواقع الذي صنعه في دارفور؛ بتحويل مناطقها إلى مفازات من جحيم.. فإن لم يكن المخادع نائب البشير فمن يكون؟! إنه حسبو محمد عبدالرحمن؛ وبعد أن نشر نظامهم الحاكم المليشيات والسلاح في دارفور ووزع الفتن بأسلوب يعجز إبليس؛ انقلب هذا النظام يعُض أصابعه مما اقترفت يداه؛ فقد نقلت (الجريدة) أمس تصريحات المذكور كالتالي: (قال نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن؛ إنه لابد للدولة أن تضع حداً لانتشار السلاح من خلال جمعه من أيدي المواطنين وإعادة هيكلة القوات النظامية، وأضاف: لا حصانة لأي فرد تجاه تطبيق القرار الرئاسي لجمع السلاح. وأوضح حسبو خلال لقائه أعضاء حكومة ولاية جنوب دارفور وأعضاء المجلس التشريعي بالولاية في العاصمة الخميس أن انتشار السلاح في أيدي المواطنين صار مهدداً للأمن القومي. وأعلن نائب الرئيس استخدام تفويض الطوارئ تجاه من وصفهم بالمجرمين وتجار الحرب ومقاتلتهم. وتابع طبقاً لشبكة الشروق بالقول: إن الدولة وبعد الإجماع الذي تحقق عبر الحوار الوطني كان لزاماً عليها تحقيق السلام الاجتماعي والتعايش السلمي وإزالة الرعب وكافة إفرازات أزمة دارفور عن كاهل المواطن ونقل الناس إلى التنمية والاستقرار). 1 عندما نسمع عبارات مثل (المجرمين وتجار الحرب) على لسان حسبو ونظرائه؛ نتخيَّل أنها صادرة عن مصلحين نزهاء ورجال سلام حقيقيين؛ وليست صادرة من جماعة تفتك بالإنسان وتسير نائحة في جنازته..! 2 يتكلم المذكور عن انتشار السلاح بأيدي المواطنين في دارفور؛ مما يهدد الأمن القومي؛ ولا شجاعة عنده ليقر بأن انتشار السلاح كان بجهد (شيطاني) خالص من حكومته؛ وبسبب ذلك صار رئيس هذه الحكومة مطلوب جنائياً.. لكن حسبو كما يبدو يتحدث عن السلاح وكأنه (مولود) مع المواطنين..! فالحكومة تجاوز سلاحها وإرهابها لما وراء البحار؛ ناهيك عن دارفور التي أغرقوها في الدماء بسياساتهم (الجنجويدية). 3 يتحدث عن ضرورة هيكلة القوات النظامية.. وإنها مفارقة صارخة؛ فالبلاد التي كانت قواتها معافاة و(صافية) بمعزل عن فيروس الإخوان المتأسلمين صارت المليشيات (علامة بارزة) في صفوفها؛ ولا ننسى المهووسين (باسم الجهاد)..! والمؤسف أنه على امتداد الحكومات المتعاقبة لم تتجرأ جهة لتحقير القوات إلّا في عهد البشير؛ فقد عشنا حتى رأينا بعض الأعراب يسمونها المرتزقة..! 4 افتراءً ووهماً يتحدث حسبو في الخبر عن (الإجماع الذي حققه الحوار الوطني).. بينما إجماعه لم يتجاوز تلك القلة المتهافتة تجاه (أُمْبَاز) السلطة! فالذين توزعوا ما بين البرلمان السائب وبقية موائد الحزب الحاكم لا يشكلون إجماعاً إلّا في خيال المرضى بجرثومة الكذب، أي أهل المائدة المسمومة..! * إن السلام واستتباب الأمن في دارفور وغيرها لا يُرجى من المخربين المنافقين الذين لا يملكون شجاعة الاعتراف بجرائمهم وفسادهم؛ وليس لجماعة حسبو شيئاً سوى التنكر لأفعالهم البشعة في دارفور وخلافها.. رغم ذلك تتعالى أصواتهم ضد المتفلتين الذين مهدت لهم السلطة دروب الانحراف بفوضاها القبَلية..! ثم يدور الزمن بأعجوبة فنرى هذه الجماعة التي تقتل القتيل وتشيِّعه بالتهليل؛ تستنكر انتشار السلاح في دارفور (أي تستنكر بضاعتها المقدسة)! ويستنكرون الهمجية دون أن يؤشروا إلى سوءات أنفسهم ولو مرة.. أو كما يفعل حسبو بالضبط..! أعوذ بالله الجريدة (الصفحة المحظورة).