قبل كورونا حددت الأممالمتحدة هدفا يتمثل في القضاء على الجوع بحلول عام 2030، إلا أن تحقيقه ليس سهلا، في ظل الصراعات المسلحة وتغير المناخ، وجاء فيروس كورونا ليزيد صعوبة الوصول إلى هذا الهدف بسبب الأزمة الاقتصادية وزيادة أسعار المواد الغذائية وتعطل سلاسل التوريد، وارتفاع نسب الفقر والبطالة. ومنذ بداية كورونا وصل الجوع العالمي إلى أعلى مستوى له منذ عقود، وفق ما ذكرت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية التي قالت إن كورونا سيضيف ما بين 83 مليون إلى 132 مليون شخص لقوائم الجوعى. كما أوضحت الصحيفة أنه في البلدان النامية من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي هذا العام إلى 265 مليون شخص، وتمتد تداعيات هذه المشكلة إلى ما هو أبعد من المخاطر المباشرة لسوء التغذية. فانعدام الأمن الغذائي يؤثر سلبا على الصحة الجسدية والعقلية، ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل سلوكية في مرحلة الطفولة وضعف في التحصيل العلمي ومشاكل في النمو، وغالبا الحرمان مستقبلا من فرص العمل. قبل الوباء كان 2 مليار شخص أو حوالي ربع سكان العالم تقريبا لديهم صعوبة في الحصول على الغذاء والعيش بنشاط وصحة، وبعد كورونا تفاقمت المشكلة، كما أن الأطفال هم من الأكثر عرضة لخطر انعدام الأمن الغذائي. ونصف الأطفال الذين يموتون قبل سن الخامسة يموتون بسبب نقص التغذية، وقبل الوباء قدرت الوكالات الدولية أن 21.3 في المئة من أطفال العالم يعانون من ضعف النمو، وكانوا أقصر من غيرهم مقارنة مع أعمارهم. وبسبب كورونا من المتوقع أن يزداد العدد بمقدار 6.7 مليون طفل، وهو تغيير من شأنه أن يرفع النسبة إلى أعلى مستوى لها منذ ما يقرب 20 عاما. ومما يهدد الأمن الغذائي أيضا ارتفاع الحرارة والفيضانات والجفاف والزلازل، وتعرض المحاصيل للكوارث الطبيعية، إضافة إلى الصراعات المسلحة وتهجير السكان، حيث يعيش حوالي 60 في المئة من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في أماكن النزاعات، بحسب المجلة. كما تسبب فيروس كورونا بارتفاع أسعار المواد الغذائية من يونيو إلى سبتمبر، وفي أبريل الماضي سجلت أسعار البقالة في الولاياتالمتحدة أكبر زيادة لها منذ 50 عاما، وأصاب ارتفاع أسعار المواد الغذائية البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بشكل أكبر. وأدى كورونا إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي بشكل كبير وضعف في سوق العمل، ففي الربع الثاني من عام 2020 فقد 400 مليون شخص وظائف بدوام كامل على مستوى العالم، ومن المرجح أن تؤدي الموجة الثانية من الوباء لفقدان 340 مليون وظيفة. ومن المتوقع أيضا أن يدفع الوباء أكثر من نصف مليار شخص إلى هوة الفقر، ويصاحب الفقر انعدام الأمن الغذائي، ومع انعدام الأمن الغذائي يصبح الوضع الصحي أسوأ. وأدت القيود المفروضة على التنقل بسبب كورونا إلى تعطيل سلاسل التوريد، وتدعو منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي معا إلى اتخاذ إجراءات جماعية لضمان عمل سلسلة الإمدادات الغذائية بشكل جيد أثناء كورونا.