لم أجد جملة أقوى ابدأ بها هذ الموضوع عن شأن وهموم الصحافة والصحفيين السودانيين سوى كلمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش حيث قال (عندما يُستهدف الصحفيون، تدفع المجتمعات بأسرها الثمن. وإذا لم نقم بحماية الصحفيين، تصبح قدرتنا على البقاء على عِلم بما يجري حولنا وعلى اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة محدودة جداً. وعندما لا يستطيع الصحفيون القيام بعملهم في أمان، فإننا نفقد خطاً دفاعياً مهماً ضد جائحة المعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة التي انتشرت على الإنترنت)، وجاءت كلمته تلك بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الافلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، الذي يحتفل به العالم في الثاني من نوفمبر كل عام.. الكل يعلم مدى القهر والانتهاكات التى طالت حقوق الصحفيين إبان العهد البائد، وعقب الثورة توفر مناخ حريات جيد للصحافة ووسائل الإعلام، إلا أن الأوضاع الاقتصادية للصحفيين ومؤسساتهم الصحفية والإعلامية تستدعي وقفة مراجعة من قبل السلطة الانتقالية والمجتمع المدني والوسط الصحفي والإعلامي نفسه، فكل فترة وأخرى نشهد إغلاق مؤسسة صحفية، بكل ما يعنيه ذلك من تشريد للصحفيين وضياع حقوقهم واهدار لحرية الصحافة. إن النص على حرية التعبير في الوثيقة الدستورية سيصبح فاقد القيمة في ظل أوضاع تهدد استمرار بل بقاء المؤسسات الصحفية، بسبب ارتفاع تكلفة إنتاج الصحف، بينما تشهد أوضاع الصحفيين الاقتصادية والاجتماعية تراجعاً مخيفاً، دفع ويدفع العشرات منهم لترك مجال العمل الصحفي، أو الهجرة، أو البحث عن عمل آخر يساعد على تحمل الأعباء الأسرية والاجتماعية المتفاقمة وينعكس ذلك سلباً على الأداء والتجويد وتطوير القدرات ومتابعة الأحداث. أما أوضاع الصحفيات فهي الأسوأ، بالنظر لأوضاعهن الاجتماعية الهشة كنساء، وزادت معانتهن إبان فترة الإغلاق بسبب جائحة الكورونا، نتيجة الترتيبات الإدارية التي لجأت إليها إدارات الصحف للتأقلم مع حالة الحظر، وجاءت لغير صالح الصحفيات اقتصادياً ومهنياً، إن الصحافة السودانية الأن في محنة حقيقية، تستدعي تماسك الوسط الصحفي لحماية المؤسسات الصحفية من الانهيار ويتطلب ذلك العمل يد واحدة من أجل الضغط على السلطة الانتقالية لتقوم بواجبها في معالجة المشاكل الاقتصادية لصناعة الصحافة، كما يتطلب التكاتف من أجل إعادة تأسيس نقابة ديمقراطية للصحفيين، تراعي وتحمي حقوقهم، وتدافع عن الحريات الصحفية ضد أي انتهاك.. قاوموا.. ______ *الميدان 3718،، الثلاثاء 10 نوفمبر 2020م.*