رغم جائحة الكورونا ورغم توجيهات هيئة شئون الأنصارأبت جماهبر الشعب السودانى الا أن تشارك حضوراً بكثافة مذهلة فى وداع آخر رئيس وزراء شرعى للسودان ،خروج تلقائىوحشود لم ينفع معها لا تحذيرات من جائحة ولا توسلات بتلقى التعازى فى أماكن سكناهم. حلمه وتهذيبه وتقبله للآخر: شخصان ندمت كثيراً أننى لم أعرفهما عن قرب منذ وقت أبكر من عمرىهما العميد يوسف بدرى والامام الصادق المهدى رحمهما الله، كنت أعرفهما كشخصيات عامةلهما مكانتهما لا أكثرحتى تهيأت ظروف معينة فى تاريخ شعبنا لأتَعَرَّفعلىعدد من الشخصيات المعطونة بحب الوطن فى ندوة العميد والتى تنعقدلمناقشة مشكلات البلاد وبخاصة فى الظروف العصيبة ،فالعميد لا تجلس اليه لبعض الوقت الا وتنصرف منهوقد تغبرت نظرتك الى كثير من الامور فى اتجاه موجب وازداد يقينك بأن الوطنية الحقة ورضى النفس هما العطاء للوطندون منٍ أو أذىودون انتظار عائد مادى لشخصك،كان العميد سبباًفىأن نجتمعبالامام،وكنامجموعة صغبرة جداًمن أكاديميين،فى بدايات عهد الانقاذ وبُعًيد خروجه الأول(الامام) من معتقلات وسجون الانقاذالتى صارت داراًله بالاضافة الى المنافى، وفى المعتقلات عُذِب وأُهينولكنه ،والى أنتوفاه الله ، لم تلن له قناة أويحمل ضغينة لأحد ولا حتى للذين أجلسوه على كرسى بثلاثة أرجل (منزوع الرابعة) موجهين ضوء مصباح قوى فى وجهه أثناء تحقيق مزعومطويلوهو لا يستطيع أن يرى وجه المحقق الذى أمامه من تأثير قوة الاضاءة وكذلك لم يهتم بالذين هددوه بالمسدس مصوباً اليهوملامساً لجسده واتخاذه رهينة ضد العمل المعارض ،فكل ذلك لم يغير شيئاً من طبعه المسالم المهذب ودعواته المتكررة الى التغيير بالوسائل السلمية التى تحقن الدماء ولا توغر الصدورفتخرب الديار متمسكاًبوصية الامام المهدى "من فشَّ غبينته خرَّب مدينته (تقرأ:من فشَّ غبينتو خرَّب مدينتو)"ولم يهتم أو يتحدث عن ما أصابه شخصياً ، ولولا بعض زملائه فى المعتقل لما علمنا بشىء من كل تلك المصائب الشخصية اذ كان اهتمامه رحمه الله بالعام وليس بالخاص، وعفا الله عن الكاتب الذى يرجو ألا يذهب لملاقاة ربه قبلان يقول ما علم دون استئذانوغفر الله للذين يتهمون الامامبأنه هادن الانقاذفسلامة الوطن عنده مقدم على سلامته الشخصية. عن جوانب اخرى من شخصية الامامأورد الكاتب حسن الجزولى فى "سودانايل 28 نوفمبر2020″عن الراحلة فاطمة أحمد ابراهيم رحمها الله انه سألها وهو يوثق لها عن انطباعاتها عن الامامفكان ردها " انها لم تشهد فى حياتهاشخصاً بهذا القدرمن التهذيب والاحترام للآخرورأى الآخر رغم اختلافه مع الآخر. تفانيه فىحبالوطن وترابه: لا استطيع أن أزيد الا القليل لما سبق أولما ذكره دكتور فرانسيس دينق فى رثائه للاماموهو يصف اندفاع الجماهير حداداَ عند وداعهواصفاً المشهد بانه تكريميلائم تفانيه (أى الامام ) الذى لم ينضب فى خدمة البلاد التى أحبها باخلاصلا حدود له وأضاف " من الواضح أنه شعر بأنه قد ورث التزاماً مقدساَ فى تكريس حياتهلقيادة البلادالتى حررها جده الأكبرمن الهيمنة الأجنبية عام 1885 "وازيدمن عندى كلمات أُخَرعلى حديث دكتورفرانسيس أن الامام قدَ كرّس فعلاً حياته لحماية استقلال البلاد وحرية قرارهاوالحفاظ على وحدتها من عبث العابثين ، كماكان يذكِّر دائما باصول الاسرة التى تمثل الخلطة السودانية فى أبهى صورهااذ هى مزبج متناسق من قبائل وجهات السودان المتعددة. قيادة منفتحة متحضرة : طبيعة دراسته المتنوعة غير التقليدية والطريقة التى نشأ عليهاجعلته مواطناَ سودانياَ عاديا يجالس غمار الناس فيحسون انه واحد منهم ،كما جعلته مثقفاًموسوعياَ وشخصاًحديثاًمتحضراً ،حيثما وطأت قدماه فهو ليس بالغريب، هو ذلك القارىء النهم والكاتب الذى لا يَمِل ولا يُمَل والمشارك بقوة وتأثير فى المنتديات الدولية حول الفكر والثقافة والسياسة والدين ، والمستمع المنتبه الى كل ما يقول محدثه، وهو الداعية والمتدين دونما عنت أو تطرف،وهو الحليم المهذب المتسامح والعافى عن الميسيئين اليه والمجرمين فى حقه وقد علمت من بعض الناشطات فى مجال نضالات المرأةأنه معروف فى دوائرهن ب"المُهَذَّب المُعَذَّب". كان بلاشك من أقوى العاملينلنصرة المرأة والداعمين لها والداعين الى سلامتها ونيل حقوقها دون انتقاصوهو "أبو ام سلمة"