يقول الثوري الفرنسي سان جوست "لا حرية لإعداء الحرية" ويعرّف مونتسكيو الحرية بفعل كل ما لا يضير غيرك، والتي من الممكن تلخيصها بعبارة «أنت حر ما لم تضر». ويقول ابراهام لنكولن: لا أحد يحب قيوده و لو كانت من ذهب. ويقول جيمس ارثر بالدوين: والحرية لا تمنح وإنما يتم انتزاعها. والحرية هي روح الإنسان وأنفاسه .. فلا الطير مرتاح أن اودعته القفص.. ولا السجين مرتاح ان زج به خلف القضبان. ولا المريض مرتاح ان ظل طريح الفراش. فالحريّة أن تعيش كما تريد. وأن تذهب لكل مكان تريد. وأن تلتقي الأحبة وقت تريد. وأن تأكل متي تريد. ان تلبس ما تريد أن تتكلم بما تريد أن تشتري ما تريد وما أبلغها كلمات جمال الدين الأفغانى واصفا من يقهر الشعوب ويهدر حق الإنسان فى أن يحيا حياة تسودها العدالة، والحرية، والديمقراطية. حيث يقول: «ملعون فى دين الرحمن.. من يسجن شعباً.. من يخنق فكراً.. من يرفع سوطاً.. من يُسكت رأياً.. من يبنى سجناً.. من يرفع رايات الطغيان.. ملعون فى كل الأديان.. من يُهدر حق الإنسان.. حتى لو صلّى أو زكّى وعاش العمر مع القرآن».. وان كان اليأس قد بدأ يدب في بعض النفوس النقيه. فبعض العسكر يقتلون الاحرار كل حين بسكينهم الصدئه. وقد أصبحت المدنية التي تظللنا محاصرة بالدوشكات والبارود. فان هتفتا ضدهم ضربونا . وان صرخنا في وجوههم كل صباح ( لم تسقط بعد) قاموا في النيل رمونا. فما زال المجرمون وأنصار النظام البائد بكامل أسلحتهم . وبالأمس كانت الفوضي الخلاقة في شارع النيل ضربا واغتصابا بسكاكين النيقرز. ومن غيرهم يحرض النيقرز. ومن غيرهم يوجه النيقرز. ومن غيرهم يسلح النيقرز وحقا فلا حرية لإعداء الحرية. فالحرية شمس يجب أن تشرق في كل بيت. و الحرية اخوتي مصير حياة. فمن عاش محروماً منها عاش في ظلمة حالكة يتصل أولها بظلمة الرحم وآخرها بظلمة القبر. فلا غرابة أن طلب السودانيون الحرية أو عشقوها. فطالب الحرية ليس بمتسوِّل ولا مستجد وإنما هو طالب حق سلبته المطامع البشرية. أن مسامات الحرية أصبحت تتوسع باطراد، وأن الاستفراد بالرأي وتغليب التسلط بات مستحيلا. وأن زمن ترهيب الاحرار بالسلاح والكاكي لن يجد للاحرار سبيلا. فاستعيدوا اخوتي الحرية من أفواه دوشكات المجرمين. ورحم الله شوقي الذي ابدع في وصف الحريه: يا أيها السائل ما الحرية سالتَ عن جوهرة سنيه تضئ أرواحا لنا زكيه يا نعمت الحياة بالحريه لذاذة طاهرة نقيه تبعث في قلوبنا الحميه تبعث فيها الهمة الأبيه فتأنف المواقف الدنيه وتألف المنازل العليه العز كل العز في الحريه يا جاهلا معاني الحريه يا فاقدا حسّ الحياة الحيه عميت عن أنوارها البهيه صممت عن أنغامها الشجيه فأنت في غفلتك الغبيه أشبه بالبهائم الوحشيه لم تَرد الموارد الشهيه لم تعرف اللذائذ الهنيه موردك المذلة القصيه لذتّك النقائصُ البذية تعيش عبدا حاله شقيه مستضعَفا تمقتك البريه يا سالبا نفوسنا الحريه يا راكبا مراكب الخطيه الله أعطاك لنا عطية غريزة في خلقه فطريه لَنبذلنَّ دونها ضحية النفس والنفيس والذرّيه