السودان يبحث مع بريطانيا دعم جهود السلام والتعافي الاقتصادي    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    الهلال السوداني يتفوق على غاسوقي يونايتد بثنائية نظيفة في الدوري الرواندي    الأردن يهزم الإمارات في كأس العرب    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    السودان تتعادل مع الجزائر والعراق تهزم البحرين    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    المريخ يستعيد ذاكرة الفوز ويكسب رويسترو بهدف فاتوكون    إعادة تأهيل مستشفى بحري بولاية الخرطوم وافتتاحه مطلع 2026    تطويق مربعات دار السلام بامبدة والقبض على كميات كبيرة من المنهوبات    غضب كيليان مبابي من التحكيم يسرق الأضواء    دراسات: انخفاض ضوء الشتاء يغيّر نمط النوم    كم مرة يجب أن تقيس ضغط دمك في المنزل؟    محمد حامد جمعة نوار يكتب: لماذا بابنوسة    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    المدير العام لجهاز المخابرات يقود وفد السودان في مؤتمر الجريمة المنظمة بصربيا    شاهد بالفيديو.. مواطن باكستاني يتغزل في السودانيين: (الواحد منهم إذا حطيته في الجرح يطيب..نسوني همومي بأرواحهم الراقية وقلوبهم الصافية وعقولهم النظيفة وتعيش بينهم لكن صعب تعيش بدونهم)    شاهد بالفيديو.. الأخوين أصحاب "الترند" يعودان لخطف الأضواء من جديد ويطربان والدتهما بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تحتفل بعيد ميلادها وسط سخرية غير مسبوقة من الجمهور: (افتحي التعليقات كان تقدري وشوفي الاحتفال الصاح)    شاهد بالفيديو.. مواطن باكستاني يتغزل في السودانيين: (الواحد منهم إذا حطيته في الجرح يطيب..نسوني همومي بأرواحهم الراقية وقلوبهم الصافية وعقولهم النظيفة وتعيش بينهم لكن صعب تعيش بدونهم)    كيف يعود المريخ ومتى؟    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تحتفل بعيد ميلادها وسط سخرية غير مسبوقة من الجمهور: (افتحي التعليقات كان تقدري وشوفي الاحتفال الصاح)    السودان.. تقارير تكشف مقتل قادة عسكريين في كمين    النقطَة ولا صَمّة الخَشُم    شاهد بالفيديو.. قبل يوم من المباراة.. معلق مباراة السودان والجزائر "العماني" يتوقع فوز صقور الجديان على محاربي الصحراء في كأس العرب    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    شبان بريطانيا يلجأون للمهن الحرفية هربا من الذكاء الاصطناعي    احذر تناول هذه الأدوية مع القهوة    الأمين العام للأمم المتحدة: صراع غزة الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إخطار جديد للميليشيا ومهلة لأسبوع واحد..ماذا هناك؟    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الميليشيا ترتكب خطوة خطيرة جديدة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مخاوف من تأثر أسواق دارفور بقرار منع حظر خروج السلع من الشمالية    بالصورة.. مذيعة سودانية كانت تقيم في لبنان: (أعتقد والله اعلم إن أنا اكتر انسان اتسأل حشجع مين باعتبار اني جاسوسة مدسوسة على الاتنين) والجمهور يسخر: (هاردلك يا نانسي عجرم)    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر المثيرة للجدل سماح عبد الله تسخر من الناشطة رانيا الخضر والمذيعة تغريد الخواض: (أعمارهن فوق الخمسين وأطالبهن بالحشمة بعد هذا العمر)    شاهد بالصورة والفيديو.. بثوب فخم ورقصات مثيرة.. السلطانة تشعل حفل غنائي بالقاهرة على أنغام "منايا ليك ما وقف" والجمهور يتغزل: (كل ما نقول نتوب هدى عربي تغير التوب)    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف مات عثمان عابدين على كرسيه؟
نشر في الراكوبة يوم 29 - 01 - 2021

لم أعتد كتابة المراثي، ولطالما استهجنت دهرا افراط ثقافتنا في الاهتمام بالموتى ومدحهم أكثر من الانشغال بمصير الأحياء، وغرقنا في الماضي على حساب المستقبل وتحدياته وفرصه، فلماذا إذا أرثي اليوم الكاتب والصحافي عثمان عابدين وما الذي مثله هذا الرجل؟.
كثيرا ما قرأت وسمعت في الصبا والشباب الأول عبارات عن الراحلين على طريقة: كانت الابتسامة لا تفارق وجهه في أحلك الظروف، وكان ما في جيبه ملكا للناس، وكان رجلا من طراز نادر، وها هو ذا الزمان يدور دورته، فأجدني حيث صار القوم صائر، عاجزا عن مقاومة دوافع الكتابة عن أحد هؤلاء الرجال النادرين، لا لنمدح مناقب الموتى فحسب، بل لنحتفي بالإنسان والمستقبل والكفاح من أجل الحياة.
كان عابدين قلبا لا يعرف الكراهية والغضب تجاه البشر، فلا يخاصم أحدا، عذبا متدفقا مثل جدول ماء في صحراء قاحلة، مليئا بروح الدعابة والمرح.
ولم يكن لدى عابدين ادعاءات من أي نوع، كان شخصا حقيقيا، بسيطا، بدون أقنعة وأوراق توت يختبيء كل يوم خلف إحداها، يحب سرد القصص والذكريات، لا تكاد تراه أو تشعر به لتواضعه وعذوبة دخوله إلى الأمكنة والأوقات وانسحابه منها.
وكان عثمان مستمعا جيدا، يمتلك ما يكفي من الصبر والصمت لسماع قصة أو رأي لنصف ساعة دون مقاطعة، من شاب يصغره بثلاثين عاما، حتى لو كان موضوع الحوار نقد عثمان ونقد جيله بلا رحمة..!
كان عابدين طفلا في صفاء سريرته وصدق مودته وحسن نيته، ومرحه وقدرته المذهلة على تبديد كآبة العالم ووحشته بقصصه وذكرياته وأحاديثه وحضوره الذي يكاد يعطل قوانين الفيزياء ويلغي أبعاد الزمان والمكان الجامدين ليصنع عالما آخر من البساطة والنقاء.
وكان عثمان رجلا ما عرفت مثله قط في الصبر الجميل الذي لا ينفد في وجه المصائب وصنوف الخذلان والخيبة وتبدل الزمان وأهله. وكان رجلا يملك لجام انفعالاته وغضبه كما يحكم الفارس قبضته على لجام جواده.
وفي ظل هذه المرحلة العصيبة التي تعيشها بلادنا، فإن في قصة عثمان عابدين لعبرة، فهنا إنسان يواجه العالم بصفاء وابتسامة طفل وجلد أشد الرجال صلابة وعزما.
هل رأيت فرحة صغار العيد في عيني عثمان بهدية أخوية رمزية من زميل في مقام إبنه يسكن معه ذات العمارة، وهل سمعته يقول: أخوك الشاب الصغير أراه في الطريق، و والله لقد أحببته هكذا لله، فأبلغه عني التحية والمودة والسلام..!
قصة عثمان عابدين قصة كثير من السودانيين والبشر، إنسان عظيم في بساطته، عاش كما يعيش الناس، تعلم وعمل وتزوج وهاجر وأنجب وتقدم به العمر، قصة رجل كاد يهزم الموت، بضحكته وسريرته البيضاء التي لا تعرف الغضب والحقد والكراهية، ولا ينال منها تكالب المحن والخيبات، ولا حتى الموت الذي استقبله عابدين وسط زملائه بهدوء قبل الساعة الرابعة عصرا بدقائق معدودة، كما لو كان يغمض عينيه لبرهة على كرسي مكتبه، ليصحو ويستكمل ملحمة حب الناس والحياة.
إنها قصة إنسان عاش الحياة بالقلب السليم والابتسامة والحكايات والذكريات، وواجه النهاية بالصبر الجميل، لا يشكو ولا ينهار ولا ينفك صامدا كالجبال مرحا كالأطفال، ومات حاملا بيده شعلة كفاح نوعنا الإنساني في سبيل غد أفضل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.