القسم أعلاه وأنا صائم ، وأكرره و عليّ وزر ما أقول: نعم، أقول لا توجد أزمة بنزين و لا جازولين، وسندي في ذلك مشاهدة فعلية لفساد يسعى على قدمين….. وفي وضح النهار. لقد سافرت قبل أيام من مدينة ود مدني إلى قريتي بشرق الجزيرة، ولفت نظري وجود أعداد مهولة من الرواكيب على طول الطريق، وعلى جانبيه، لا تفصل بين الواحدة و التي تليها أكثر من ثلاث أو خمس كيلومترات، وتتكاثر كالسرطان، حيث تشاهد مجموعات من الشباب وهي منهمكة في بناء المزيد… حتى يخال لك أن تلك (الرواكيب الصغيرة ح تبقى أكبر من مدن) كما يصدح مصطفى سيد أحمد … مع إختلاف رواكيب مصطفى عن تلك.. وترى أمام كل راكوبة عنقريب ينام عليه أحد الشباب و أمامه مجموعة من الجركانات المليئة بالبنزين و الجازولين، وعلى مقربة منه خلف الراكوبة براميل معبأة بتلك المواد، وترى على طول الطريق أصحاب السيارات وهم يتوقفون للشراء، ويتم البيع دون خوف من رقيب ولا حسيب. هذا البنزين و الجازولين يباع بأسعار خرافية كسوق أسود، بل حالك السواد، وكان من الطبيعى أن يكون بمحطات الوقود وليس معروضاً على قارعة الطريق… يحدث ذلك وتتكدس السيارات أمام المحطات الخاوية وتتعطل مصالح الناس ودولاب العمل بكل إنعكاساته السالبة. والله لقد حدثني أحد سكان إحدى تلك القرى الذي جمعني به صيوان عزاء، أنه يحدت أن ينزل تانكر كامل من الطريق ليدخل قريتهم ويفرغ حمولته (كلها هناك)… رجاءاً، إنتبه.. قلت (تانكر كاااامل)! وينتصب السؤال الحامض: من الذي يبيع هذه الكميات الهائلة من الوقود لهؤلاء الشباب الذين خلقوا طبقة من الأثرياء في كل القري المتناثرة على جانبي الطريق؟ من الذي يسمح بذلك؟ كيف يجرؤ سائق تناكر أن يخرج من الميناء بقصد تفريغ حمولته في مستودعات الدولة ويبيعه في إحدى القرى ويضع كامل القيمة في جيبه وجيوب شركائه؟؟؟ أين مستندات الشحن والتفريغ التي تثبت أن الحمولة قد أُستلمت بالموقع المطلوب؟ والجواب واضح: هنالك مافيا تنسّق بين المسئولين في الميناء والمسئولين في المستودعات تلعب في عملية الشحن والتفريغ، ولا بد من وجود رؤوس كبيرة…. هنا وهناك… سيدي والي الجزيرة: رجاءاً، سافر من مدبنة ود مدني شرقاً حتى حدود ولايتك أو واصل السير حتى القضارف وشوف بعيونك… خروج وعودة: ألا ترى عزيزي قارئ هذا المقال، أننا شركاء مع الحكومة (فيفتي فيفتي) في كل هذا البلاء والعنت والمشقة والمشاكل التي تأخذ برقاب بعضها وتطحن الجميع؟؟ خروج نهائي: عفواً سيدي … لا تقل لي أن الثورة قد سُرقت… فنحن من سرق الئورة… والثروة…