وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكم الإقليمي.. حماية الوحدة أم استيلاد أزمات؟
نشر في الراكوبة يوم 18 - 04 - 2021

تستعد الحكومة السودانية وحركات الكفاح المسلح وبقية أطراف عملية السلام في السودان، إلى عقد أوسع مؤتمر للحكم الإقليمي نهاية شهر إبريل/نيسان الحالي، والذي سيعيد تقسيم خريطة البلاد من جديد. وفي الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقّعت الحكومة وحركات الكفاح المسلح، اتفاقاً للسلام تضمّن عودة إلى نظام الحكم الإقليمي، وهو النظام الذي كان يطبّق في البلاد قبل حكم الرئيس المخلوع عمر البشير الذي بدأ في العام 1989. ويولد المؤتمر أملاً بإنهاء احتكار المركز لقدرات الدولة، لكنه يطرح أيضاً الخشية من أن يكون مدخلاً للأزمات.
وقبل حكم البشير، كانت البلاد توزع إلى ستة أقاليم رئيسية هي: الإقليم الشمالي، والجنوبي، والشرقي، والأوسط، وإقليما دارفور وكردفان. لكن خلال العهد الرئيس المخلوع، تمّ تطبيق الحكم الفيدرالي في السودان في العام 1991، وعلى أساسه قُسّمت البلاد إلى 28 ولاية، 18 في شمال السودان و10 في جنوبه. وبعد انفصال جنوب السودان، بقيت 18 ولاية، اثنان منها في الشمال، وخمس في دارفور، وثلاث في كردفان، وثلاث في شرق السودان، وأربع ولايات في الوسط، في حين أنشئت ولاية خاصة في الخرطوم العاصمة.
ولم تكن طبيعة الحكم وتشكيلاته الإدارية بعيدة كلياً عن قضية الحرب والسلام في السودان، والمثال على ذلك العام 1983، حين ألغى الرئيس الأسبق جعفر نميري نظام الحكم الإقليمي في جنوب السودان، وتوزيعه على ثلاثة أقاليم. وتسبب ذلك القرار في عودة الحرب والتمرد للجنوب بعد أكثر من 11 عاماً من الهدنة التي أعقبت اتفاقية أديس أبابا للسلام في العام 1972 بين الشمال والجنوب.
وبموجب تلك الأهمية والرغبة في الاستقلالية عن المركز القابض، حرصت حركات الكفاح المسلح، أثناء تفاوضها مع الحكومة الانتقالية طوال العام الماضي، على العودة مرة أخرى لنظام الأقاليم، وهو ما تمّ حسمه وتضمينه في الاتفاق، وفي الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية الحالية. كما أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مرسوماً دستورياً، نصّ على إنشاء نظام الحكم الإقليمي الفيدرالي في البلاد، وهي خطوة عدّت بأنها في إطار حسن النوايا وإبداء الجدّية في تطبيق اتفاق السلام، خصوصاً أن دخول المرسوم حيّز التنفيذ لن يتم إلا بعد انعقاد مؤتمر نظام الحكم في السودان المنصوص عليه في الاتفاقية، والمقرر عقده مبدئياً نهاية إبريل الحالي، على أن يكون هدف المؤتمر هو تحديد عدد الأقاليم وتسميتها وترسيم حدودها الجغرافية. ويأتي بعد ذلك النظر إلى اختصاصات هياكل الحكم الإقليمي التي ستنشأ، والفصل بينها وبين السلطات المركزية، بحيث تمنح الأقاليم سلطة أكثر استقلالية في ما يتعلق بالخدمات والتنمية والتشريع، على أن تكون مهمة السلطة المركزية إشرافية ولوضع السياسات العامة، ولا تكون للأقاليم أي علاقة بالسياسة الخارجية والدفاع.
ويتناول المؤتمر إضافة إلى ذلك، التقرير بشأن مستويات الحكم الأدنى. وبحسب متابعات "العربي الجديد"، فإن مقترحات وُضعت لتحويل الولايات الحالية إلى محافظات داخل الإقليم الواحد، على أن تقسم المحافظات نفسها إلى هياكل أقل درجة ووحدات ادارية منفصلة. ويأمل منظرو المؤتمر في مساهمته بإعادة هيكلة الدولة وتحقيق أكبر قدر من التماسك الداخلي، وتخفيض الصرف السياسي والدستوري، وتعزيز التنمية وحماية الوحدة الوطنية.
وطبقاً للترتيبات الأولية لقيام المؤتمر المحدد له نهاية إبريل الحالي، فإن المشاركين فيه، بصورة أساسية، هم ممثلو الحكومة الانتقالية، وتحالف قوى "إعلان الحرية والتغيير" الحاكم، وحركات الكفاح المسلح التي وقّعت اتفاق جوبا للسلام، إضافة إلى ممثلين للمجتمعات المحلية والقيادات القبلية، وخبراء الحكم والإدارة والسياسة، فيما ينتظر أن تصدر خلال الأسبوع المقبل قائمة بأسماء المشاركين.
ويؤكد المحلل السياسي والخبير بالشأن الدارفوري، عبد الله آدم خاطر، أن مؤتمر الحكم الإقليمي، سيكون بداية النهاية للحكم المركزي الذي أسسّت له الدولة السودانية منذ العام 1989، ويعني كذلك إنهاء احتكار المركز لقدرات الدولة وميزانيتها ومواردها وقراراتها. ويرى خاطر، في حديث ل"العربي الجديد"، أن التحدي الأكبر الذي يواجه المؤتمر، هو ما إذا كان سيخرج بحكم إقليمي فيدرالي تماثلي يطبق في كل الأقاليم، أم يتم إعطاء كل إقليم حقّه في اختيار الطريقة التي تناسبه طبقاً لمرجعيته الثقافية والعرقية، على أن يتم الاتفاق على مبادئ أساسية تبدأ فيها صناعة القرار من القاعدة إلى القمة.
ويؤكد بعض المراقبين أنه لا يمكن نجاح أي حكم إقليمي فيدرالي إلا في ظروف ديمقراطية ممتازة بإكمال بناء المؤسسات الديمقراطية والاستعداد للانتخابات، لكن خاطر يرى أن ذلك لا يقلّل من أهمية تطبيق النظام الإقليمي، لأن مؤسسات الحكم الإقليمي نفسها عليها واجب بناء المؤسسات الديمقراطية وإشاعة ثقافة الديمقراطية، وتثبيت مبادئ سيادة حكم القانون وتقديم النموذج في إدارة التنوع الثقافي والسياسي والعرقي والديني. ويذكر خاطر أن الحيلولة دون تكرار تجربة انفصال جنوب السودان، التي بدأت مع التشكيل الإقليمي للجنوب، تتوقف على طريقة تنفيذ الحكم الإقليمي ومدى دعم المركز للتجربة ومنحها الاستقلالية المطلوبة.
لكن البرلماني السابق مبارك النور، يشير في حديث ل"العربي الجديد"، إلى أن الوضع الانتقالي في السودان غير طبيعي وغير مستقر، ومن الأفضل ترك قرارات مثل هذه لمؤسسات منتخبة، منوهاً إلى أن الأمور لو سارت على النهج الحالي لكانت قرارات المؤتمر محتكرة بواسطة حركات مسلحة تفرض رؤاها بقوة السلاح، دون سماع بقية الأصوات والآراء.
ويتوقع النور أن تشعل توصيات المؤتمر أزمات واسعة في البلاد مع رفضها كلّياً من المواطنين، مستشهداً بولايات القضارف التي يرفض معظم مواطنيها إعادتهم للإقليم الشرقي السابق، بعدما حصلت هذه الولايات عبر النظام الفيدرالي الولائي على مزايا عديدة خلال السنوات السابقة. ويطالب النور باستخدام آلية الاستفتاء الشعبي للتقسيم الإداري، ليكون القرار هو قرار الشعب، أو ترك الأمر برمته للدستور الدائم المستفتى عليه، مستنكراً أن تكون المشاركة في المؤتمر المقبل محصورة بأطراف السلام فقط، مع استخدام بعض التنظيمات ك"ديكور" يكمل الترتيبات المعدة سلفاً، بحسب قوله.
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الانتقال في السودان، المعروفة اختصاراً ب"يونيتماس"، فولكر بيرتس، تعهد قبل أيام بالعمل مع السلطة الانتقالية لإنجاح المؤتمر، معلناً تشكيل فريق فني من البعثة للعمل مع اللجان الفنية الوطنية لتقديم الدعم الفني لقيام المؤتمر.
ويقول خميس عبد الله أبكر، رئيس التحالف السوداني لقوى التحرير، أحد الموقعين على اتفاق السلام، إن مؤتمر الحكم الإقليمي هو واحد من استحقاقات السلام، وإن كل شيء قابل للنقاش داخله من دون تقديس آراء وتجاهل أخرى، خصوصاً ما يلي التوزيع الإداري للسودان على أساس الإقليم، مؤكداً أن كل التحفظات التي يبديها البعض قابلة للنقاش داخل المؤتمر. وينفي أبكر، في حديث ل"العربي الجديد"، أن يكون المؤتمر مدخلاً لتقسيم السودان إلى دول كما حدث في جنوب السودان في العام 2011، مؤكداً أن منطقة دارفور أكثر المناطق حماساً لأن تكون إقليماً واحداً، وليس فيها أصوات تدعو للانفصال، على الرغم من حالة اللاأمن والأزمات الأخرى التي تعيشها دارفور لسنوات عديدة. ويستبعد أبكر المقارنة بما جرى في جنوب السودان من اتفاق نصّ على تقرير المصير صراحة وعلناً، بينما لم يتناول الاتفاق الأخير الموقع بين أطراف العملية السلمية أي شي من قبيل تقرير المصير، مشيراً إلى أن مسألة تقسيم السودان إلى أقاليم هي مسألة قديمة جداً، لكنها تتجدد الآن وبطريقة يكون فيها إجماع أو شبه إجماع من خلال المؤتمر المنتظر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.