كثير مِن المثقفين السودانيين لا يَعرِفوا كيف يتعايشوا مع فِكرة الإسلام الشعبي السوداني، و عندما يُلحِد أحدهم يفقِد بعدها القُدرة عَلى إستشعار الدلالات و المعانِي الثقافِية للطقوس الدينية المُختلِفة، مثل صلاة العيد و الجمعة و الحج و صوم رمضان، و غيرها، فِي حدود الظاهِرة الثقافِيَة للمُجتَمع السوداني. هذه الجفوة المعرفِية الكبيرة، حالت بينهم، أي المثقفين السودانيين، و بين الحفر الثقافي داخِل و حول الإسلام الشعبي السوداني، و الذي يكاد أن يَكون و يُشَكِل نمط ديني مُختلِفت تماماً، و قائم بذاتِهِ، و يَختلف كثيراً عن بقية الأديان الأخري. يُطلِق الزول السوداني عَلى الإله إسم أللا، و هِي كَلِمَة فيها رِقَة، و تُوحِي بإن هذا الإله رحيم و محبوب، وتَختلِف كَلِمَة أللا كثيراً عَن كَلِمَة الله، التي قد تُعطِي إحساس بالخوف و الرهبة، و خصوصاً عِندما تَنطِق بها الجماعات السلفية و الكيزانِيَة المُتشدِدَة، مقرونة بالنار و العذاب و التكفير و الإرهاب و لِبْس المرأة، و الدعوة لإراقة كُل الدِّماء. أما عِندمَا يَنطِق جَماعَة المُتَصَوِفَة بِنَفْس كَلِمَة الله، فدائماً ما تكون الكَلِمَة مَقرونة عِندهم بالحُب و اللزة، و عندما ينظموا الأشعار و المدائح، يصيحو الله الله أللا، و هناك إرتباط وثيق عند المُتَصوِفَة السودانيين بين الليل و الإله أللا. عندما يتعجب الزول السوداني يقول أَللللا، و عندما يَستَنكِر شيئاً يقول: بِلاااي. عندما يَحلف الزول السوداني، يقول: وَلَاي، و عندما يَستحلِف أخيه يقول له: قُول وَلَاي، و عِندما يسامح أخيه يقول له: خليتك لي أللا. و يُسمَى عبدالله ب عبداللاي، و جاد الله ب جاد أللا، و هي أسماء سودانية مُعتَقة. حتى عندما يُغَنِي المُغَنِي السُّوداني و يَقول: النار يا أللا، النار يا أللا، فهو لا يقصِد بِها نار العذاب و الآخرة، و لكن يقصِد بها نار الحب و الجمال و الوجد. و هناك مُغنِي آخر يقول: مِتين يا أللا… و قريب يا أللا… و هكذا دواليك. ثم تَجِد عشرات الأغاني السُّودانية، تَضِج بكَلِمَة أَللا، و هي دِلالة على أن الإله السُّوداني مُتسَامِح مَع الحُب و الغزل و الغِنَاء، و مُتسامِح حتي مَع الرَّقص و الزَّنِقْ و الطرب. لكن كيف دخلت مُفردة و لفظ أللا إلى العامية السودانية ؟ و لماذا تم تسمية الإله السوداني ب أللا ؟ مَنْ أين جاءت كلِمَة أللا ؟ هَل جَاءت مِنْ اللغات السودانية الكوشِيَة القديمة ؟ أم مِن اللغات العبرية و السريانية ؟ أم هِي فقط وليدة اللحظة التاريخية ! ما هِي الصورة الذهنية للإنسان السُّوداني، و المُتَشكِلَة داخِل عَقلِهِ، حَول الإله أللا ؟ و هل هَي نفس الصورة الذهنية للإله داخِل عِقول الكيزان و السلفيين ؟ بمعنى آخر: هَل يَعبد الكيزان و السلفيين نَفس الإله الذي يَعبُده غالبية السودانيين ؟ أم هُناك إختلاف كبير واضِح ! كل تلك الأسئلة و التأملات الشخصية، تحتاج إلى دراسة علمية مُنضَبِطَة، لِمُحاولَة فهم بَعض الذي يَجْرِي