تراجعت أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه، عقب تصاعد إلى أرقام قياسية كبيرة تجاوز فيها سعره 500 جنيه. ولعل سبب التراجع بحسب ناشطين في تجارة النقد الأجنبي بالسوق الموازي المزادات التي شرع في تنظيمها بنك السودان المركزي. وأكد أحد المتعاملين بالسوق- اشترط حجب اسمه ل"الراكوبة" تراجع كبير في الطلب وزيادة في العرض، وقال أن الطلب في الأساس كان يأتي من الشركات الكبيرة بواقع 40 مليون دولار، وفرها المركزي عبر مزادات. وتوقع أن ينخفض السعر بصورة كبيرة خلال الأيام القادمة في حال استمرت هذه المزادات، واشار الى ان تداول سعر الدولار اليوم السبت بواقع 460 جنيه، بينما انخفض سعر الريال السعودي الى 120 جنيه. ويرى مدير سوق الخرطوم للاوراق المالية د.علي خالد الفويل، أن معالجة اي مشكلة تحتاج لتعريفها بصورة حقيقية ودقيقة، وتساءل في حديثه ل"الراكوبة" ما الذي جعل الدولار يقفز بنسبة 70% خلال ثلاثة أيام، مؤكدا أن مزادات بنك السودان أحد الآليات التي تعمل اتزان سعر الصرف، واصفا اياها ب الممتازة جدا وانها عمل علمي مجرب في كثير من الدول. وقال إن النظرية الاقتصادية المعروفة أن اي طلب على سلعة يزيد من سعرها وان زيادة العرض تعمل على خفض السعر، وجازم بتأثر الحملة الأمنية التي تم فيها القبض كبار تجار العملة، بيد انه عاد وأكد العلاج الأمني وحده لن يعالج، مشيرا الى ان تحدي يبقي ان الاثر هل سيزول بزوال المسببات ام اثر مستقبلي،واضاف ان التحدي في مقدرة بنك السودان المركزي في تغطية الحوجة لسوق النقد الأجنبي، وبين أن استمرار ضخ بنك السودان المركزي لضخ العملات على مدى حجم الاحتياطي النقدي فيه لمقابلة حوجة السوق،لافتا الى ان الحل السليم والصحيح في الإنتاج والإنتاجية والصادر، عبر سياسات متكاملة مع السياسيات الأمنية لتؤدي الى تقليص الفجوة بين العرض والطلب وبالتالي يتراجع السعر تراجعا حقيقيا. وتمنى الفويل، أن يكون للمركزي احتياطات كافية لاستمرار مزادات النقد الأجنبي بأرقام أكبر من المزاد الأول والثاني تؤدي إلى تراجع أكبر في سعر الدولار تزامنا مع الإجراءات الأمنية التي اتخذت مؤخرا من قبل السلطات المختصة، ودعم هذه السياسات بزيادة الإنتاج وتشجيع الصادر، وعدم تصديره كخام. ويتفق معه الخبير المصرفي طه حسين، ان الانخفاض يرجع لسببين مباشر وغير مباشر، واعتبر السبب المباشر في أن الزيادة التي شهدها الدولار خلال الأيام الماضية بغير منطقية عبارة مضاربات ناتجة عن طلب كان لشراء سواء من المستوردين للوقود او غيرهم. وأضاف ل"الراكوبة" أن قلة الطلب أدت إلى الإنخفاض،بجانب الإعلان الإيجابي للبنك المركزي بشأن المزادات، مشيرا إلى أن تأخر الإعلان عنها أحد اخفاقاتها لجهة امتلاك المركزي بمبلغ مليار و200 دولار، لكنه عاد وأكد أن التدخل في خفض سعر الدولار عبر المزادات ليس سببا مباشرا في تعافي الجنيه وأن تاثيره جزئي بسبب ان المزاد الأول كان بواقع 40 مليون دولار واستبعد 16 بنك لديهم طلبات سوف يلجأون للسوق الموازي،فضلا عن تحديد السلع من قبل المركزي مما يجعل بقية المستوردين يلجأون أيضا للسوق الموازي. وقال أن المزاد الثاني كان بنحو 50 مليون دولار حقق 43 مليون دولار مما يعني أن الفجوة مازالت موجودة، وحذر من مؤشر خطير جدا ان البنوك تشتري ولا تبيع، وتساءل عن كيفية تصرف البنك عقب نفاذ مليار و200 مليون دولار، مشددا على أهمية تحفيز الإنتاج عمليا وليس بشكل نظري، جازما بان المزادات كلما زاد حجمها وتوسعت كلما زاد أثرها على السوق،لافتا الى وجوز اسعار منفصلا،حيث المزاد اعطي سعر ما بين 340الى 420 بينما السعر التأشيري بالبنك المركزي 424 جنيه. وقال ان ذلك ليس من مصلحة المزاد. لافتا الى فشل المزادات في وقت سابق عندما تم تنفيذها في سوق الأوراق المالية، وأبان ان المزاد يستهدف ايضا الكتلة النقدية الكاش لذلك يجب على المركزي إيقاف طباعة. وأكد ان أي إجراء يعتمد على القوة والتدخل الأمني نتيجته سلبية، لجهة أن حجم الموازي أكبر من الرسمي ويمتلك 600 مليار جنيه خارج النظام المصرفي يمتلكها تجار العملة،لذلك يجب البحث عن الأدوات المحفزة التي تجذبهم للدخول في اقتصاد حقيقي خلافا لاقتصاد المضاربات الضار بالدولة.