"مصائب قوم عند قوم فوائد", يردد هذا المثل عندما تحل مصيبة علي بعض الناس فيستفيد الطرف الآخر من تلك المصيبة أي يكون وقعها عليه إيجابي يجني من خلاله ثمارا. مثالا لذلك المثل عندما اجتاحت الموجة الأولى لجائحة كورونا العالم، وتسببت في خسائر كبيرة في الأرواح البشرية واضرار بالاقتصاد اجتهد الأطباء لإيجاد طرق للوقاية بعد أن فشلوا في العلاج وقتها وكان ارتداء الكمامة من أهم أدوات الوقاية فأصبح الإقبال عليها كبيرا ليستثمر فيها أغلب التجار في العالم لبيعها والتكسب المادي الكبير من وراءها بعد ازدياد الحاجة. أزمة كورونا مر السودان بكثير من الأزمات التي جعلته في مرمي نيران الغلاء وجشع كثير من التجار الذين يستثمرون في الأزمات ولم يكن تأثير جائحة كورونا بمنأى، وذلك بعد أن نشط الكثيرون بشراء أعداد كبيرة من الكمامات من الصيدليات وأماكن تصنيعها وتخزينها وبيعها في السوق الأسود ليرتفع سعر الكمامة الواحدة أضعاف أضعاف سعرها الحقيقي. استغلال الأزمات مرت الأيام ومازالت أزمة الكورونا مستمرة إلا أن إكتشاف أمصال علاجية للمرض وتقليل حجم الإصابات والوفيات أحدث وفرة في سوق الكمامات وأصبحت متاحة الجميع في الشوارع والأسواق بعد أن كان مصدر بيعها الاول الصيدليات وأصبحت تجارة رائجة للكثير من الباعة المتجولين و(الفريشة) في الأسواق وأمام البنوك والمستشفيات لتكون مهنة ظهرت مع الأزمات. ندرة وجشع كذلك تسبب شح الدقيق وبيعه في السوق الاسوق بجانب إضراب كثير من أصحاب المخابز وقتها بوجود ندرة كبيرة فيه بعد تزايد الحوجة عليه واضطرار الكثيرين إلى الذهاب في الساعات الأولى للصباح لحجز أماكنهم في الصفوف للحصول علي الخبز والحصول عليه بكمية محددة لاعتمادهم عليه بعد إرتفاع أسعار الدقيق الذي كان يمكن أن يستخدموا منه البدائل مثل (الكسرة، القراصة ، العصيدة). خبز تجاري هذا الأمر جعل بعضهم يفكر في جلبه بكميات كبيرة بواسطة توزيع مجموعات من الأشخاص علي مخابز متفرقة لجمع أكبر عدد من الخبز ثم الذهاب به إلى الأسواق وبيعه بالسعر التجاري بمعنى إذا كان سعر قطعة الخبز جنيهان يتم بيع القطعة الواحدة منها بمبلغ عشرة جنيهات وهو أمر ألقي بظلاله السالبة علي كثير من الأسر ذات الدخل المحدود وهو ما أكده عدد من المواطنين ل"الراكوبة" بأنهم لا يحصلون علي حصتهم الكاملة من المخابز وإستغلالهم ببيع الخبز تجاريا لهم وهم لايملكون المال لشراء كمية كبيرة خاصة أن عدد أفراد الاسرة الواحدة للغالبية منهم يفوق الثمانية أشخاص. مشكلة الغاز انعدام غاز الطهو الذي شهدته البلاد عامة تسبب في حالة قلق وغضب كثير من الأسر التي كان وقع الضرر عليها أكبر لاعتمادها المباشر عليه في معيشتها في إعداد الطعام ، وما كان يتم توفيره من أسطوانات الغاز المعبأة لا يفي بحاجة المواطن ويضطر للوقوف في الصفوف الطويلة أمام مراكز البيع الرئيسية وأحيانا في الاحياء ووصل الامر بأن أصبح الغاز معدوما لأشهر طويلة ما ساعد في نشاط تجار الأزمات الذين يحصلون علي أعداد كبيرة من أسطوانات الغاز المعبأة بطرق مشروعة أخري غير مشروعة لبيعه في السوق الأسود الذي لجأ اليه المواطن مضطرا بعد أن بلغ سعر الاسطوانة المعبأة منه ألف جنيه بعد أن كانت مائة وخمسون جنيها قبل الازمة. أزمة الوقود فيما إستثمر البعض الآخر في بيع الوقود في السوق الأسود، وذلك بعد فشل الحكومة في توفيره بسبب تأخر وصوله للبلاد لتسبب ندرته وجود صفوف طويلة وتكدس للسيارات أمام طلمبات الوقود وتمتد تلك الصفوف داخل الاحياء لطولها ليصبح بيعه تجارة رائجة ورابحة لدي الاغلبية ممن يقومون بشراء كميات كبيرة وتخزينه ثم بيعه عندما تضيق الحوجة بأصحاب السيارات الذين لا يجدون بديلا غير السوق الاسود بالرغم من الإرتفاع الكبير في السعر الا أنهم أكدوا أنهم لا يضمنون وجود بديل آخر واختصار الزمن الوقوف ساعات طويلة في الصفوف، وأحيانا المبيت لذا يضطرون لشرائها ، فيما أعلن الاغلبية منهم عن غضبهم من إستغلال المواطن للمواطن وقت الأزمات ما يساعد في تفاقمها.