التاسع من يوليو 2011، كان تاريخاً فارقاً للسودان، فعقب إعلان نتيجة الاستفتاء المصيري لشعب جنوب السودان كانت النتيجة التصويت لصالح الانفصال بنسبة 98% وهى نسبة كبيرة جداً وفيه تأكيد جازم على أن الشعب الجنوبسوداني قرروا العزم مبكراً على بناء دولتهم المستقلة، تلك الدولة التي ولدت وفي فمها ملعقة ذهب فبجانب انها اخذت اكثر من ربع أرض السودان، اخذت معها الجزء الاكبر من النفط والكثير من الاراضي الزراعية و المحميات السياحية وأكثر من 60 قبيلة وسحنة افريقية خالصة، كل هذا جعل الجميع يتنبأ بمستقبل باهر واشراقة جديدة في عموم افريقيا و بصفة خاصة في شرق افريقيا. كانت السودان اول دولة ترحب بدولة جنوب السودان التي خرجت من رحمها، وتبعها دول اخرى كثيرة، وبل تسارع الجميع لاستقبال الدولة الجديدة كعروس مزين في كامل الجمال والبهاء، وكانت الفرحة طاغية والجميع يرقص فرحاً وانشراحاً، ثم ماذا حدث بعد ذلك؟ للاسف لقد تم فض غشاء البكورية بطريقة وحشية وبدلاً من أن تفرح العروس بزواجها تحولت حياتها الى تعاسة وعبوس، فاليوم نحتفل بالذكرى العاشرة للدولة وحصاد العشر سنوات من عمر الدولة يدعونا للسؤال: هل هذه هى الدولة التي حلمنا بها، وناضلنا من اجلها؟ للاجابة على السؤال اعلاه نحتاج الى شجاعة للاعتراف بالفشل في ادارة الدولة، وارادة لتحمل تبعات هذا الفشل: – حربين عبثيتين بين الرفاق واصحاب النضال الذين حاربوا لاكثر من عقدين لاجل الحرية والسلام والعدالة. – ازهاق ارواح ابرياء مواطنين وعسكريين في اطلاق غير مبرر للنار وتحول كبريات مدن الجنوب الى مدن اشباح. – نزوح الآلاف من المواطنين داخلياً وخارجياً حتى الآن، وللاسف ليس هناك برنامج حكومي واضح لاعادة دمجهم وجبر الضرر عنهم. – استشراء الفساد المالي والاداري والفشل الزريع في ادارة دولاب الدولة، وهذا لا يحتاج الى الاثبات فكل الدلائل والتقارير موجودة والسيد الرئيس نفسه تحدث مراراً عن فساد وزرائه. – انهيار البنية التحتية رغم قلتها، والبعد كل البعد عن اعداد مشاريع بنية فوقية لمواكبة التنمية والتمدن العالمي، والفشل في توفير أبسط معينات الحياة الكريمة للمواطنين من أمن، صحة وتعليم. – تمزق النسيج الاجتماعي والتباعد الانساني بين مجتمعات جنوب السودان التي عاشت قبل الانفصال كقوة اجتماعية متضامنة ومتعايشة مع بعضها البعض. – استشراء ظاهرة الراسمالية الطفيلية والأنانية التي احتكرت كل الخيرات والموارد لنفسها مما شجع على ظهور الطبقية في المجتمع، فاصبح هناك أغنياء حد التخمة وفقراء لا ينعمون حتى بالماء الصالح للشرب.