✍️أوردت وكالة السودان للأنباء (سونا) خبراً علي موقعها الرسمي مفاده بأن وزير الصناعة – إبراهيم الشيخ أعلن عن قيام مدينة صناعية لصناعة الجلود ومشتقاتها في منطقة الجيلي شمالي الخرطوم بحري وأخري لصناعة الغزل والنسيج بمنطقة الحاج عبدالله بولاية الجزيرة بشراكة مع شركة بولندية. إنتهي الخبر. إن المرء يفرح ويشجع قيام أي مشروع تنموي في بلاده لأن البلدان لا تتقدم إلّا بالإنتاج والتي لن يتم بدون قيام مشاريع كبيرة في الزراعة والصناعة،، لكن ما هو معروف بداهة لمن يفهم (أ، ب، ت) في التخطيط فأنه لا يمكن لأي مشروع القيام ومن ثم النجاح دون أن يسبقه تخطيط سليم ودراسة جدوي حتي يؤتي المشروع ثماره وفائدته المرجوة ومن هذه الدراسات هي دراسة موقع المشروع قيد التنفيذ، فنجاح أي مشروع مرتبط بالموقع ولذلك قال أحد المخططين التنمويين لمستثمر مبتديء : قبل بناء المتجر عليك الإهتمام بثلاثة أشياء. قال ما هي؟ أجاب : الموقع ثم الموقع ثم الموقع!! وهذه الإجابة المؤكدة ثلاث مرات والتي تشبه إجابه المصطفي الخاتم (ص) أمك. ثم أمك، ثم أمك. هي تأكيد دامغ علي أهمية الموقع في النجاح. وإذا عدنا إلي علم التخطيط التنموي فإن المشروع لن يحقق فائدة كبيرة إذا كان بعيداً عن مناطق المادة الخام،، فإذا أمّنّا علي منطقية قيام صناعة الغزل والنسيج في منطقة الحاج عبدالله بوسط الجزيرة لأنها منطقة زراعة القطن (المادة الخام) فنحن نسأل كيف غاب نفس المنطق عند التفكير في صناعة الجلود يا وزير الصناعة؟؟؟ كلنا نعلم بأن المواشي موجودة في غرب السودان وعليه فأن من البديهي قيام كل ما يتعلق بالمواشي صناعياً مثل (سلخانات اللحوم وصناعات الجلود والصوف يجب أن تكون في غرب السودان وتحديداً غرب كردفان ودارفور، لماذا تقطع كل هذه المسافات الطويلة (مئات بل آلاف) الكيلومترات حتي الجيلي؟ هل نحن نحتاج إلي جدل سياسي كثيف لنؤكد خطأ قيام سلخانة اللحوم في الكدرو ثم المصنع المقترح لصناعة الجلود في الجيلي بدلاً عن المكان الطبيعي وهو في غرب السودان؟؟ ولماذا تقوم في الجيلي تحديداً مصفاة النفط والسلخانة والآن مدينة صناعة الجلود وكلها تأتي من غرب السودان كموطن المادة الخام؟؟ ️إن من اوجب معايير النهضة والتنمية لأي بلد هو ضرورة وضع الخطط الصحيحة منذ البداية لأنها تساعد علي توفير الكثير من الجهد والترحيل والمصاريف فضلاً عن الإستقرار الذي يوفره لإنسان المنطقة! وعندما نتحدث عن السلام والإستقرار فأن قيام مثل هذه المشاريع في غرب البلاد التي عانت من التهميش والحروبات يجب أن تكون إستحقاق وأولوية لأي حكومة حكيمة وعاقلة لأنها مناطق المادة الخام أولاً وفي نفس الوقت مناطق الأيدي العاملة مما يساعد علي الإستقرار من خلال توظيف وتشغيل الشباب العاطل الذي كان يُستَخدم كوقود مجاني للحروبات العبثية والنزاعات القبلية الجاهلية كذلك سوف تساهم هذه المشاريع في قيام البني التحتية المتكاملة وتوفير الخدمات لإنسان الريف وعندما يستقر إنسان الريف فلن تكون هناك هجرة للمدن أو العاصمة كما ظلت تحدث منذ عقود!! ✍️إن المشاريع الصناعية التي يجب أن تكون في شمال السودان هي مصانع لتعليب العجوة والتمور ويجب ان نبدأ في مضاعفة زراعة النخيل من الآن وهي مهمة (وزارة الزراعة) فضلاً عن صناعة (الأقتصاد السياحي) في مناطق الآثار والأهرامات!! ،،، كما يجب أن تقوم صناعة تعليب الأسماك والساردين في ولاية البحر الأحمر فقط، ولن يكون هناك موقعاً أنسب لقيام صناعة الألبان أكثر من (حزام البقارة بغرب السودان) وعلينا البدء فوراً في إعادة تأهيل مصنع تجفيف الألبان ومشتقاته في بابنوسة وبناء مصانع أخري حتي نتمكن من الإكتفاء الذاتي وصولاً للتصدير ! أما الصناعات المتعلقة بالخضر والفاكهة فيجب أن تقوم في مناطق جبل مرة في دارفور ومنطقة أبو جبيهة والقردود بجنوب كردفان ومنطقة كسلا في شرق السودان،، وبعض مناطق النيل الأزرق ولن نجد مناطق انسب لصناعة الزيوت والحبوب الزيتية سوي المنطقة الواقعة بين غرب كردفان وشرق دارفور!! ، وكل ما يتعلق بالغزل والنسيج فموقعه الطبيعي الجزيرة والإقليم الأوسط !!! وهكذا نجعل الإستقرار واقعاً معاشاً في كل الأقاليم دون أن نسمع كلمة "تهميش" من أي جهة ومن هنا أنبه إلي ضرورة إشراك كل أبناء الأقاليم في وضع السياسات الإقتصادية المرتبطة بمواردهم من جهة أخري لا يمكننا التحدث عن الضغط السكاني في العاصمة والإختناقات المرورية والتلوث البيئي ونحن نفكر في معالجة هذا الأمر بتشجيع الإستقرار في الريف وفي نفس الوقت نبني كل المشاريع التنموية والصناعة حول العاصمة علماً بأن المادة الخام تأتي من مسافة ألف ميل!! سحقاً للغباء والعشوائية!! وبئس التخطيط التنموي!! ✍️إن ما يجب أن يعلمه السيد وزير الصناعة إبراهيم الشيخ بأن ثورة ديسمبر "جبّت" ما قبلها من السبهللية والعشوائية والعقلية المركزية!! فالعاصمة الخرطوم وما حولها لا يسكنها إلا المتعلمين جيداً والمرتبطين بالتكنلوجيا وهم الأفندية والإداريين وموظفي المكاتب!! أما الأيدي العاملة والأقل تعليماً فهم في الريف ويجب أن نساعدهم علي الأستقرار هناك بقيام المشاريع،، ويجب أن نبدأ كل شيء بالأسلوب العلمي المواكب وفي تفكيرنا بأنه سيبقي لكل الأجيال وإلي الأبد! ويجب ان تعلم بأن أوروبا التي تعرفها منظمة في كل شيء اليوم هي نتاج تخطيط محكم بعد الحرب العالمية وليست صدفة !! فكيف لنا أن نبدأ بالخطأ ونحن في 2021؟ فعليكم الآن الإستعانة بذوي الإختصاص من خبراء التخطيط التنموي الإستراتيجي في كيفية توزيع الفرص لقيام المؤسسات القومية بشكل سليم ومستدام، لقد فترنا من العشوائية وسواقة الخلا منذ الإستقلال ونتيجتها هذا البلد الكسيح المتخلف في كل شيء والذي يُسمَي السودان،،،