جميل جدا أن تفكردولة ما بعيدا وتبني لأجيال قادمة ، مصر هبة النيل تذهب في ذلك شوطا بعيدا وجدا بعيدا عندما يتناول الامر حصتها من مياه النيل ، ها هي الاخبار تأتيك من القريب والبعيد ومن لم تزوده أيضا لا يبخل عليك ، ربط مصر لنهر الكونغو في أدغال أفريقيا مع توأمه نهر النيل من منابعه هناك بين دول هي عددا بقناة تصلهما ، التكلفة المادية مبالغ طائلة لا تتحملها دول أفريقيا مجتمعة ، وبحسب الاخبار يبارك الرئيس السيسي مشروع قناة الوصل المقترحة لتتدفق مئات الملايين من الامتار المكعبة وتنعم هبة النيل بمورد مياه لا ينقطع ليسقي أمة تفيض قريبا هي عن حدودها بشرا يملآ الدنا. التفكير الاستراتيجي لتوفير المياه عالجته عبقرية دول الخليج بمنهج الاختيار من بين جميع البدائل المتاحة ، بعض تلك الحلول سحب كتل جليدية عملاقة من القطب الشمالي بساحبات وسفن تمخر عباب المحيطات مخصصة لذلك ، شق قنوات عبر الخليج العربي لإيصال الماء من دول بعينها في شرق اسيا ، وصل قنوات عبر البحرالاحمر لتصبح مياه النيل في متناول سكان دول الخليج ، ثم أغلي البدائل عرض أيضا علي الطاولة ليبحثه أهل الحل والعقد ، البديل المختار كان الاعلي تكلفة ، هو تحلية ميا ه البحار المالحة التي تتوافر في شطان دول الخليج وتحت السيادة الكاملة ، المبرر لرفض البدائل الاخري الاقل كلفة ، هوتجنب الابتزاز من الدول الاخري والاحتفاظ بالقرار السيادي ملك اليمين. قطعت دول الخليج شوطا بعيدا في تسخير تكنولجيا لاستخلاص الماء المحلي من مياه البحر المالحة ، صارت وفودها الخبيرة بتقنيات الاستخلاص من كرام الناس الذين تتسابق المؤتمرات العالميه في شأن تحلية مياه البحر لدعوتهم للاستفادة من تجاربهم ، أوقفوا بتوصية منهم زراعة البرسيم والأعلاف داخل دول الخليج لأنها تستهلك قدرا عاليا من المياه ، هذا هو المبرر التي تتسابق بناء عليه بعض دول الخليج لزراعة الاعلاف في السودان للاستفادة من وفرة المياه والاستنزاف هنا لا يكون شاغلهم بل هو هم البلد المضيف ، بمرور الزمن وتجويد معادلات وبرامج استخلاص مياه البحر انخفضت التكلفة الي حد بعيد وصار الاعتماد علي مياه البحر هو الاساس للتقليل من استنزاف مصادر المياه الجوفية العذبة من الابار والافلاج. في التفكير الاستراتيجي لمصر ربما قصر علمي عن بدائل أخري جري بحثها واستبعدت ، ولكن لا غضاضة في التفكير بصوت عال طرقا لتلك البدائل ، ربما بحثت القيادة في مصر تحلية المياه المالحة من البحر الاحمر والبحر الابيض المتوسط ، في تقديري أن مصر هي الاخت الكبري والأكثر علما وخبرة في جميع شؤون الحياه ، لم تذهب الي طلب العون من بيوت الخبرة الخليجية في شأن استخلاص المياه وتحلية مياه البحار المالحة ، جرت مياها كثيرة تحت الجسر وصارت تلك الخبرات عالمية يقصد فيها خبراء الخليج جميع أهل الارض . ثم البحث في منهج مصري يقود الي قواعد تحفظ حسن الجوار في المثلث السوداني الاثيوبي المصري ، قواعد عدم الاعتداء علي حدود وأراضي بعضها بعضا ورد المظالم ، عودة حلايب وشلاتين الي السودان وترسيم الحدود بين السودان ومصر ، ترسيم الحدود بين السودان وأثيوبيا ، فتح اتفاقية مياه النيل لعام 1959م وتعديلها بموافقة الطرفين الموقعين وتقديم ضمانات وحوافز لإشراك أثيوبيا في الاتفاق وبالمثل جمهورية جنوب السودان لإعادة العمل في مشروع قناة جونقلي. يبحر التفكير بعيدا ولا يجد لمصر أقل تكلفة في الحصول علي مياه الا بشق نهر افتراضي من حسن العلائق ، يمتد من السد العالي الي بحيرة تانا في الهضبة الاثيوبية ثم هو عند توتي السودانية يتجه الي جمهورية جنوب السودان في طريقه الي بحيرة فكتوريا ، المبرر ان مصر تستقبل انفجار سكاني لا تقلل اثاره الهجرات البشرية الي استراليا وكندا ، أفريقيا الادغال هي الوعد القادم بنهضة كما هو نموذج رواندا ، الفالح من البشر ما تسلح بأحدث التقنيات ليسوق لخبراته العالية في أفريقيا المستقبل ، وادي السيلكون الافريقي يجذب أعلي الخبرات كما جذب وادي السيلكون الامريكي الخبرات الهندية وتربعت علي قائمة أعلي الاجور في العالم ، مصر تحوز علي الانسان الذي يسهل تطويعه ومنحه القدرات العلمية والتقنية كما هي الاحدث في العالم ، فقط المؤسسة العسكرية المخابراتية الحاكمة تحجز تلك القدرات في قوالب تبعدها عن افريقيا ، نظرة الاستعلاء شحنها الاعلام المصري وبهذه المناسبة استميحكم عذرا في ( حدوتة) بسيطة ، كانت البعثة المصرية في ستينيات القرن الماضي ترسل مدرسين للعمل في مدارسها ببعض مدن السودان ومن بينها الابيض ، استأجر أحد الاساتذة منزلا لنا ، وبحكم الجوار كنت صديقه ، سألني في أول يوم ( يا ود يأسامة – ألو عندكم أفيال وأسود تتجول ليلا – أجبته فورا وحذرته بعدم الخروج بعد السادسة مساء – علم من بعض زملائه القدامي بعد فترة حقيقة الامرولم يناقشني الا بعد فترة وكانت اجابتي انني من خلال أفلامكم عرفت نظرتكم للسودان فكانت اجابتي لك تثبيتا لتلك القناعة ). والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته [email protected]