وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسكوت عنه الشعب ينتظر .. أين أدب الثورة ..؟!
نشر في الراكوبة يوم 14 - 08 - 2021

أثبت الأدب عبر التاريخ أنه لصيق بالحراك السياسي والاجتماعي بالثورات، واحتل في الغالب دوراً في التغيير والنقد عبر التجارب واجهة أخرى للأحداث السياسية والاجتماعية التي لم تعكس فقط الروح الفنية للأحداث؛ وإنما ساهم الأدب في صنعها، وكان جزءاً من خارطتها، وتأثر وأثر بها. سؤالنا الآن: هل استطاعت ثورة ديسمبر السودانية أن تنتج أدبها .. هذا السؤال طرحناه لعدد من المهتمين بالشأن الثقافي.
الخرطوم : محمد اسماعيل
الشاعر نصار الحاج:
لم تنتج الثورة السودانية أدبها، أنتجت نصوصاِ آنية وانفعالية :
قال من المبكر جداً الجزم بأن الثورة السودانية قد أنتجت أدبها.
لا، لم تنتج الثورة السودانية أدبها بعد.
يمكن القول إن الثورة السودانية أنتجت نصوصاً متفرقة، وأنتجت أشكالاً من الفنون والآداب هنا وهناك. فالثورة في لحظتها الآنية وأوان تخلقها وإنتاج أدواتها تصاحبها إبداعات ومنجزات أدبية آنية أيضاً وسريعة وانفعالية وهتافية وهذه لحظة أدبية تحتاجها الثورة وضرورية وملحة مثل هذه الأعمال الأدبية لالتقاط إلهام الثورة ودفقاتها الشعورية والملحمية العالية والمتسارعة، وكل هذا يجعل مثل هذا المنتج الأدبي ضروري لمرافقة الثورة في تخلقاتها اليومية ومكاسبها اليومية وانتصاراتها التي تتحقق لحظة بلحظة..
مضيفاً؛ لكن الثورة السودانية – بكل تأكيد – وبعظمتها وبمنجزها الثوري العظيم قد وفرت مادة خام مهولة للعمل عليها في ضروب مختلفة من مسارات الأدب والوقوف على هذا المنجز بقدر كبير من الصبر والتزود بذخيرة وافرة من المعرفة لتناول الثورة السودانية بتأنٍ وجدية عالية لإنتاج أدب عظيم يراهن على خلوده وبقائه حياً ومشعاً، كما كانت الثورة السودانية تحقق خلودها وانتصاراتها ودروسها الإنسانية العظيمة في كل يوم جديد.

أما الصحفى الناقد عامر حسين فاشار إلى أن هناك أغاني ثورية ظهرت على إيقاع الراب.
من الصعب الحديث عن أدب للثورة السودانية بتعريف الأدب، لغة و اصطلاحاً. وقال: ظهرت أغانٍ ثوريةٌ على إيقاع الراب، إبان فترات الاعتصام والمظاهرات؛ وكانت أنشودة في أفواه الكبار والصغار ومع انتهاء حالة الاحتكام إلى الشارع في روح جماعية تراجعت الأغاني الشبابية بإيقاع الراب.. الآن سؤال عن إنتاج الثورة أدبها .. وأقول لك لاتنتج الثورات أدباًَ يكون له التأثير الكبير في النظرة الشاملة عن الثورة وموقعها الاجتماعي والثقافي والفكري في عقل الجمهور وإعادة ذاكرة تلك الأيام التى تجرد فيها الناس من حب الذات والأنانية. أكد لايمكن إنتاج الأدب المعبر عن التضحية والبسالة بغير تحقيق أهداف الثورة على المستوى السياسي الوطني والاجتماعي الاقتصادي. لا يكتب الكاتب المجيد عن حدث في مقام ثورة ديسمبر وهو يعيش التشظى وينوم ويصحو على إيقاع المعاناة. كل أدب يكتب في المرحلة سيكون أقرب إلى التقرير الإخباري في قالب القصة، ستغلفه السذاجة بغلاف سميك من الضحالة ومحبة الظهور، وختم حديثة قائلا: هناك من سيكتب عن تجربته في أي قالب يشاء. لكن دائماً على كل من يكتب عن تجربته في الثورة أن يتذكر أن أساس الأدب هو الخيال، وإن الخيال لايكتمل في العقل إلا إذا ابتعد المرء عن مقعده مسافة سنوات..
الدكتور الناقد هاشم ميرغني : الشعر نفسه هو فعل ثوري…
يقول هاشم ميرغني من الصعب الفصل بين الثورة السودانية والأدب؛ بل إن الناقد عبد الماجد الحبوب يذهب في مستهلِّ مقالٍ نابه له عن "اللغة والثورة: تجليات وديناميات ديسمبر" إلى أنَّه :"لا يمكن التفكير في عظمة ثورة ديسمبر وعبقريتها دون أن تقفز إلى الذهن مباشرة تجلياتها و إبداعاتها اللغوية. بل إنَّ تجلياتها اللغوية هذه هي جزءٌ لا يتجزأ منها، هي الثورة ذاتها.لا تكاد تتشكَّل ديسمبر، وليس لا تكتمل فحسب؛ دون لغتها وبغير اجتراحاتها اللغوية المدهشة، دون شعاراتها وأهازيجها، أراجيزها، أشعارِها، وغنائها…". أ.ه.
هي دائرةٌ لغويَّة واسعة إذن ربما مثَّلت الشعارات المنغَّمة التي سارت على كل لسان، بل وعبرَت حدودَنا إلى الخارج، وجهَها الأبرز، وهي شعاراتٌ مكثَّفة غنية تستقطر تجربة شعبية عميقة الغور، وتستنفر جُندَ الإيقاع، وتحاور لهجات ولغات شعبية لا حدَّ لثرائها وسعة معجمها، في مقابل اللغة الإعلامية المتخشِّبة التي تشيعها أجهزة إعلام السلطة في كل مكان، ولكن هذه الدائرة تمتدُّ لتشمل جميع الأجناس، الكتابة والقولية.
ولأنَّ دائرةَ السؤال عن جدلية الثورة/الأدب واسعة فسأقصر الإجابة هنا على إشارة سريعة ومخلة للشعر؛ على أن نرجئ الحديث عن العلاقة الوثيقة للرواية، والقصة القصيرة، والدراما بالثورة السودانية إلى وقت آخر؛ سيَّما أن رواية التسعينيات وما بعدها مثلاً، والذي كان من قدرها أن تولد من رحم كابوس سنوات الإنقاذ، قد أشعلت ثورتها ضد النظام قبل ديسمبر 2018 بوقت طويل؛ فمن يستطيع أن ينسى مثلاً روايات أمثال: الطريق إلى المدن المستحيلة 2000، الضفة الأخرى 2000 لأبكر آدم إسماعيل، الجنقو مسامير الأرض2009 لعبد العزيز بركة ساكن، "طائر الشؤم" 1996، "بذرة الخلاص" 1996 لفرنسيس دينق، "الغنيمة والإياب"1995، مندكورو 2001 لمروان حامد الرشيد، "مسار الأسراب "2005 لمحمد الطيب سليم،" ذاكرة شرير"2007 لمنصور الصويم "باب الحياة "2007 لمحمد بدوي حجازي، بل من يستطيع أن ينسى زغرودة سلامة في "عرس الزين" للطيب صالح "تلك التي تزغرد لأنها تحبُّ الحياة " ؟ لقد عادت ذات الزغرودة بعد أكثر من نصف قرن لتصدح في مقدمة المواكب وهي تواجه آلة القمع وتمضي قُدُمًا فوقها لصنع سودان جديد.
لكن لنرجئ الحديثَ عن ذلك لوقت آخر ولنقتصر هنا على الشعر:
وأكد ميرغني أن ثورة ديسمبر لم تكن طفرةً اندلعت فجأة لتسقط الدكتاتوريةَ الأسوأ في تاريخ السودان بقدر ما كانت ثمرةً لتراكُمٍ طبيعيٍّ وإرث ثوريٍّ طويل هلَّت طلائعُ فجره الأولى منذ لحظة الانقلاب المشؤوم في الثلاثين من يونيو 1989؛ ولذا فإنها عندما انفجرت في التاسع عشر من ديسمبر 2018 تكن في يومها الأول؛ بل في عامها الثلاثين.
والأدب السوداني على مدى ثلاثين عاماً وأكثر؛ لم يكن ممهِّدا لهذه الثورة أو صانعاً لها فحسب؛ بل إنه قد صنع ثورته على الورق، وفي قلوب الناس قبل أن يحوِّلها لثورة على الأرض،؛ ولهذا لم تكن مفارقةً أن تهُبَّ أصوات شعرية رحلت منذ سنوات لتجدل ضفيرةَ الثورة مع قصائد كُتِبَتْ توَّاً؛ فقصائد شعراء راحلين أمثال حميِّد ومحجوب شريف والدوش، بل قصائد شعراء تعود إلى أزمنة سودانية بعيدة تتآزر كلُّها مع قصائد محمد المكي إبراهيم وعالم عباس وأزهري محمد علي والقدَّال وهاشم صديق ويحيى فضل الله وقاسم أبو زيد ومحمد بادي وبابكر الوسيلة وعصام عيسى وعثمان بشرى وعاطف خيري وعمر عبد المجيد… (وأغلب أعمالهم كتبت قبل ثورة ديسمبر بسنوات أو عقود) ،كما تتآزر مع قصائد الشباب الذين أشعلوا الثورة واشتعلوا كمروة بابكر ومعد شيخون وعشرات الأصوات المدهشة التي اندلعت عبر الميديا وفي شواع الثورة، وميدان اعتصامها؛ بل إنَّ بعضَ قصائد محجوب شريف الذي رحل قبل أن تكتحل عيناه برؤية سودانٍ حلم وعمل له طويلاً كانت تتطابق بشكل مدهش مع يوميات الثورة السودانية؛ فعندما كان المجلس العسكري اللجنة الأمنية للنظام الماء؛ يماطل في تسليم الثورة لحكومة مدنية كان لسان حال الثورة هو صوت محجوب شريف :
يا جلوسًا فوقَ الأرائكْ
والمسدَّسْ تحتَ الحزامْ
نحن شعبًا للفجرِ حايكْ
درَّبَتْنا أيادي الصِّدامْ
…………..
سوف نصمُدْ مهْمَا حِزنَّا
لو نلاقي الموت ِسِنَّة ِسِنَّةْ
وكلُّ قطرة دمْ تبقَى حِنَّةْ
الليالي لكي تمتحنَّا
علَّمَتْنَا مسَكْنا الأعنَّةْ
مافي حُراً حُريِّتو مِنَّةْ
والببايع قَطْ ليسَ مِنَّا
والبخونْ الشُهَدا الكرامْ
قدلة يا مولاي حافي حالقْ
في الطريق الشاقي الكلامْ
وقبل أن تستجمع الشوارعُ شتاتَها لتخرج كان محجوب شريف يرى كُلَّ ذلك رأيَ العين:
وتطلعْ من شقوق الأرض آلاف المدن قامات
ويطلع حتى من قلب الحجرْ والصى
شجرْ متشابكْ الهامات
وجيل جايي حلو الشهد
صبايا وفتية يمرحوا في صباح الغد
عيونهم برقهن لمَّاح، سؤالهم رد،
خُفاف ولُطاف؛ وثّابين أوانَ الجد
دفاعًا عن حياض السلم والإفصاح
سلِّموا لي عليهم جملة
حتى اللسّة قبل الخلق والتكوين
صُنَّاع الحياة اليوماتي ملح الأرض
نبض الشعر والموسيقى والتلوين
هدَّامين قلاع الخوف
نقَّاشين جدار الصمت
نسَّاجين خيوط الشمس
كهربجية الظلمات
وأجمل ما تكون الدنيا
رسَّامين حفَّارين مجارى العصر، نصرًا نصر.
وهكذا وهكذا حتى ليمكن القول باستحالة الفصل بين الشعر والثورة ؛ فالشعر نفسه هو فعل ثوري بالأساس: ثورةٌ ضد اللغة في سكونها وثباتها ومعانيها المحدَّدة سلفا؛ ورهانٌ على قوة الكلمة لتغيير الواقع، وصوت الضمير الصافي في وجه تلُّوث السلطة، أما إيقاعه فهو لِلَمْلمة ما تناثر منا في فوضى هذا العالم.
الشاعر عبد المنعم الكتيابى
يقول..
لم يحن الوقت بعد لرصد ظاهرة الكتابة بعد الثورة من حيث الدلالات والانعكاسات لواقع الثورة او ما بعدها هذا على صعيد الكتابة الإبداعية .. أما الكتابة في قوالبها الأخرى كالمقال مثلاً فهي أنشط الأشكال أثناء الثورة وبعد انتصارها .. واحتمل بعضها مهمة التوثيق أو سرد الأحداث؛ وقد برزت بعض هذي المقالات في كتب تم نشرها وأخرى – حسب علمي – تحت الطبع ..
اما ما يخص الكتابة الإبداعية فأشهر ما ارتبط بالثورات فيها الشعر غناء او نشيداً، وهنا نلاحظ ضعفاً في ًالمنتج الأدبي إذ معظمه كُتب براغماتيا لخدمة تحريك الشارع ومعظمه بالعامية الموغلة في يوميتها؛ وبالأخص ذاك الذي كان عفو الخاطر ونتاجَ تعالي الحماس أيام الاعتصام مع توفر الحس الثوري والاستعداد الفطري للإنتاج وارتبط بقدرة منتجيه ومهاراتهم في استخدام التقنية فحولوه إلى كليبات مصورة مصحوبة بالتفاعل الحي من جماهير الثورة .. وربما ننتظر قليلاً حتى تجد كتابات مكتملة النضج فنياً حتى يتم تقييمها نقدياً سواءٌ كانت شعرا أو قصة او رواية مستلهمة أجواء الثورة أو ترشح في جسدها ملامح الثورة .. ولابد لذلك أن يحدث في خضم التغيير الذي ستحدثه متغيرات الأحوال بعد استكمال الثورة أدواتها والتحرر من قبضة السلطة الذاتية التي كرسها القمع في العقود السابقة .. ولا أعني هنا الكتابة في موضوع الثورة، ولكن أعني أثر التغيير في تحرير الأفكار أيا كانت لتنتج إبداعات يحمل ميكانيزمات التحول إلى عالم مفتوح.
ياسر عوض مدير قناة الخرطوم:
تساءل
أين مسرح الثورة؟
اعتادت الشعوب أن تصوغ فنونها من حركة وصيرورة الواقع حولها، وشكلت الأحداث الجسام والكبيرة كالحروب مادة حية لكتابة التاريخ وحفظه في أعمال فنية وأدبية خالدة .. فرواية الحرب والسلام ظلت خلال عقود ملهمة لآلاف الكتاب والأدباء والشعراء والمسرحيين والسينمائيين ' كما أن رائعة تشاركز ديكنز قصة مدينتين وثقت لفترة تاريخية مهمة في حياتي الشعب الإنجليزي والشعب الفرنسي .. كذلك بؤساء فيكتور هيجو …. الخ
مضيفاً: لا يمكن فصل حياة الشعب عن حركة فنونها . في السودان ألهمت ثورة أكتوبر المنتج الفني في ما يمكن تسميته بالمرحلة الاكتوبرية؛ والذي تمظهر بالأغنيات الكبيرة التي هي نتاج أشعار احتفلت بالثورة، وكتابات غاصت في لحمة البناء الفني لتلك المرحلة التاريخية . هذا على المستوى الغنائي، أما على مستوى الفنون البصرية فلا يمكن أن نصف المنجز إلا بعبارة؛ أنه لم يرتق لعظمة الثورة آنذاك، وهذا ليس قفزاً على المرحلة التاريخية وتحميلها محمولاً لم تكن مهيأة له، وربما تلاحق الأحداث السياسية بعدها حرم ثورة أكتوبر من التعبير بصرياً عن تلكم المرحلة .
ثورة ديسمبر – بالتأكيد – شكلت خطاباً بصرياً كبيراً منذ بدايات الحراك .. وكبير هنا تعني الكمية وليس النوعية. وهذا – بالتأكيد- لتطور وسائل التواصل وغلبة البصري والدلالي في الوصول سريعاً للمتلقي وقدرته على اختصار الفكرة وتكثيفها .
الفنون المسرحية هي من الفنون البصرية التي تحتاج صناعتها لزمن كافٍ حتى تصل ذروة تعبيريتها؛ لذلك لا يمكن الحكم على مرحلة تاريخية معينة إلا من فترة تاريخية تعقبها بزمن ووقت كاف للدراسة المتأنية ثم الحكم والتقييم .
تجربة ثورة ديسمبر مسرحياً لا يمكن الحكم عليها الآن لأن الوقت ليس كافياً .. وهذا الكلام أيضاً ينسحب على الأدب بشكل عام .
الناقد عزالدين ميرغني قال :
من الصعب أن نقول بأن الثورة أنتجت أدبها لأن الرصد يدخل في باب المنشور وليس الشفاهي المتداول بين الناس، أو في الأسافير . ولأن الزمن ضيق على الكتابة إلا بعض الشعارات. ويمكن القول بأن الشعر هو الذي عبر عن الثورة ما قبلها وما بعدها لأن انفعاله وقتي. عكس القصة والرواية. ولكن ظهرت رواية جديدة . عن الثورة بعنوان رصاصة حية وهي أول رواية للصحفية عرفات كردويش؛ وهي تحكي عن أحداث فض الاعتصام . وهي لم تدشن حتى الآن نسبة لتطورات مرض الكورونا. قد تكون هنالك مشاريع كتابة سردية مختمرة، ولكنها لن تظهر إلا بعد مدة وأكيد ستكون مميزة.
الناقد عبد الماجد الحبوب : الإبداع السوداني الديسمبري ضخم ومتفرد وبديع..
يقول الحبوب منذ انطلاقتها اتسمت ثورة ديسمبر بتراكيب ومنحوتات مفرداتية وتعبيرية خاصة بها اكسبتها هوية ثورية مائزة. من الصعب إحصاء هذه المنحوتات والتشكيلات اللغوية المبدعة، على وجه دقيق. ولكن لمحة عامة لها لتدل على تمظهر سمات عديدة للغة البديلة المضادة وعلى تجلٍ راندوكي بهي وجميل فيها.. صار هذا التجلي جزءاً من كيمياء هذه الثورة ذاتها.. مرفوداً ببعض الوصف والتحليل بناءً على ما تقدم ذكره.
المفردة أو العبارة/دلالتها..
تكاد تختصر الوجه اللغوي للثورة كله.. تمتاز بالإيجازية الشديدة، والوضوح التام والاكتناز الدلالي الثوري الضخم.
مقاومة بنية سلطة النظام والعمل على هدمها بالكامل وسريعاً، وكسر لغته المطنبة التي كانت تحاول جاهدة المحافظة عليه. وأضاف؛ أن شعار
حرية..سلام..وعدالة
شعار مبدع.. في إيجازيته وإيقاعه واتساع معانيه بحيث صار مرجعاً للثورة تحاسب به نفسها ويُطالَب قادتها بالرجوع إليه متى ما انحرفوا..
وأكد أن من أبرز ما ميز لغة الثورة إطلاق لقب "شفاتة" على الثوار الشباب الذكور، ولقب "الكنداكات" على البنات الثائرات. شفاتة ترمز للشخص الذي يمتاز بالقوة والذكاء والشراسة، فيما ترمز الكنداكة للملكة النوبية الأم في مملكة مروي السودانية القديمة.
وأشار إلى أن الإبداع السوداني الديسمبري كان ولا يزال ضخماً ومتفرداً وبديعاً، وفي حاجة لدراسات كثيرة لرصده ووصفه وسبر مجاهله البعيدة ورمزياته المكثّفة العديدة. وعلى نحو خاص، واختتم حديثه مشيراً إلى أن يولي الدارسون السودانيون وغيرهم، كل حسب طاقته ومجاله واهتمامه، أهمية خاصة لتجليات ديسمبر في نواحٍ مثل القرافيتي والتشكيل والرسم والشعر والغناء والموسيقى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.