ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوسلو : وطَني لَو شغِلتُ بِالخلدِ عَنهُ راودتني اليه !
ايليا أرومي كوكو
نشر في الراكوبة يوم 19 - 08 - 2021

أوسلو : وطَني لَو شغِلتُ بِالخلدِ عَنهُ راودتني الية الحنية و الاشواق و جاحات تانيه حامياني !
دعوني هنا استعير هذا البيت المترف بحب الوطن من قصيدة أمير الشعراء احمد شوقي المعبرة عن غريزة حب الاوطان في كل الجنس البشري و الانسان السوداني ما قد كان .
وطَني لَو شغِلتُ بِالخلدِ عَنهُ نازَعَتني إِلَيهِ في الخلدِ نَفسي
هنا تبرز زروة حب الوطن في الوجدان الانساني لكل البشر في كل الكون . و يقولون الانسان ابن بيئته و هو عاشق و محب لتراب و أرض المكان الذي وجد وولد فيه . و سيظل المهد و مكان ميلاد هذا الانسان اياً كان هو الوطن العزيز حيث الولادة و ذكريات مراتع و مرابع الطفولة و الصبا أحلي مكان لكل انسان في كل زمان . و لا غرابة في صراعات البشرو مجاهداتهم و حروبهم لأجل الاوطان . فالوطن مكان مقدس عند الناس جميعاً و في سبيله تهون الارواح و المهج فداء و شهادة . و هذا لا يستثني دين و ملة او طائف و جماعة ما في كل الامم و القبائل الامصار في قبل الكون الاربعة . نحن نولد في وطن و نتمني العيش و الحياة الكريمة في هذا الوطن كما نرغب و نأمل بأن نموت و ندفن في تراب الوطن الحبيب العزيز .
في يونيو حيزران من العام 2002 م كنا ثلة من المسيحيين السودانيين ( مجلس الكنائس السوداني ) في ضيافة مجلس الكنائس النرويجية في العاصمة اوسلو . فقد درجت مجلس الكنائس النرويجية من وقت الي اخر علي استضافة السودانيين من مختلف الكنائس و الطوائف المسيحية الممثلين في مجلس الكنائس السودانية . النرويج و عاصمتها اوسلو الشهيرة بالقمم و المبادرات الوفاقية و اتفاقات السلام التي توقع فيها و تقدمها لمناطق الصراعات و الحروب في العالم . فقد ظلت هذه الدولة او المملكة الاسكندافية الصغيرة ترفد العالم و لاسيما بوأر الصراعات في افريقيا و اسياء بأغصان الزيتون تحملها حمائم السلام . و معروف عنها الادوار الكبيرة التي لعبتها في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي و لقاء او قمة اوسلو الشهير بين الزعيم الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين عام 1993 .هذا اللقاء الذي رشح عنه و توج اتفاق أوسلو للسلام بين الفلسطيينين و الاسرائيليين .
و نحن في السودان نكن لمملكة النرويج العظيمة مودة خاصة و حب شديد لأدوارها و اياديها البيضاء في السودان الكبير قبل الانفصال و بعدها . و الكثيرين منا بالطبع يتذكرون المبعوثة النرويجية للسلام في السودان الجميلة الانيقة هيلدا جونسون و ما قامت به من ادوار . هذه الهليدا جونسون كانت المهندسة و الرئيسية الظلية في اتفاقية السلام في 2005م . هذا السلام الذي اوقف اطول الحروب في افريقيا و العالم . كما للنرويج اعمال كبيرة في التنمية لاجتماعية لشتي البلدان و الدول و هي سباقة في تقديم المساعدات و المنح لمناطق الكوارث عبر العالم . فللمملكة النرويج التحية و التجلة و لها العرفان للجميل الذي تقوم به للبشرية جمعاء دون تمييز .
اما حكاية زيارتنا و رحلتنا الجميلة المتفردة من نوعها الي النرويج فستبقي ذكري في عالم النسيان عالقة في الركن القصي من الذهن و المتخيل عصية علي السرد و الحكي . كنا بصحبة نفر عزيز اخوات و اخوة كرام لن انسي ما عشت تلك اللحظات و الايام الجميلة الشيقة التي قضيناها معاً . منهم أخي و صديقي الحميم غاندي خليل اللين و القس الراحل صمويل و جرميا و والاخت ان و اخرين لا يسعفني الذاكرة الخربة علي ذكر اسمائهم . لهم مني عاطر التحايا و اشواقي الكثيرة الحارة و الدافئة بدفء حرارة أوسلو تلك الايام و تلكم الذكريات فلهم العتبي حتي يرضوا . كلهم اخواني و اخواتي الكرام من جنوب السودان كما تفضلت كان ذاك قبيل انفصال السودان . و كنا جميعاً نحلم صادقين بوحدة السودان هذا الوطن الكبير العظيم بلد الميلون ميل مربع الوطن الحدادي المدادي البلد القارة الذي كان يسعنا جميعاً بسعة الصدر و مبدأ قبول الاخر و احترامة و تقدير انسانيتة و الاستعداد الكامل للعيش معاً بالاختلافات و التباينات التي اوجدنا الخالق عز و جل عليها . و كان الحلم مباح ومستباح غير مشروط الا بأشتراطات المواطنة الحقيقة الكاملة و المساواة في الحقوق و الواجبات لكل السودانيين بالوان طيفهم العريض . لم تكن تلك البديهيات الابجديات من المستحيلات الصعبة العصية درجة تؤدي الي تجزئة الوطن و تقسيمة و انفصال أي جزء منه ذلك لو توفرت الارادة السياسية الحرة القوية ووجد الرأي السديد و الحكم الرشيدة و الحاكم العادل .
طرنا من مطار الخرطوم الدولي ذات صباح من ذاك اليوم التاريخي العظيم بالنسبة لي ، حلقنا باكراً علي جناح طائرة اللوفتهانزا الالمانية رد الله غربتها بعد غياب طالها عن سماء الخرطوم . كانت طائرتنا و بالاحري اسطولنا الجوي الذي سبح في الفضاء السوداني فوق مجري النيل شمالاً عابراً المدن السودانية الشمالية عطبره ، كريمه ، دنقلا ، حلفا القديمة مسترجعة شريط التواريخ و حضارات الحقب السودانية و معالمها الاثرية البجراوية ، الكرمل . توقف بنا الزمن فوق حلفا القديمة مذكرة ايانا بالارث و الحضارة السودانية الضاربة في عمق التاريخ البشري بنحو خمسة الف عام و هو اقدم الحضارات الانسانية علي الاطلاق . تلك كانت و لا تزال و ستظل واحدة اعرق و اعظم حضارات العالم قديمه و حديثة و لكنها و يا للأسف تم دفنها و طمرها بمياه بحيرة اسوان او السد العالي . أظن و لا أظن بأن كل الظن أثم بأن طمر و دفن الحضارة السودانية بالمياه يعد جريمة كبري بحق الانسان و التاريخ و الحضارات العالمية . و سيأتي يوم في المستقبل القريب او البعيد ينصف فيه التاريخ و الانسان و الحضارة الانسانية المظلومة في السودان .
حلقنا فوق السد العالي او بحيرة الناصر او اسوان و حلفا ان شئت بين الدهشة و الاعجاب و في خواطرنا تسألات حيري لا تحتاج الي اجابات لنحط محطتنا الاولي عند مطار القاهرة الدولي . الارحة او الاستراحة ساعة من الزمان قضيناها هنا و من ثم عاودنا التحليق مجدداً فوق سماء البحر الابيض المتوسط عباب المياه و طلاطم الامواج بالامواج سفن و اساطيل فوق المتوسط في رحلات الذهاب و الاياب في عرض البحر الكبير . لنشاهد جزيرة مالطا او صقلية و ايطاليا و و الجزر و من ثم جبال الالب في سويسرا الي مطار فرانكفورت العالمي بألمانيا هذا المطار الكبير هو بمثابة مدينة منفصلة بمعني الكلمة . فهو يعج بجانب كثرة الطائرات الكبيرة و كثرة البشر بكل السحنات و الملل و الالوان و الاعراق اقوام من كل الجنس البشري ستجده هنا في مطار فرانكفورت . و ان اردت اطفال نساء كبار السن و الشباب من الجنسين كل في عجلة من أمره . الكل هنا مسرع مستعجل نحو غايته و علي عجل من أمره زحمة ناس و زحمة الوان زحمة افكار في تجليات الزحمات . لبسنا لأكثرمن من الثلاث ساعات بالمانيا و تمتعنا أي امتاع بأجواء هذا البلد الجميل تراودنا افكار شتي و مقارنات و مقاربات لا مكان لها بين واقعنا وواقع العالمين ما وراء البحار و المحيطات . و ظللنا في وجوم من أمرنا تتخبط عقولنا و أذهننا الفوارق و البون الواسع الشاسع من تطور و تقدم و رفاهية الانسان في هذا الجانب منالكون بينما في الجانب من العالم من حيث اتينا يهرب الشباب اليانعين من أوطانهم ممفضلين الموت الكريمه في المتوسط بدلاً عن الحياة المذلة في أوطانهم فأوطاننا أضحت بالنسبة الي الشباب الطوحين التواقين الي المستقبل المشرق الزاهر . أضحت هذه الاوطان مقابر للأحلام و مدافن للكرامة الانسانية .
ففي ديارنا يقيم و يستوطن ثالوث الفقر و الجهل و المرض و كل توابع و تداعيات هذا الثالوث المرعب الرهيب من تخلف و جوع و صراعات و حروب و دواليك .
استبدلت طائرتنا اللفت هانزا القادمة من السودان بأخري أقل حجماً و بعدد ركاب أقل و هي الطائرة التي ستقلنا رأساً الي اوسلو محطة رحلتنا الاخيرة النرويج .و حتي لا ننسي كانت الرحلة من السودان غاية في المتعة و الاسترخاء م عدا دوران الرأس اصتاكاك الاذان و الشد في الاعصاب و بعض من تداعيات السفر جواً . لكن المضيفات الالمانيات الجميلات الرشيقات الانيقات الباسمات المقتدرات في عملهن استطعن ان يزلن تعب السفر . انا أصفهن و اشبههن بملائكة الرحلات او ملائكة السفر ان شئت فقد كنا الدواء الشافي لداء السفر بكلماتهن و خدماتهن المتوالية قد أضفن للسفر بعدا اخ و أنسينا المرء رهق و تعب الطيران في الفضاء الجوي .
بعد سفر جوي طويل و شاق هطت بها الطائرة اخيراً في مطار اوسلو الدولي و هو مطار يقع بعيد عن مدينتنا المقصود أوسلو . تم الاستقبال و استقلينا عربات كانت في انتظارنا رفقة المضيفين الذين رحبوا بنا ترحاب حار . اجواء النرويج في تلك الفترة كانت شبه الحار بالنسبة لأهل البلد الحرارة ما بين ال 15 درجة الي ال 20 درجة اما النسبة لنا كسودانيين قادمين من قلب افريقيا النابض فقد كانت شبه معتدلة او دافئة .لكن بالنسبة لي شخصياً كان الجو سخناً اقرب الي جو السودان فانا اتصبب عرقاً في أي درجة من الجوي تتعدي العشرين درجة مما جعل الخواجات انفسهم يستغربون حالتي . الطقس في النرويج طقس متقلب علي مدار الساعة و ممكن جداً ان يتساقط المطر بدون مقدمات لا سحب و لا رعد و الشمس في كبد السماء .حالة الجو المتقلب دائماً ففي أي وقت تداهمكم رياح و عواصف ثلجية باردة . النهار في منطقة القطب الشمالي في اشهر الصيف هي مايو يونيو و يوليو حيث يكون النهار طويل يمتدد الي اكثر من العشرين ساعة بينما الليل قصير جداً و هو أقل من الاربعة ساعات .
حراك الناس الشوارع و الازقة مستمر طول اليوم ذهابهم و ايابهم من اعمالهم لا يتوقف . وقت النوم و الراحة شأن خاصة ينظمه الفرد حسب ظروفه . فالحياة هنا لا تتوقف علي قياس الزمن بالليل و النهار و الانسان هنا هو الذي يتحكم في اوقات عمله و راحته و نومه . علي هذا المنوال يتم برمجة حياة الانسان في هذه الناحية الشمالية من الكون البعيد . اذا فالبشر هنا يعملون كل الاربعة و عشرون ساعة في اليوم لخمسة ايام في الاسبوع عدا يومي العطلة الاسبوعية بالسبت و الاحد . الحدائق و المتنزهات و الميادين العامة و المتاحف و المكتبات و المتاجر والبقالات السوبرماركت و المطاعم و الكافتيريات و كل سبل راحة الانسان و رفاهيتة منشرة و متوفرة في كل مكان . فأنت لا تحتاج الي حاجة او خدمة صغيرة او كبيرة الا ووجدتها عند او بالقرب منك علي مرمي حجر . الشتاء موسم البيات الشتوي لأهل البلدان الاسكندافية فية تشل الحركة تماماً و يقبع الناس داخل بيوتهم بجواء النار او الدفايات و في كل بيت لابد من فرن حرار كهربي او دفية تقليدية تعمل بالحطب فكل البيوت تعلو اسقفهم المداخن . في هذه الاوقات تخزن كل الاسرة كل المستلزمات من الاغذية و ضروريات الحياة اليومية . فصل الشتاء قارص جداً حتي للطبيعة في الخارج الثلوج تسيطر سيطرة تامة علي كل المظاهر من الاشجار الطرقات الشوارع و تغطي اسطح البيوت و الساحات و الميادين و تتوقف الحياة الخارجية تماماً .
من بعد هذا الفصل يرجع دوران الحياة لتري كل الناس هنا علي عجلة من أمرهم مسرعين راكضين مستعجلين كل الي وجهته و عمله يحسبون الزمن بالدقائق . و هن افقط سيتأكد لك تماماً أهمية الزمن عندهم و ستعرف مدي حقيقة و معني القول المأثور عندنا ( الوقت من ذهب اذا لم تقطعه قطعك ) هذا هو العكس كله لأهمية الزمن في السودان فالساعة السودانية تختلف عن كل الساعات في كل العالم فمعشر السودانيين لا يكترثون بالزمن و لا يبالون بالوقت و المواعيد لذلك تجدنا متأخرين متخلفين بسنين ضوئية عن العالم الاخر لأننا نؤمن بالوقت و الميعاد السوداني . فكل شيئ عندهم مربوط و مرتبط بالزم ون الساعة في العمل و الانجاز و الاجر كله محسوب بالدقيقة و الساعة بالدقة .
تم ترتيب جدول برنامجنا في النرويج بجدولة مقسم علي الفترة التي سنقضيها هناك . زيارات لكبريات الكنائس و الكاتدرائيات و المعابد الشهيرة المعالم الرئيسة و المتاحف التاريخية و كل الاماكن الاثرية ذات العلاقة بالتاريخ النرويجي و الحروب القديمة . كما الاماكن السياحية داخل أوسلو و بعد المدن الكبيرة في مملكلة النرويج فهم هنا يهتمون بتاريخ بلدهم و يبذلون الجهد الكبير للتحدث عنه و حكيه لكل من يزورهم في بلدهم بهو و بعزة و افتخار شديد عن امجاد الاباء و الاجداد و كل الشهدء من بذلوا الارواح و الدماء في سبيل الحرية و الاستقلال . كما يحدثونك عن العلماء و الادباء و الفنانين و في شتي دورب الحياة ما قاموا به و قدموا لبلدهم و الاجيال . كما يحدثونك عن نظام الحكم الديمقراطي عندهم و الاحزاب الكبيرة التي لا تزيد عن الحزبين او الثلاث حزب بالكثير كما عن المملكة و الملكة الحالية و كل الحكام و الملوك و الامراء السابقين و مأثرهم الايجابية كما عن سلبياتهم و اخفاقاتهم .
جبنا و جلنا في كل النرويج جنوباً و شمالاً بالطول و العرض و ابحرنا في سفينة او يخت كبير في عمق بحر الي حدودها القريبة من السويد . و السويد هو الوجه الاخر للنرويج تاريخياً و جغرافياً و بشرياً فهي تبدو قريبة جداً من النرويج في كل الملامح و الشبه فللبلدين تاريج و جغرافية و مصير شبه واحد و للشعبين علاقات و روابط قوية من الالفة و التواصل الحميم . تحاورنا مع النرويجيين في ورش عمل كبيرة كانت معدة سابقاً و تناقشنا كسودانيين في مشاكلنا في تلك الفترة لا سيما قضايا الوحدة الجاذبة او تقرير المصير و الانفصال لجنوب السودان و كانت الحوارات ساخنة و محتدمة بين الاخوة الجنوبيين فيما بينهم من في الداخل تحت الحكومة السودانية و الجنوبيين في الخارج او المنضويين في الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة الدكتور جون قرنق اتيم . كما تناقشنا حول قضايا جبال النوبة و النيل الازرق و اتفاقية سويسرا للسلام في جبال النوبة التي مهدت فيما لتوقيع اتفاقية السلام الشاملة بين الحكومة السودانية و الحركة الشعبية لتحرير السودان . فقد تم استضافتنا في الوزارة الخارجية للنرويج في ضيافة وزير الشئون الخارجية في جلسة طويلة من نقاش و حديث مثير ذو شجون .
كما اسلفت فبالنسبة لي كانت تلك الرحلة هي الرحلة الاولي الي خارج السودان بعكس كل الاخوة الاخرين فقد سافر أغلبهم و قاموا بزيارات كثيرة الي أوروبا و الدول الافريقية او الولايات المتحدة الامريكية و ربما الي استراليا . فبالبرغم من الزخم الكبير و الاحتفاء و المتعة الكبيرة من الجولات و البرامج الشيقة من الترفيه و السياحة و كل سبل الراحة و الامتاع النفسي و البدني الروحي . بجانب المناظر الجميلة الغلابة من بحار و انهر و مياه المحيط و اجواء الطقس و السحب و الشمس و الغيوم و رزاز المطر و كل ما تزخر به هذه المملكة الصغيرة الغنية المترفة من العمارةو الصناعة و الزراعة و الرعي و الالبان . البنايات العالية الشاهقة و التقدم المدني و الانساني في كل مجالات و نواحي الحياة الرياضة و الثقافة و التراث و المجد . و من الجانب الاخر الخضرة الممتدة مدي البصر من الزهور و الورود و الحسن و الجمال في الوجوه النيرة لحسنوات أوسلو . فالنرويج التي تتميز دون غيرها من دول أروروبا بحسن و جمال الانسان و المرأة علي وجه الخصوص . فلكل هذا و تلك من الاغراءات و المباهج و اللذات الدنيوية و النفسية الانسانية كل هذا الكم المفرط الزايد الترف لم ينسنا و لو لحظة او برهة من الزمان التفكير في السودان . فقد ظل الوطن في المخيلة لظة بلحظة دون ان يبرح السودان عنالا ذهان و لم يبعد الخرطوم و الابيض في كردفان ساعة عن خاطري . فقد كنت تواق وغاية من الشوق للرجوع و العودة الي الوطن . في هذه شاركني كل الاخوة الهوي و الجوي و الشوق العارم لأنتهاء الفترة و العودة الي السودان .
المدهش في الامر هو ان النرويجيين كانوا يتوجسون خوفاً و متربصين بنا . فقد كانوا يظنون و يشكون كان شكهم كله أثم كانون يخشون و يشكون بأمكانية هربوا او اختفاء بعض الافراد من المجوعة الزائرة . ذلك لحدوث حالات كثيرة سابقة في مثل هذه الزيارات و الاستضافات التي قاموا بها قدومها لدول افريقية او اسيوية مختلفة حدث فيها هروب و اختفاء لبعض الافراد في ظروف غامضة جداً . لكنهم استغربوا عندما أحسوا ببعض اللملل و الضجر و طلب البعض منا بأختصار فترة الزيارة و البرامج الي اسبوعين بدلاً عن الثلاث اسابيع المخصصة في جدول الزيارة . نعم ابدو استغرباً و دهشهً فأفصحوا عن تلك المخاوف و التوجسات التي كانت تراوداهم بفرار و هروب البعض منا . من جانبنا أكدنا لهم اشواقنا الكبيرة للرجوع و العودة الي السودان و في اسرع وقت أن امكن . تلك كانت مفارقة ادهشتهم و ادخلتهم في حيرة من أمرنا ، كيف يكون شوق السوداني في أوسلو للعودة الي الخرطوم . و كادوا ان يقولوا لله في خلقه شئون .
تلك الزيارة و الرحلة الحالمة احسبه واحدة من رحلات أبن بطوطة في أدب الرحلات فكلما جالت بخاطري انتشت روحي و سرت العافية في بدني و استعدت ايام شباب الزهية التي التي ولت لأقول لنفسي ليت الشباب يعود يوماً فأحدثه ما فعل المشيب . لكن هيهات هيهات ان تدور الساعة الي الوراء . لكنني من ناحية اخري استغرب جنون الشباب هذه الايام و ركوبهم مراكب الموت و الانتحار مع سبق الاصرار في عرض البحر الابيض المتوسط فراراً من جهيم الحياة في اوطانهم . ليت الحكومات في اوطاننا الافريقية تبذل القليل من الجهد لجعل الحياة في هذه الاوطان ممكنة و جاذبة للشباب ذلك بتوفير سبل الحياة الكريمة من الاستقرار للشباب بأيجاد سبل التعليم المتقدم و توفير فرص العمل النوعي و الدخل الجزي و المسكن المريح و من ثم الزاوج و بعض من اسباب الرفاهية ما أمكن الي ذلك سبيلاً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.