كشفت صحيفة الصيحة الصادرة أمس الأحد، عن تزايد ظاهرة وجود أطعمة وأصناف ساندوتشات تباع في بعض الأسواق والطرق بأسعار زهيدة في حدود30 200 جنيه فقط، في حين يصل السعر الحقيقي لنفس الأطعمة إلى1000 جنيه. وأشارت الصحيفة إلى أن معظم تلك الأطعمة مصنوعة من لحوم كيري غير خاضعة للضوابط الصحية، يستغل أصحابها الوضع المعيشي للزبائن ويطرحونها بأسعار مخفضة للغاية. وأكدت جولة الصحيفة على أسواق الشعبي وليبيا أم درمان ومايو جنوب الحزام، وجود فوضى في الذبح، وأن مطاعم تستخدم لحوم دجاج نافق وتبيع الأطعمة بأسعار لا تتناسب مع أسعار الدجاج بالأسواق. وكشفت الصحيفة عن استخدام الدجاج النافق في صناعة الشاورما والأقاشي.. من نذر هذه الحادثة وعظاتها أنها تنذر بمدى الزلزلة والخلخلة التي بدأت تنخر في البنية الاجتماعية للمجتمع، كما تعيد للأذهان حكاية (الله كتلا) التي كشفها تحقيق استقصائي مميز نشرته قبل أعوام جريدة التيار، وقد أثار يومها مصطلح (الله كتلا) الذي كان عنوانا للتحقيق، استغراب كثيرين سمعوا به لأول مرة، غير أنني لم أكن من بينهم، فأنا أعرفه منذ حداثة سني بل وأعرف أن البعض لظروف الفقر المدقع التي يعجزون معها حتى لتوفير وجبة (كسرة بموية) أو (عصيدة باشنقو جافة) يقتاتون ويعيشون على هذه ال(الله كتلا) ليبقوا على قيد الحياة، وللذين لا يعرفون هذا المصطلح فانه ببساطة يعني الميتة أو الفطيسة، ويبدو أن اطلاق مسمى (الله كتلا) على هذه الحيوانات النافقة هو محاولة من آكليها لاقناع أنفسهم بجواز أكلها وبأنها حلال بحجة أن الله هو من قتلها وليس سبع أو ضبع، وبهذه المناسبة تحضرني عبارة الامام الصادق المهدي رحمه الله (مبارك استعجل فأكل الفطيسة ولم ينتظر الذبيحة) التي هاجم بها مبارك الفاضل عندما فرز عيشته من حزب الأمة والتحق بالسلطة في منصب مساعد الرئيس في وقت سابق، ولكن مبارك لم يهنأ حتى بأكل الفطيسة، بينما رد آخرون غاضبون على المهدي عبارته متهكمين بالقول اذا كان مبارك قد أكل الفطيسة من قبل، فماذا أكل ابنك عبدالرحمن الذي شغل ذات المنصب الرئاسي الذي شغله من قبله عمه مبارك، وعلى كل حال يبقى ما أوردناه عاليه أحد المدلولات والوجوه المؤسفة التي تستبطنها عبارة (الله كتلا) وهي قضية الفقراء والفقر المدقع الملجئ الى أكل الفطيسة اضطرارا، اذ لا يعقل أن يركل شخص مائدة ممدودة أمامه عامرة بالمحمر والمشمر من صيد البر والبحر، ويذهب الى أقرب كوشة فيجر من بين ركامها فطيسة ليستلذ بالتهامها، فهؤلاء الذين يكابدون ضنك الحياة وبؤس الحال حين يعتاشون على ( الله كتلا) فانهم يعرفون سلفا أنها فطيسة وان لم يأكلوها سيفطسون..المشكلة الأخرى التي تستبطنها العبارة وتطال آخرين من غيرالعالمين ببواطنها، الذين قد يكونون طعموا من (الله كتلا) واستمتعوا بها دون أن يعلموا أنهم تغدوا أو تعشوا بفطيس، فتكشف عنها أخبار سابقة تتحدث عن ضبطيات لكميات مهولة من الدجاج النافق والمريض، منها ما تم طهيه وأصبح جاهزا للتوزيع على منافذ البيع، ومنها أخرى معدة للطهي، هذا غير الكميات الأخرى الكبيرة من الفراخ النافق التي تتسرب غفلة الى أرقى البقالات والمولات، نتيجة لضعف الرقابة الصحية والبيطرية من جهة، وعدم احكام عملية الفرز عند الذبح مابين الفراخ الحي وذاك الذي نفق بسبب التدافع، فيختلط حابل الحي بنابل النافق ويذهب الكل الى بطن المستهلك المسكين، بحسب افادة سابقة لاختصاصية بيطرية كانت (شاهد شاف كل حاجة)، والشاهد هنا أن هذه القضية ذات شقين، شق يتعلق بارتفاع مستوى الفقر كما ونوعا واستغلال بعض عديمي الضمير لهذا الوضع، بينما يتصل الشق الاخر بانخفاض وتدني مستوى الرقابة الصحية والادارية. الجريدة