نحن دولة فقيرة ونتطلع لنتحول الى دولة غنية مثل أميركا وغيرها من بقية الدول الغنية، فهذا يجعلنا نعيش حياة افضل، ولكن هذا التحول لن يتحقق بالأمنيات وإنما بالعمل، والعمل يجب أن يسبقه تفكير وبحث وتخطيط، فالعمل بلا بحث وتخطيط هو ضرب من ضروب العشوائية. في مجال البحث عن الأسباب التي جعلت أمريكا دولة غنية والسودان دولة فقيرة، يقول بعض المفكرين في علم السياسة والاجتماع بأن التوجه المبكر نحو الحقوق وبناء المؤسسات واتاحة الفرص للمواطنين بدون محاباة من الأسباب الرئيسية التي قادت امريكا للغنى والعظمة. التوجه نحو الحقوق بدأ باكرا جدا في أميركا، في القرن الثامن عشر استخدم سكان أمريكا الانتخابات كوسيلة لاختيار ممثليهم في المجالس العمومية، ثم تطورت حركة الحقوق بصورة مطردة مع الايام، واستطاع هذا التوجه ان ينجو باستمرار من المطبات والانتكاس بما في ذلك نجاته من الحرب الأهلية الاميريكية، هذا المسار الطويل والمستمر نحو الحقوق المدنية والحريات العامة والمساواة صنع أمريكا الراهنة، وجعلها دولة مؤسسات، وأغنى وأقوى دولة في العالم. في مجال توفير الفرص سمح على سبيل المثال في القرن السابع عشر بحقوق الملكية الفكرية في أمريكا، مثلا تم اعتماد براءات الاختراع لتشجيع الموهوبين على الاختراعات منذ ذلك القرن البعيد. براءات الاختراع ساووت بين جميع المخترعين سواء كانوا من الطبقة الفقيرة او الغنية. توماس اديسون مكتشف المصباح الكهربائي والفونوغرام ظهر في ذلك العصر وكانت أسرته فقيرة فلم يستطع إكمال الدراسة، ولكنه وجد ضالته في براءات الاختراع، اذا كان يخترع الشيء ويبيعه ليساعد اهله، تم تسجيل عدد 1500 براءة اختراع لتوماس اديسون لوحده. التنافس الشريف بين الاختراعات المتتالية هو الذي صنع الثورة الصناعية واطلق العنان لاوربا وامريكا لتتحول إلى بلدان غنية وقوية. لنستفيد من هذه السيرة التاريخية لامريكا، علينا ان نعمل على زيادة المشاركة السياسية عبر الانتخابات، وعلى فتح الفرص للشباب عبر تحفيز الاختراعات والابتكارات وتشجيع الشركات والمنظمات والحكومات على شراء الاختراعات والاستفادة منها في معالجة المشاكل المحلية التي تواجه الصناعة والانتاج، وخاصة في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني والمعادن وغيرها. الحكومة عليها ان تنشر ثقافة الانتخابات، قانون الانتخاب يجب أن يكون دستور معلن في السودان وينص على أن لا يتم تقلد اي وظيفة عامة كبيرة كانت او صغيرة من الوزير إلى الغفير الا بالانتخاب، لو كان هناك ثلاث أشخاص فقط ويحتاجون لقيادة يجب أن يتم اختيارها من بينهم بالانتخابات، زرع بذور الانتخابات سوف يعلم الناس ثقافة احترام الاختلاف وثقافة تقبل القيادات الجديدة. تسنم القيادة بالانتخاب نفسه يجب أن لا يكون مفتوحا، بل يجب ان يضبط بأن تحدد فترة شغل كل وظيفة بالانتخاب سواء كانت رئيس دولة او رئيس حزب او وزير او مدير مصلحة الخ لفترة واحدة فقط، وأن لا يشغلها الشخص مرتين على التوالي او مرتين مدى الحياة . الهدف الذي يصنع الدول الغنية هو السعي نحو توطين الديمقراطية، وتدريب الناس عليها، توطين التبادل السلمي للسلطة، وتدريب الناس عليه، خلق قيادات جديدة باستمرار ومنع وجود قادة دائمين، وتعويد الناس على هذا الامر، هذا هو الطريق الذي سلكته أمريكا فاصبحت دولة عظمى. [email protected]