تعهد رئيسا المجلس السيادي والحكومة في السودان، الثلاثاء، بالحفاظ على مسار "الانتقال الديمقراطي" في البلاد وحماية الفترة الانتقالية، عبر التعاون بين المكون المدني والعسكري للوصول إلى تحول ديمقراطي يلبي طموحات الشعب السوداني، في أعقاب إحباط محاولة الانقلاب العسكري التي شهدها السودان. واتهمت الحكومة السودانية، من وصفتهم ب"فلول" نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، بالتورط في محاولة الانقلاب، فجر الثلاثاء، والتي أعلنت إحباطها، وسط تقارير عن القبض على أكثر من 300 من عناصر الجيش السوداني المشاركين في تلك المحاولة. الجيش السوداني، أعلن، في بيان، أن 21 ضابطاً وعدداً من الجنود على صلة بمحاولة الانقلاب، اعتقلوا، مشيراً إلى أن هناك عمليات جارية للقبض على بقية المتورطين في المحاولة، في حين أكدت مصادر عسكرية ل"الشرق" اعتقال 300 ضابط. العميد الطاهر أبو هاجه المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش السوداني، أكد أن "القوات المسلحة استعادت السيطرة على جميع المواقع التي استولى عليها المتورطون في محاولة الانقلاب". مصدر عسكري سوداني قال ل"الشرق"، إنه تم نقل المتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب، إلى السجن الحربي والأمن العسكري، لافتاً إلى أن المحاولة "قامت بها مجموعة عسكرية مساء الاثنين، سعت إلى السيطرة على مبنى الإذاعة الرسمية في مدينة أم درمان المتاخمة للعاصمة الخرطوم"، "لكنهم فشلوا". وذكرت مصادر حكومية ل"الشرق"، أنه "لا تزال هناك بعض الأطراف هاربة، وعملية البحث عنهم جارية". رئيس المجلس السيادي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، زار، الثلاثاء، سلاح مدرعات الجيش بمعسكر الشجرة جنوبي الخرطوم في أعقاب محاولة الانقلاب، حيث أكدت تقارير، أن المحاولة أشرف عليها ضباط في سلاح المدرعات، مؤكداً أنه حتى اللحظة لم تثبت صلة أي مجموعة بمحاولة الانقلاب. البرهان في زيارته، عبر عن تحيته للضباط والجنود، وشكرهم على ما وصفه ب"حكمتهم في التعامل مع الأحداث". وشدد البرهان على أن المجلس السيادي، "يعمل على حراسة الفترة الانتقالية بكل قوة وحسم"، وأضاف: "نتعاون وفق شراكة مع المكون المدني للوصول إلى تحول ديمقراطي يلبي طموحات الشعب السوداني". "تقويض المسار الديمقراطي" من جانبه، قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، إن محاولة الانقلاب رتبتها عناصر من داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، معتبراً أن تلك العناصر سعت إلى "تقويض المسار الديمقراطي" الذي تشهده البلاد، بحسب تعبيره. وذكر حمدوك خلال رئاسته لجلسة طارئة لمجلس الوزراء، أن محاولة الانقلاب "سبقتها حالة من الانفلات الأمني، شهدتها بعض المدن السودانية، خاصة شرقي البلاد"، مؤكداً أن "جهات عسكرية تابعة لفلول نظام الرئيس السابق عمر البشير"، هي من خططت لمحاولة الانقلاب. حمدوك شدد على أن محاولة الانقلاب "كانت تستهدف الثورة وتسعى لتقويض المسار الديمقراطي"، لافتاً إلى "القبض على المسؤولين عن ذلك الانقلاب"، ومتوعداً في ذات الوقت ب"محاسبة الضالعين فيها". وأوضح رئيس الوزراء السوداني، الذي يقود في البلاد في مرحلة انتقالية، أعقبت الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، بعد احتجاجات شعبية في أبريل 2019، أن "القبض على أشخاص أثناء محاولة الانقلاب، يستدعي كشف الحقائق كاملة للشعب السوداني ومحاسبة كل الضالعين من العسكريين والمدنيين". وأشار حمدوك، إلى أن المحاولة جاءت في "أعقاب انتعاش اقتصادي بدأت تشهده البلاد مؤخراً"، ما يستدعي "تعزيز دور وزارة المالية وتوجيهها لتحسين الأوضاع المعيشية"، داعياً مكونات الشعب إلى "دعم الحكومة الانتقالية لمواصلة الانتقال بكل شفافية". وبيّن أن الحكومة والأجهزة المختصة ستتخذ الإجراءات المناسبة لمواصلة الانتقال وتفكيك نظام "30 يونيو" في إشارة إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي "مازال يشكل خطراً على الانتقال الديمقراطي"، وفق تعبيره. ردود فعل دولية وفي أول رد فعل دولي على محاولة الانقلاب، أعربت دول الترويكا (الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة والنرويج) عن دعمها القوي لعملية الانتقال الديمقراطي في السودان بقيادة المدنيين، ورفضها لأي محاولات لعرقلة أو تعطيل جهود الشعب السوداني لإنشاء مستقبل ديمقراطي وسلمي ومزدهر. وطالبت الدول الثلاث في بيان، نشرته السفارة الأميركية بالخرطوم على فيسبوك، بأن "يعمل المكونان المدني والعسكري وجميع الفاعلين السياسيين معاً، لمنع التهديدات التي تواجه الانتقال الديمقراطي، وإنشاء مؤسسات انتقالية، ومعالجة التوترات في الشرق والمناطق الأخرى". وأضافت، "يجب على أولئك الذين يسعون لتقويض عملية الانتقال التي يقودها المدنيون أن يفهموا أن شركاء السودان الدوليين يقفون بحزم خلف شعب السودان وحكومته الانتقالية". إدانة أممية رئيس بعثة الأممالمتحدة في السودان "يونيتامس" فولكر بيرتس، عبر عن إدانته بشكل قاطع، لمحاولة الانقلاب، مضيفاً في بيان نشره الحساب الرسمي للبعثة على تويتر، أن "الأممالمتحدة تدين أي محاولة سواء أكانت انقلابية أو غير ذلك لتقويض عملية الانتقال السياسي الديمقراطي والطبيعة التعددية للدولة كما جاء في الوثيقة الدستورية". وعبّر فولكر عن رفض الأممالمتحدة أي دعوات للقيام بانقلاب عسكري، أو تبديل الحكومة الانتقالية بحكم عسكري، مجدداً التزام الأممالمتحدة المستمر بتقديم المساعدة والمشورة والدعم للحكم المدني الشامل في السودان. وأكد البيان الأممي على "ضرورة استمرار جميع أصحاب المصلحة بالالتزام بالعملية الانتقالية الشاملة وتحقيق تطلعات الشعب السوداني نحو مستقبل سلمي ومستقر وديمقراطي".