نظراً لقرار حكومي سابق يرمي إلى إنشاء بورصة ذهب في ظل جو اقتصادي ملتهب تعيشه البلاد، وتكمن أهمية ذلك في الحد من عمليات تهريب الذهب الذي فقدت الدولة السيطرة عليه طيلة السنوات المنقضية، ويظهر التعويل على لسان اقتصاديين أنه سيؤدي بلا شك إلى فك الاختناقات والأزمات الخدمية والمعيشية التي ظل يعاني منها الشعب كثيراً، في يونيو الماضي من العام الجاري، كشف مسؤول حكومي، عن شروع البلاد فعلياً في تأسيس بورصة للذهب والمعادن الأخرى لأول مرة في تاريخها، وقال وكيل وزارة المعادن، عبدالله كودي إن اللجنة الفنية بمجلس الوزراء أجازت أمر تأسيس بورصة الذهب والمعادن، وأكد في تصريحات نقلتها وكالة السودان للأنباء الرسمية، أن العمل في إنشاء بورصة الذهب يسير بصورة طيبة، وتابع: يأتي ذلك استجابة لقرار اتخذته الحكومة الانتقالية في وقت سابق، بإنشاء بورصة للذهب والمحصولات الزراعية ضمن مساعٍ للسيطرة على الموارد المهمة والاستفادة من عائداتها. بينما يكمن التحدي الأكبر في سعر الصرف الذي أثر بشكل مباشر على الاقتصاد القومي بعد بيانات ظهرت نتائجها على الواقع منذ انفصال جنوب السودان في العام 2011 حيث يُعتبر سبباً رئيساً في تأزيم قضايا الوطن بعد أن تراجعت حصة بترول السودان بنسبة 70%، ليتحمل تلقائياً تبعات ذلك المواطن، حيث اشتد غلاء المعيشة مما زاد من معاناة الناس بالأخص في معاشهم من "مأوى وعيش وملبس"، كل هذا تجسده الحالة الاقتصادية الماثلة في البلاد. كيفية تنفيذ البورصة قال الأمين العام لشعبة مصدري الذهب، عبدالمولى حامد القدال: نحن من أنصار أن يكون سعر الذهب بنظام الدفع المقدم والحصائل تأتي مقدماً قبل تصدير الذهب، وطالب بتتسهيل إجراءاته من مناطق الإنتاج إلى مكتب الخرطوم لتجهيز المقابل المحلي لذلك، وبالتالي المبالغ المحولة تصب في مصلحة الدولة، وشدد على ضرورة خروج الشركات الحكومية من مناطق الإنتاج وكافة التدخلات، وقال: نطمح في أن يكون دور بنك السودان المركزي ريادياً يضع القوانين والتشريعات ويراقب البنوك ويتابع حركتها، ويضيف عبر حديثه ل(اليوم التالي) أن البورصة العالمية تحتاج إلى عدة ثوابت وتشمل تحديد سعر الصرف وثباته لذلك لا بد من توحيده على أساس أن تكون الأسعار مستقرة وبناءً على ذلك يجب تحديد إنشاء بورصة للذهب، وتساءل قدال في ظل تقلبات سعر الصرف هل عملت الدولة على توفير مطلوبات البورصة العالمية؟، وطالب الجهات الرسمية التي أصدرت قرار إنشاء البورصة بضرورة توضيح عبر مؤتمر صحفي وكيفية تنفيذ البورصة وشكليتها، لكنه قال إن البورصة في ظل الاقتصاد الحر مفيدة جداً خاصة أنها تعمل على إراحة التجار في التعاملات، وناشد الدولة بعقد ورشة يدعون فيها خبراء البورصات العالمية لأخذ آرائهم لمناقشة العديد من الاستفهامات، بيد أنه يرى أنها في ظل أوضاع السودان لا تحقق أي هدف طالما سعر الصرف غير موحد، وأشار إلى وجود سعرين للصرف في السودان بين البنك المركزي والسوق الموازي والأخير لم ينتهِ بعد لجهة أنه قال قبل أسبوعين: كان الفرق 30 دولاراً من 445 إلى 475. مصلحة الحكومة فيما طالب رئيس اللجنة الاقتصادية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك، الدكتور حسين القوني، بأن تكون هناك دراسة جدوى اقتصادية وبيئية مشاركة فيها كافة الجهات الرسمية ذات العلاقة والقطاع التعديني المتمثل في (الإنتاج، التسويق، التصدير، شركات، أفراد، بنك السودان)، ولفت إلى أن إنشاء البورصة فيه مصلحة للحكومة لما لها من فوائد متعددة لصالح الدولة والاقتصاد والميزان التجاري وتوفير النقد الأجنبي لأغراض الاستيراد ومقابلة الالتزامات بالعملات الحرة، وأكد على أن البورصة ستحد من عمليات تهريب الذهب ذلك وأن عمليات الشراء والبيع فيها ستكون بناءً على الأسعار العالمية وعليه لن تكون هناك أية مكاسب مالية للمهربين وبالتالي ستتوقف عمليات التهريب. محاربة التهريب وعدد القوني في إفادته ل(اليوم التالي) أن أهم الفوائد متمثلة في (وقف التهريب وبالتالي وقف نزيف موارد الدولة وزيادة حجم الصادرات قيمة ونوعاً، تحسين الميزان التجاري، توفير النقد الأجنبي، تقليل الاعتماد على السوق الموازي الأسود، خفض سعر العملات الحرة مقابل الجنيه السوداني، خفض أسعار مدخلات الإنتاج المستوردة). وقال: سيكون هناك انخفاض في الأسعار والتضخم وتحسين فرص منتجات الصادر في المنافسة في الأسواق العالمية، وأوضح أن البورصة ستؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي ومحاربة التهريب وتحسين وضع الميزان التجاري وزيادة دخل الدولة مما يساعد على زيادة قدرة الدولة على تقديم خدمات عامة أفضل. ارتباط وثيق يقول المحلل الاقتصادي والأكاديمي، بروفيسور عصام الدين عبدالوهاب بوب، إن بورصة المعادن والذهب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكل البورصات في أي بلد، متقدم أو نامٍ، وبالتالي تكون فيها المضاربات وتقنين العرض والطلب حسب رغبات البائع والمشتري، ويعتبر بروف عصام الدين عبر حديثه ل(اليوم التالي) أنها واحدة من أهم الأدوات الأساسية لحركة رأس المال الضرورية لتحريك الدورة الاقتصادية، ويضيف: بطبيعة الحال الارتباط بين البورصات العالمية والقومية يعطي أقرب سعر حقيقي للسلطة حسب الطلب العالمي، ويؤكد في نفس الوقت أنها بمثابة فرصة للمستثمرين الأجانب للدخول إلى البلاد، واصفاً الوضع الاقتصادي الحالي بالحرج والفوضوي ولا توجد سياسات مستقرة بالنسبة للأداء الحكومي لدرجة انعدام الثقة تماماً في أن تكون هناك سياسات داعمة للمنتج، ويرى أن هذا سيؤثر في أداء البورصة السودانية الحالية وهي ليست بمعزل عن أي كيانات جديدة مثل بورصة المعادن، ويشدد على ضرورة انفتاح المصارف على العالم لتسهيل التداول الاقتصادي والحكومة تدرك ذلك جيداً وأن نجاح البورصة المقترحة يرتبط بذلك الانفتاح.
تلاشي السوق السوداء في وقت عزا فيه الباحث الاقتصادي، الدكتور هيثم محمد فتحي، لعدم تمكن السودان من السيطرة على عائد صادر الذهب لأكثر من عشر سنوات، وقلل بفضل إنشاء بورصة للذهب يعمل على وقف نزيف عمليات التهريب الذي بسببه فقد السودان أطناناً عديدة من الذهب طيلة سنواته الماضية، وشدد هيثم في تصريح ل(اليوم التالي) بضرورة فك احتكار التصدير الذي كانت تسيطر عليه الدولة عن طريق بنك السودان المركزي خاصة وأن تحديد أسعار غير مرضية للمنتجين يجعل تدفق الذهب السوداني إلى الأسواق الخارجية لا يتم بانسيابية تامة وطرق مؤسساتية، وأكد أنها لا تسهم في دعم الاقتصاد الوطني بشكل كبير بدعم موارد حرة حقيقية وبالتالي لا يحد من عمليات التهريب الذي يشكل 80% من إجمالي الإنتاج، ويبين أن تحرير شراء وبيع الذهب عبر البورصة يمكن أن تكون مساهمة الذهب مقدرة جداً في تنمية وتحسين الاقتصاد السوداني خلال المستقبل القريب، وتابع قائلاً: ستؤدي بلا شك إلى فك الاختناقات والأزمات الخدمية والمعيشية التي ظل يعاني منها المواطن لسنوات طويلة ماضية، وذكر أن إنشاء البورصة سيعمل على التساوي بين السعرين العالمي والمحلي، وبالتالي لن يكون هناك سوق سوداء للذهب في السودان، وتوقع بأن يكون هناك تعامل وفقاً للسوق العالمي فقط الذي تتحكم فيه قوة العرض والطلب العالمية. اليوم التالي