الشعب أرهقته حياة " المجابدة " والمكابدة والجري خلف " العيشة والرغيف" ومن أجل لقمة العيش "المابتتلحق" ، أصبحت معظم الايام مرهقة والمشوار لا يريد أن تتقلص مسافاته المتمددة في حياة لم تعرف الا المعاناة. ولا نبالغ إن قلنا إن معظم البيوت السودانية انتقلت من حالة الفقر الى مرحلة شظف العيش، فقد اصبحت الاساسيات المهمة في بلادنا ترفا وتقلصت الوجبات الرئيسية الى واحدة .. ورغم تلك الصورة المؤلمة تخرج الملايين تنادي بالحرية وتندد بالانقلاب،لقد عرف الشعب السوداني قيمة الوطن والحرية ، فقد ولدت علاقة أكثر نضجا ووعيا في قلب الشعب جعلت العالم من حولنا يقف مبهورا بهذا الوعي الجماعي …انه حب الوطن سنوات طويلة عاشها السودان المظلوم المسروق المنهوبة ثرواته ، تحت الحكومات العسكرية المتعاقبة فماذا قدمت الدكتاتوريات الفاشلة منذ الاستقلال وحتى تاريخ اليوم غير التفكك والفشل والانحطاط فلماذا لانكره الانقلاب؟ :- 1- اقتصاد مدمر لايعلم معنى التطور ولا النهوض ،فظلت اسباب الفقر والجوع تلازم عمر الوطن منذ استقلاله ولم تتمكن كل الانقلابات أن تبادر بتخطيط ايجابي يرفع حال الوطن والمواطن. 2- فساد إداري متجذرهدم كل المؤسسات الوطنية وجعل منها ملكية خاصة للحكام يفعلوا فيه ما يريدون ، فحين تغيب شفافية الاعلام وصدقه الذى أصبح بسبب الدكتاتوريات مكبلا مقيدا ومكمما وموجها لمصلحة الانقلاب . 3- طال الفساد منظومة التعليم، فظل السودان يعاني من عدم توفر كوادر متعلمة ولم يستفاد من المتعلمين في توجيه الحياة من أجل التعمير نحو البناء ولم تمنح الانقلابات المادة التي تدرس أهمية ولم تخضع المناهج التعلمية للدراسة والتمحيص وفاقد الشىء لايعطيه 4- انتشرت مع الانقلابات المحسوبية والواسطة كانت هي السلطة التى تعين من تشاء ولاتلتفت الى امكانياته وكفاءته، وقد أدى ذلك الى هروب الشباب والكوادر الناجحة خارج الوطن. 5- لم يحظى السودان بعلاقات خارجية لها تخطيط لخدمة الوطن أولا، فجلبت لنا السياسة العسكرية العداء مع دول الجوار واختلقت بغباء سياسي كثير من المواقف الضارة بمصلحة البلاد 6- لا شك إن الانقلابات سلطة غير شرعية ، فهى مثل اللص الذي يقتحم منزلا من أجل السرقة فالهدف المهم هي أن تحقق هذه الانقلابات مصلحة خاصة فقط وتسعى في سبيل ذلك الى إحاطة نفسها بأرباب المصالح ليس حبا فيهم ولكن للحفاظ على كرسي الحكم مهما كان الثمن. 7- لايبني الانقلاب حياة حضارية متميزة تسعى الى التطور والابداع ولا يشجع المواطن على الانفتاح نحو العالم ومواكبة حركة التطور الصناعي ..الخ 8- يخلق الانقلاب مفهوم متخلف في المؤسسة العسكرية بأن المدنية هي العدو اللدود للعسكرية، وماكانت مهمة المؤسسة العسكرية الا حماية للوطن والمحافظة عليه من الأخطار الخارجية . 9- يركز الانقلابيون على المركزية في الحكم ولا تمنح الاقاليم الا الإهمال وبما أن الحكم العسكري لايسمع الا صوته فقط فتظل الاقاليم منسية تماما. للأسف نرى البعض يرتضي بالحكم العسكري الانقلابي وهم أصحاب المصالح " شعب كل حكومة " فمثل هؤلاء لا تهمهم مصلحة الوطن ولا يعنيهم إن تقدم .. أو تأخر " حفظك الله ياوطن"