المتابع للمشهد السياسي السوداني يلاحظ القبول الكبير لشخصية رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك ، منذ ترشيحه لتولي هذا المنصب من قبل قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) ، وذلك بعد إن رأى الناس فيه المؤسس وقائد التحول نحو سودان بكرة وسودان المستقبل قبل التراجع الكبير في شعبية الرجل بعد 21 نوفمبر 2021 . لو قمت بعمل استبيان عن شخصية الرجل لوجدت كثير من الايجابيات ، وربما لم يخلو سجله من السلبيات أيضاً ، لكن الراجح عند أهل السودان أن الفرصة كانت عظيمة لتحقيق كثير من المكاسب، بفعل كثير من العوامل منها ماهو مختص بالمرحلة فالثورات تهب كثير من الدول فرص عظيمة في التحول الديمقراطي الذي يعمل على تحقيق كثير من النجاحات في المجالين الاقتصادي والسياسي ، وهذا يتحقق عن طريق محاربة الفساد والمحاباة والتمكين ، ومنها ماهو مختص بالرجل نفسه لماوجده من ترحيب دولي كبير خاصة من أمريكا والدول الغربية . تمتع الرجل بمكانة كبيرة على الصعيد الخارجي من تلك الدول ، وربما تحس أن هناك أريحية في التعامل مع الرجل من جانب تلك الجهات ، وتشعر تلك الدول بثقة كبيرة فيه لقيادة السودان بعيداً عن الانهيار الاقتصادي وحكم الدكتاتوريات . كان الرجل يمتع بثقة كبيرة في نفسه خاصة في الجانب الاقتصادي ، وهذا ماعضد الاهتمام العالمي الكبير من الدول المؤثرة كما أسلفنا . وربما سبب ذلك أن هذه الدول وجدت في الرجل كثير من الجوانب الإيجابية للتعامل معه فحقق الرجل كثير من النجاحات التي كانت تتضح يوماً بعد يوم . أمتلك الرجل على المجال الشخصي مايحسده عليه كثير من السياسيين ، كثير من الخصال أهمها الهدوء الشديد الذي كان يتعامل به ، وأنه كان يتمتع بكثير من الدبلوماسية التي ربما أكتسبها على مدار سنوات من خلال المواقع والمناصب التي شغرها والترفع عن الصغائر وبعد الرؤية ، وعدم التعامل بردود الأفعال ، كان الرجل يحترم الكل حتى من يختلف معه ، وبنفس الصورة التي كنت أخذها عن الرجل من بعيد ، لم يختلف ذلك عندما قابلته عن قرب في مؤتمر جامعة الخرطوم واصراره على تحية كل من كان قريب معه في القاعة . هذا إلى جانب خبرته الاقتصادية التي جاء بها يحمل بشارات الأمل لشعب السودان وإن كان البعض عاب عليه بطئه الشديد في القرارات . تدافع الناس نحو"القومة لك ياوطن" استجابة للرجل كل حسب إمكانياته، وحلم كثير من الناس معه بوطن الازدهار والتنمية والصناعة والرفاهية ، ونظروا له على أنه رجل العبور والانتصار . تغنى الكثير من الناس ب"شكراً حمدوك" وإن كان هذا الشعار هو الأساس الذي اتخذه أعداء الرجل هدفاً ، فالملاحظ أن بعض الناس كانوا أكثر غيظاً عند ترديد هذا الشعار ، وكان كثير الاستفزاز لهم ، حتى أنك لتحسب أن مشكلة هولاءعبارة "شكراً حمدوك" مما جعله يتعرض لمحاولة قتل ، رغم أن هذه الظواهر كانت بعيدة من الحياة السياسية السودانية. كانت مشكلة أعداء الرجل أن يسمعوا "شكراً حمدوك" هذه لأنها كانت تعني لهم نجاح الرجل وهم الذين كانوا يسابقون الزمن لتحرير شهادة فشل الرجل في منصبه كانت أسباب هذا العداء تتمحور في أن نجاحه كان سيعكس الفشل الذي تميز به عهدهم بصورة كبيرة وجلية من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وخطواته الحثيثة في طريق إعفاء ديون السودان . كانت هناك بعض السياسات في مسيرة الرجل قد رسمت بعض علامات الاستفهام والمتمثلة في عزل د. أكرم وزير الصحة ود. البدوي وزير المالية ، لكن رغم قناعات الناس بهذين الوزيرين والرأي الذي كان يرى عدم عزلهما ، إلا أن حمدوك لم يتضرر من تلك القرارت كثيراً . رغم ذلك ربما أنك تحس بالحرب المنظمة ضد الرجل من هذه الفئة المعينة منذ الفترة الأولى لتوليه منصب رئيس الوزراء ، فكانت تلك الجهات تتربص بالرجل وتنتظر اللحظة المناسبة للقضاء على الرجل وإبعاده من خانة اللاعب المؤثر . كانت القاصمة التي قصمت ظهر الرجل هي تفرق"قوى الحرية والتغيير" المجلس المركزي " وشباب المقاومة الذين كانوا قبل أيام يحملون صورة الرجل في المواكب التي تتسيد الشوارع ، كانت مواكب الثلاثون من أكتوبر خاصة تحمل صور الرجل وكأنها كانت لعكس شعبية الرجل. ربما كان ذلك سبب بهجة تلك الفئة التي عادت الرجل منذ الوهلة الأولى بأن وصلت لهدفها بصورة أكبر مما تتوقع بأن جعلت مؤيديه ينفضوا من حوله . لايختلف الناس أن الرجل عمل بمثابرة وصبر شديدين وكان يؤمن بما يفعله بصورة كبيرة ،قصد الرجل في تعييناته التحرك نحو الشباب والمرأة وراعى في تعييناته كثير من العلمية والتخصص . توفرت للرجل كثير من المقومات التي كانت ستقود البلاد نحو تحقيق الكثير من الانجازات .وتلك الجماهير التي حملت صوره في المواكب كانت مستعدة للزود عن الرجل ، بالرغم من أن ماحدث يوم 21 نوفمبر كان صدمة للكثير من شباب الثورة ولم يجدوا سبباً أو تفسيراً لما حدث . هذا بالرغم من أن الرجل ربما كانت له أسبابه القوية لما قام به ، ولم تكن في توقعاته أن يتخلى عنه شباب الثورة . لكن الراجح أن برحيل حمدوك فقد السودان فرصة كبيرة وفقد حمدوك نفسه فرصة أعظم في تسجيل أسمه في سجل الخالدين ، لتحقيق الكثير لنفسه ولوطنه وربما كان سيكون رقماً كبيراً في القارة الأفريقية والمنطقة العربية . لكن تفسير ذلك أن الجهة التي أعلنت الحرب على الرجل منذ الوهلة الأولى عليها أن تحاسب نفسها هل كانت هناك أسباب قوية لحربها مع الرجل أم هي أسباب واهية أضرت بالرجل وبالوطن ، و الإجابة بلأشك عند هذه الفئة التي أخذت على عاتقها تحرير شهادة فشل الرجل . ربما كان للسودان أن يلعب دوراً موثراً من خلال نجاحات د. عبدالله حمدوك في المجالين العربي والأفريقي ، وأن ينتقل لخانة المؤثر في هذه المنطقة بدلاً من أن يكون الوطن هو من يبحث عن الحلول لمشاكله السياسية والاقتصادية عبر الوفود القادمة عبر مطار الخرطوم أو الوفود المسافرة لدول الجوار تبحث عن سلام الداخل .