أصابت الدهشة الجميع وهم يستمعون لعضو المؤتمر الوطني سناء حمد وهي تتحدث في لقاء تلفزيوني عن أسرار ما حدث في ايام الثورة الأخيرة. قالت سناء حمد ان الامين العام للحركة الإسلامية الزبير احمد الحسن كلفها بالتحقيق، وضع خطين تحت كلمة التحقيق، كلفها بالتحقيق مع قادة الأجهزة العسكرية والأمنية الذين عزلوا البشير من السلطة في 11 ابريل/2019 . ليس غريبا ان يبحث حزب سياسي في اسباب سقوطه من الحكم بثورة وانحياز الجيش لها، الغريب هنا ان يقوم هذا الحزب (بالتحقيق) مع الجيش الذي عزله!! والاغرب ان هذا التحقيق تم بالفعل، كما ذكرت هذه المرأة بعظمة لسانها وعلى الهواء مباشرة، حققت مع ضباط الجيش والامن الذين أعلنوا خلع البشير!! لا يا صديقي انت لم تسمع خطا، حقق المؤتمر الوطني مع الجيش والامن بعد انتصار الثورة عليه، وقال لهم لماذا دعمتم الشعب ولم تدعموا المؤتمر الوطني؟!! والمدهش فعلا، ان هؤلاء الضباط العظام في الجيش والامن، قبلوا بالتحقيق، ليس هذا فقط، بل ووقعوا على شهاداتهم مكتوبة لهذه المرأة وهذا التنظيم !! أعلم أن الجيش والامن السوداني كانوا في هوان في عهد الكيزان، ولكنني لم أكن أتوقع أن يكون الهوان لهذه الدرجة، التي تجعلهم ينحنون امام حزب اسقطته الجماهير بثورة خالدة لن تمحو اثارها السنوات. يتعرض المرء للتحقيق حين تفرض عليه ذلك قوة اكبر منه، أو قانون رسمي، لكن ان يتم التحقيق مع ضباط الجيش والامن من حزب ساقط بثورة شعبية، فهذه لا معنى لها سوى تفسيرين: الأول ان هؤلاء الضباط ينتمون لهذا التنظيم وبالتالي قوة التنظيم اكبر منهم ويحق لها التحقيق معهم، أو ان هؤلاء الضباط من المهانة والصغار درجة ان يفعل بهم المؤتمر الوطني ما يشاء، وهو ساقط لتوه بغضب الجماهير الثوري!!. ما لم تذكره سناء حمد، هل شمل التحقيق قائد الدعم السريع حميدتي ام لا؟! من أخطر ما ذكرته سناء حمد ان الذين خلعوا البشير من الضباط، قالوا انهم لم يخلعوه إيمانا بالثورة، والمدنية والحرية والعدالة، وانما خلعوه استباقا لحدوث انشقاق في الجيش!!! هذا الجيش كلما أحسنت فيه الظن، وجدت نفسك اكبر المغفلين، هذا الجيش كلما وثقت فيه، خانك في وضح النهار، هذا الجيش عقيدته في الحفاظ على نفسه اكبر من الإيمان بالوطن الحر المدني الذي يتمتع فيه الشعب بالعدالة والمساواة، وجيش بهذه المواصفات، من العار ان يكون جيش السودان. انقلاب الجيش على الحكومة المدنية الانتقالية، موقفه من الاتفاق الاطاريء، وإطلاق عناصره الحرب الحالية لعرقلته، رفضه للسلام واعلانه منذ الان عن السيطرة على الحكم بعد الحرب، كلها مواقف تثبت كيف ان هذا الجيش كارثة تحيق بالسودان وأهله، وها هي سناء حمد بتحقيقها هذا تسقط ما تبقى من خرقة بالية تستر هذا الجيش وتركته امام الكل عاريا من الكبرياء، عارا على الوطن، وسبة للسودانيين .