ما الرابط بين الحكم على عادل إمام بالسجن بسبب عمل فني وقرار سياسي - اقتصادي بفسخ اتفاق تصدير الغاز الطبيعي المصري الى اسرائيل، او زيارة المفتي علي جمعة للمسجد الاقصى؟ منطقياً، لا رابط بين هذه الاحداث سوى انها نماذج مما تعيشه مصر من تناقضات في المرحلة الانتقالية. في موضوع عادل إمام يتجلى انتقام الاسلام السياسي ويؤشر لمرحلة تتحول فيها مصر دولة دينية يقوم عصبها على تطبيق متشدد للشريعة. وهذا يقود قرارات من نوع حذف القبل من الافلام المصرية القديمة التي شكلت معلماً ثقافياً في الحياة المصرية والعربية المعاصرة. والخوف ان يقود هذا المنحى، في حال استمراره، الى شطب أي معلم ثقافي يعود الى فترة ما قبل الاسلام. وتكشف قضية عادل إمام عن مأزق يتخبط فيه الاسلام السياسي منذ اقترابه من السلطة عبر ما يسمى "الربيع العربي". ويتجسد هذا المأزق في عدم امتلاك الحلول العملية للمشاكل السياسية والاقتصادية التي تعانيها مصر. والتشدد في تطبيق الشريعة كما تدل تجربة "طالبان" في افغانستان لا يؤدي الى حلول وانما الى انفجار. والمثل الاقرب الى مصر هو السودان الذي قاد فيه تطبيق الشريعة الى حرب اهلية بين الشمال والجنوب أدت في النهاية الى انفصال الجنوب. فضلاً عن ذلك، ما هو الامر المميز الذي ستقدمه مصر ما بعد "ثورة 25 يناير" عن مصر مبارك اذا كانت بداية العهد الجديد تقوم على قمع حرية التعبير والرأي الآخر؟ وبقدر ما تثير محاكمة عادل إمام من جدل ثقافي - سياسي في مصر، فإن قرار وقف تصدير الغاز الى اسرائيل ينم عن تصحيح سياسي لخطأ ارتكبه انور السادات قبل اكثر من ثلاثين عاماً. ويتشكل حول هذا القرار اجماع في الوجدان المصري الذي يرفض "التطبيع" الشعبي مع اسرائيل على رغم وقوف مبارك 30 عاماً حارساً على معاهدة كمب ديفيد. وسط هاتين المفارقتين اللتين تعيشهما مصر، أتت زيارة مفتي مصر للمسجد الاقصى لتزيد المشهد السياسي المصري غموضا على غموض وتطرح الكثير من التساؤلات عن التوقيت وعن صوابية القرار في هذا الظرف. ربما بدا هذا الجدل طبيعياً في بلد عاش سباتاً سياسياً منذ رحيل جمال عبدالناصر. لكن الخطورة تكمن في ان يتجه الاسلام السياسي الاتي بمباركة اميركية، الى تركيز كل جهوده على الانتقام من رموز المرحلة السابقة فقط من غير ان يقدم مشروعاً حقيقياً للنهوض بمصر واعادتها الى دورها الاقليمي. وفي الطريق الى مثل هذا المشروع لا تساهم محاكمة عادل إمام او حذف مشاهد القبل من الافلام او اطلاق ضابط شرطة لحيته خلال الخدمة في تقريب مصر من الموقع الذي يجب ان تتبوأه. تيار