صحيح أن كرة القدم في نهاية المطاف ما هى إلا (لعبة) يحتفل بها الفائز ويحزن معها الخاسر ولكنها في المقام الأول تعتبر أقوى سفير للحراك السياسي في المجتمع العالمي. □ فالرياضة عموماً وكرة القدم على وجه الخصوص لها تأثيراتها الكبرى على الساحات السياسية والتي من شأنها أن تبعث برسائل إيجابية أو سلبية خلال إحدى التظاهرات الكبرى سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي. □ أذكر جيّداً في مونديال فرنسا عام (1998) وفي حدة توتر العلاقات الأمريكيةالإيرانية إبان حكومتي (محمد خاتمي) و (بيل كلنتون) بعد أن ظل الأخير يوجه خطابات مستمرة عن (السلوك الإيراني) واتهامه بكل المشاكل في المنطقة. □ في وسط تلك الأجواء المشحونة أوقعت قرعة المونديال كلاً من إيران وأمريكا في المجموعة السادسة وسادت أجواء من التحديات على الصحف العالمية والخوف في نفس الوقت من تلك المواجهة المثيرة التي لم تنفصل إطلاقاً من الشق السياسي. □ ولكن على غير المتوقع دخل لاعبو إيران الملعب وفي أياديهم (باقات ورد) تم إهداؤها لأفراد المنتخب الأمريكي وكانت الواقعة بمثابة رسالة ضمنية من الرياضة للقضية السياسية. □ يوم الأربعاء الثالث من أغسطس من العام الجاري استضاف فريق (سيلتيك الاسكتلندي) نظيره (هبوعيل بئر السبع) من الكيان الصهيوني في ذهاب الدور الثالث من دوري أبطال أوروبا. □ الرسالة التي قادها الجمهور الاسكتلندي يومها كانت قوية للغاية عندما تم رفع علم فلسطين بالحجم الكبير مدون عليه عبارة (فلسطين حرة) كتبت باللغة الإنجليزية هذا غير المئات من الأعلام الفلسطينية التي لوّحت بها جماهير النادي الاسكتلندي العريق. □ فالشاهد القوي من التصرّف المذكور هو التضامن القوي مع القضية الفلسطينية من قبل جماهير دولة (غير مسلمة) استغلت الرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص لإرساء مفاهيم سياسية تضامنية. □ وقبلهم بسنوات إستغل كل من الزعيم الإيطالي (بينيتو موسوليني) إستضافة بلاده لمونديال 1934 للدعوة لنظامه الفاشي وأهدافه وأفكاره بل أنه كان يقوم بتهديد لاعبيه (بالإعدام) في حالة عدم إلقائهم للتحية الفاشية قبل بداية كل مباراة وهو نفس ما أقدم عليه هتلر في أولمبياد برلين عام (1936). □ في العام (1976) قاطعت الدول الأفريقية دورة مونتريال الكندية بسبب التعامل مع جنوب إفريقيا (العنصرية وقتها) بعد أن قام منتخب الركبي النيوزلندي بجولة بجنوب افريقيا دون أن يجد العقاب فأعلنت (22) دولة افريقية عدم مشاركتها بالأولمبياد. □ تمر البلاد هذه الأيام بمنعطف تاريخي وهى تدخل في المرحلة الختامية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي ستسهم في منحها المزيد من الاستقرار ويدفع بعجلة التنمية للأمام بعد أن شاركت غالبية الأحزاب باستثناء (قلّة) في الحراك الوطني الحالي. □ في الجانب الرياضي كنا نتمنى أن تكون هناك أدوار جوهرية لكل من قطبي الكرة السودانية المريخ والهلال ولكن للأسف الشديد لم يتعد دورهما خط الدعوة (لتنوير) حول سير أعمال الحوار الوطني وإشادتهما بها دون أدنى تأثير أو فاعلية مع التأكيد على أن جمهور الناديين يمثّل أكبر حزبين في السودان. □ الرياضة عموماً غابت ورقتها من لجان الحوار الوطني (الست) على الرغم من تأثيرها القوي على النطاق السياسي. □ فالغياب المذكور يعبّر عن دور سلبي جداً لوزارة الشباب والرياضة (الإتحادية) في المقام الأول والاتحاد السوداني لكرة القدم واللجنة الأولمبية في المقام الثاني لأن كليهما لم يعكس دوره بفعالية تجاه الرياضة وتفرّغ فقط لصراعاته الداخلية وتركيزه على الاحتفاظ بالمناصب. □ الرياضة هى الأخرى كانت تحتاج لتكوين لجنة طالما أن اللجان الست للحوار الوطني شملت (قضايا الحكم وتنفيذ مخرجات الحوار والحريات والحقوق الإنسانية وتحديد الهوية والسلام والوحدة والإقتصاد والعلاقات الخارجية). □ فالرياضة تعتبر خير سفير لإرساء الكثير من المفاهيم وبعث رسائل إيجابية لتوحيد فكرة أو التسويق لنهج محدد يقود للوفاق الوطني ويقلل من داء العنصرية المقيت. □ حاجة أخيرة كده :: لعناية السيّد مدير الإعلام بولاية الخرطوم (علم السودان مقلوب) في دعوتكم للحشد الجماهيري.