قبل عام من الان حملت الادارة العامة للمرور اسباب الاختناقات المرورية لقلة التمويل ، وقال مدير الادارة العامة اللواء خميس ميانق ان ادارته لازالت تتحمل اخطاء الاخرين ، وفي بداية الربع الاول من العام الجاري خرج مرور الخرطوم بجملة من الخطط وقام بتحويل عدد من مسارات الشوارع الرئيسية بقلب العاصمة في محاولة لفك تلك الاختناقات التي باتت من ابرز معالم الخرطوم . وبالنظر سريعا الي البنيات التحتية التي انتظمت الولاية خلال الاعوام الماضية بلغت عمليات فتح الطرق وتشييد الجسور، تعبيد اكثر من 3000 كيلو متر من شبكات الطرق وانشاء اكثر من ستة جسور علي النيل وروافده اضافة الي تشييد عدد من الانفاق والجسور العلوية اضافة لاعمال التوسيع لعدد من الطرق ، غير ان الاختناق المروري ظل هو العلامة البازرة في العاصمة . والهاجس الاكبر لسلطات ولاية الخرطوم وشرطة مرورها والمواطنين الذين كتب عليهم تبديد الساعات زحفا في الطرقات في رحلة ذهابهم وايابهم طوال ايام الاسبوع . ومن الاشياء الفارقة لتلك الحالة التي اضحت شبه دائمة نجد ان حركة المرور تجد حظها من الانسياب موسمين وحسب الاحتفالات ففي اسبوع المرور العربي الاخير انسابت الحركة في شوارع العاصمة واختفت الاختناقات غير ان الصورة عادت سريعا الي حالها مرة اخري دون شئ يذكر ولم تسهم تلك التدابير . «مع الناس « خرجت الي قلب العاصمة للوقوف على الامر وعكس صورة كاملة للأزمة ، المحطة الاولي كانت شارع البلدية الذي وجد حظه من الاستراتيجيات التي اتبعت خلال الاعوام الثلاثة الماضية وتم تحويله الي مسار واحد ليعود مرة ثانية الي وضعه القديم دون اي حلول تذكر، وظل الازدحام والتكدس هو الثمة البارزة ليس للبلدية وحده فالاختناق المروري هو القاسم المشترك بين كل شوارع العاصمة مما يسهم في حالة من الارتباك بين اصحاب المركبات العامة والخاصة ويبدد ساعات ليست بالقليلة من زمن المواطن المغلوب ، خلال جولتنا وقفنا في العديد من الشوارع والجسور الا ان الصورة لم تكن الافضل من نقطة الي الاخرى ان لم تكن الاسوأ فجسر امدرمان الجديد المؤدي الي الموقف الجديد تتراص امامه الحافلات قرابة الاربع ساعات بغية الوصول الي نقطة نهاية رحلتها . ملامح الاختناق المروري بالعاصمة تبدأ باكرا لتبلغ ذروتها عند منتصف النهار وحتي غروب الشمس ، توقفنا مع عدد من المواطنين وبعض سائقي المركبات العامة لعكس وجهات نظرهم فمحمد علي سائق مركبة بخط سوبا الحلة لمدة عشر سنوات قال انه لم يشهد اختناقا مروريا مثل الذي يحدث هذا العام مما اعاق الحركة في العاصمة وقلل من دخل المركبات، واضاف بان شارع الحرية وشارع البلدية اكثر الشوارع تأثرا بالاختناق المروري اذ لايستطيع اي صاحب عربة عبورهما الا بعد ثلاث ساعات، و لا يري محمد علي اي مبرر لهذه الاختناقات ، الا ان بعض السائقين تحدثوا ل«الصحافة» معتبرين تغيير بعض خطوط الحافلات يقف وراء الأزمة المرورية الحادة لافتين الي انه سبب اساسي لتكدس العربات في وسط الخرطوم ، وبنبرة حادة بعض الشئ طالبت هنادي عوض موظفة باحدى المؤسسات الجهات المسؤولة ببث الوعي والكف عن الجبايات والنظر للمواطن بازدراء على حد تعبيرها ، واضافت « هذا لايعقل كنا نصل الي قلب الخرطوم من الثورة في نصف ساعة والان يمكن ان يبلغ عمر الرحلة ثلاث ساعات ويزيد الي اكثر من ذلك ، مشيرة الي ان الجهات المعنية بالامر عليها النظر لتنظيم الشوارع والاعلان عن تغيير مسارات البصات العامة قبل ترحيلها وكذلك النظر الي المواطن الذي يروح ضحية بسبب الاختناق المروري. لم نبارح قلب الازدحام بعد وتوقفنا عند احد السائقين يدعي حسن التوم بدا غاضبا للغاية، وقال بانهم يئسوا من شوارع الخرطوم التي لم يتم تخطيطها بصورة سليمة ومستدلا بضيق الشوارع و عدم وجود مصارف وبعض الطرق تعاني من اهمال واضح، واضاف ماذا تنتظروا غير الاختناق المروري، وطالب حسن المحلية بسفلتة الشوارع الداخلية وتنظيم حركة سير العربات العامة حتي يتمكن اصحابها من اداء عملهم ، واما الحاجة فاطمة التي التقيناها بالقرب من شارع الحرية والتي افادت بانها قامت باستئجار عربة اجرة من الموقف الجديد الي مستشفى الخرطوم بغية كسب الوقت الا انها سريعا تركت المركبة وقررت السير على ارجلها تفاديا للازدحام فالمركبة لم تتمكن من عبور الصينية بكبري الحرية . وفي شارع البلدية التقينا بسائق حافلة قال ان تحويل بعض خطوط النقل ادي الي تكدس الشوارع، لكنه اضاف ان بعض رجال المرور كان لهم فضل في تنظيم الحركة بتمرير بعض البصات واخراجها من الكبري الجديد وشارع البلدية غير ان بعضهم لم يتمكن من تنظيم حركة سير العربات نسبة لتداخل العربات في بعضها البعض ،وطالب الجهات المختصة بادارة المرور بتنظيم شوارع الخرطوم والوفاء بوعدهم للمواطن الذي قالوا له قبل شهر رمضان المعظم بان شرطة المرور جاهزة لتنظيم حركة المرور في الشهر العظيم ،واضاف اذا كانت هذه هي الشوارع في شهر رمضان وصمت ، ونحن بدورنا نكمل السؤال ما بال الايام القادمات وفي الطريق دفعات جديدة من الباصات وحتما عدد اخر من المركبات الخاصة .