أتى سريعا ذلك الوقت من العام الذي يشهد تحول المواسم. فلقد كنت أسمع في المجلات والكتب عن فصول السنة الأربعة، الصيف، الخريف، الشتاء والربيع، وكنت اتساءل، كيف يكون تغير الفصول؟ ووجدت ان الخريف هو من اجمل فصول السنة، فمنظر الأشجار والوانها تتغير يبعث على التأمل وعلى التسبيح بقدرة الخالق. فالأشجار تتشكل الوان اوراقها ما بين الأخضر والأصفر الذهبي واللون الأحمر الداكن. واكاد اقف امام الشجرة وانا أتعجب، يا لقدرة ربي، تبارك الخلاق فعلا فيما خلق. ولا يقتصر فصل الخريف على تبدل الوان اوراق الشجر، بل يبدأ الجو في التحول صوب البرودة الشديدة. فما ان اخرج احيانا حتى اجد الهواء باردا واشعر به وهو (يلفح) وجهي بقوة.. ولا اجد بدا من ان اشد الشال على كتفي وارفعه صوب وجنتيّ حتى اتمكن من سترهما بعض الشي،، واواصل السير في طريقي وانا افرك كفيّ حتى ابعث فيهما بعضاً من الدفء الذي احتاجه بشدة. ولكن هنالك تغير جديد طرأ على مدينتنا هذا الخريف، فلقد اعلنت الجالية السودانية بولاية ميتشغان عن زيارة شيخ الزين لها. فالجالية السودانية مكونة من مجموعة من اناس افاضل بدأوا في مشروع تعاون مع اخوة من الباكستان لبناء مسجد جديد بمدينة (كانتون) الواقعة بالولاية. وقامت الجالية بدعوة شيخ الزين لزيارة المسجد الناشيء. وفي يوم السبت الماضي، الثاني من اكتوبر 2010، كان اليوم الموعود، حضر شيخ الزين إلى المسجد وقام بإمامة الحضور، الذي ملأ الساحة، في صلاة المغرب ثم بعدها في صلاة العشاء.وقام شيخ الزين، ما بين الصلاتين، بتلاوة آيات كريمة من المصحف الشريف. لقد قام شيخ الزين، حسبما أذكر، بالتلاوة في صلاة المغرب بالطريقة السودانية بينما قرأ في صلاة العشاء الآيات بطريقة اقرب إلى المصرية او السعودية، وفي الحالتين، كان الصوت كعهدنا به دائما، جميلا ينزل على النفس بردا وسلاما ويبعث فيها نفحات من الطمأنينة والروحانية. لقد كانت زيارة شيخ الزين مفاجأة جميلة بالنسبة إليّ، فانا لم اعرف عن الزيارة، موعد اللقاء ومكانه، إلا في يومه. وسعدت كثيرا بمبادرة الأخوة في الجالية السودانية بدعوة الشيخ إلى ولايتنا وإلى جامعنا ،وسعدت اكثر بقبول الشيخ دعوتهم الكريمة. فالأخوة من الباكستان تحديدا نشطون جدا في المجالات الدينية ولديهم حضور قوي وأئمة زوار دائمون، وربما تكون زيارة شيخ الزين من اوائل زيارات الشيوخ السودانيين إلى المساجد بالأراضي الأمريكية، وهذه محمدة. وربما لم اتمكن من رؤية شيخ الزين او التحدث معه بصفة شخصية، لكنني ارجوه الدعاء لنا، نحن السودانيين في المهجر وفي الوطن، بان يوحدنا الله وان يحفظنا في ديننا ونفسنا وان يظللنا الله بظله يوم لا نجد إلا إياه. ربما كانت (لفحات) البرد على النفس في هذا الموسم قارسة، لكن (نفحات) الوطن التي هبت بزيارة شيخ الزين كانت، حقيقة، دافئة.